عدن عام 2023…عاصمة اليمن المؤقتة تغرق في مستنقع الأزمات
يمن مونيتور/تقرير خاص
شهدت العاصمة المؤقتة عدن خلال عام 2023.سلسلة من الأحداث المتعددة، تضمنت هذه الأحداث الاحتجاجات المتواصلة ومعاناة المواطنين جراء الحصار الذي فرضته ميليشيات الانتقالي.
منذ سيطرة ميليشيات الانتقالي على عدن في أغسطس 2019، عانت المدينة من تدهور في الخدمات وانهيار الاقتصاد وتراجع مستوى الخدمات الأساسية.
ونظم المواطنون خلال العام الكثير من المسيرات والاحتجاجات للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية، وقطعوا الطرقات وأحرقوا الإطارات احتجاجًا على تردي الخدمات وانقطاع الكهرباء بسبب نفاد الوقود.
واستمرت الاحتجاجات في عدن طوال العام، حيث اعترض المواطنون على تدهور سعر صرف العملة المحلية وزيادة الجرائم وضعف الأجهزة الأمنية.
عام الاحتجاجات
لم تتمكن شركة إنتاج الكهرباء التي يسيطر عليها مليشيات الانتقالي من توفير الطاقة إلا لحوالي أربع إلى ست ساعات يوميا للعديد من سكان العاصمة المؤقتة.
وفي شهر مايو، حذرت المؤسسة العامة للكهرباء من توقف جميع محطات توليد الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن بسبب نفاد وقود الديزل المطلوب لتشغيلها. وأشارت المؤسسة إلى أن جميع محطات توليد الكهرباء في محافظة عدن، وعددها 5 محطات، مهددة بالتوقف بسبب اقتراب نفاد مادة الديزل التي تشغلها.
استجابةً لهذا التحذير، نظمت مسيرات حاشدة في عدد من مناطق العاصمة المؤقتة عدن، حيث قطع المحتجون شوارع رئيسية في مدينة كريتر وخور مكسر وأضرموا النار في إطارات السيارات التالفة في الشوارع، مطالبين بتحسين الخدمات العامة، وعلى رأسها الكهرباء.
وطالب المحتجون بتوفير الكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة في المحافظة واستمرار انقطاع الكهرباء لساعات طويلة.
كما ندد المشاركون في الاحتجاجات بتدهور أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، والتي وصلت إلى أرقام قياسية، مما أثر سلبًا على مختلف جوانب الحياة.
وفي شهر يونيو، ندد ملتقى شعبي في مدينة عدن بالتدهور الكبير في الخدمات الأساسية التي تعاني منها العاصمة المؤقتة وطالب بسرعة إقالة رئيس الوزراء والمحافظ.
وفي بداية شهر يوليو، نظم مواطنون وقفة احتجاجية للتنديد بارتفاع معدلات الجرائم في المحافظة. وتم تنفيذ الوقفة أمام بوابة إدارة أمن محافظة عدن، حيث شارك العديد من المواطنين. وندد المواطنون بزيادة معدلات انتشار الجريمة وضعف الأجهزة الأمنية في الحد منها.
في نفس الشهر، نفّذ سائقو نقابة النقل الثقيل وقفة احتجاجية أمام بوابة ميناء الحاويات في عدن احتجاجًا على “التصرفات غير القانونية” التي قامت بها هيئة شؤون النقل بدخول مبنى النقابة وتحويله إلى ثكنة عسكرية.
وفي نهاية الشهر ذاته نظم عدد من المواطنين وقفة احتجاجية حيث أشعلوا الشموع للتنديد بالانقطاعات المتكررة والأوضاع الكهرباء في عدن. تعبيرًا عن غضبهم، قاموا بقطع الطرق وإشعال النيران في الإطارات ورفع شعارات تندد بانقطاع الكهرباء وتطالب بتحسين الخدمات العامة.
انقطاع المياه وتوقف التعليم
تستمر احتجاجات المواطنين الذين أشعلوا النيران وأغلقوا عددًا من الشوارع بالقرب من الطرق المؤدية إلى قصير معاشيق الرئاسي.
في بداية شهر سبتمبر، نظم سكان حي الرشيد في بخور مكسر وقفة احتجاجية للاحتجاج على تردي الخدمات في حيهم الملاصق لمطار عدن الدولي. وطالب السكان بمعاملتهم كبقية أحياء مديرية خور مكسر، بتوفير الكهرباء لمدة ساعتين فقط كل ست ساعات، حيث كانت الكهرباء مقطوعة عنهم تمامًا. كما اشتكى السكان من انقطاع المياه عن حيهم رغم قربهم من مطار عدن الدولي الذي يتلقى كميات كافية من المياه، بالإضافة إلى تسرب المياه في الشوارع.
وفي نفس الشهر، توقفت الدراسة في عدد من مدارس العاصمة المؤقتة عدن بسبب إضراب المعلمين احتجاجًا على قرار صادر عن وزارة المالية بتحويل مرتبات القطاعات الحكومية إلى البنوك والمصارف الخاصة.
وفي أكتوبر، نظم مئات من أعضاء هيئات التدريس في جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة وقفة احتجاجية أمام مكتب الأمم المتحدة في عدن، وهي الوقفة الخامسة لهم، للمطالبة بحقوقهم.
أكد المشاركون في الوقفة على مطالبهم بتحسين الوضع المعيشي عن طريق استعادة قيمة الرواتب إلى ما كانت عليه قبل مارس 2015م، وتوفير فرص عمل لغير الموظفين الأكاديميين والإداريين، وإصدار الفتاوى وتعزيز الدعم المالي للفئات الأخرى.
وفي نفس الشهر، استمرت الاحتجاجات في مدينتي الشيخ عثمان والمنصورة حيث قام العشرات من الشبان بمظاهرات احتجاجية على قرار منع تجوال الدراجات النارية ذات الثلاث عجلات.
حيث نفذ المحتجون احتجاجات في الشوارع الرئيسية والفرعية بالشيخ عثمان والمنصورة، فيما نشرت قوات الأمن وبدأت في مطاردتهم واعتقال عدد منهم. تسبب قرار منع الدراجات النارية في ردود فعل متباينة من المؤيدين والمعارضين قبل أن تتحول هذه الردود إلى احتجاجات في المدينة.
وتحدث عن مجموعة من المطالب الرئيسية التي تتعلق بتحسين الوضع العام في المدينة تتعلق بالتعليم والصحة والإصلاحات السياسية.
وطالب المحتجون بتوفير الكهرباء المستمرة والمياه النظيفة والصرف الصحي الكافي. حيث يعاني سكان عدن من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي ونقص في إمدادات المياه ونقص في الصرف الصحي، وهو ما يؤثر على حياة السكان والأعمال التجارية.
وطالب المحتجون بتعزيز الأمن في عدن والحد من الجريمة، وقالو إنه يشعرون بالقلق من زيادة حوادث السطو والاختطاف والجرائم العنيفة في المدينة، ويطالبون بتعزيز قوات الأمن وتكثيف الجهود للحد من الجريمة وتوفير بيئة آمنة للمواطنين.
ويعتبر الفساد ظاهرة مستفحلة في اليمن، ويؤثر بشكل سلبي على تقدم البلاد وتوزيع الثروة بشكل عادل. وأيضاً طالب المحتجون بمكافحة الفساد في الحكومة المحلية والمؤسسات العامة.
وبشكل عام، شهدت عدن في عام 2023 سلسلة من الاحتجاجات وتظاهرات الغضب بسبب تردي الخدمات وارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية. واستمرت المطالبات بتحسين الوضع الحالي وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
تنديد حقوقي
وفي منتصف شهر نوفمبر أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقرير حقوقي تقول فيه إن الحكومة اليمنية و”المجلس الانتقالي الجنوبي” لا يلبّيان حق سكان عدن في الكهرباء والمياه.
وأوضحت أنه منذ بدء النزاع في اليمن، يواجه سكان عدن، أكبر مدينة في جنوب البلاد والعاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية منذ 2015، قيودا متكررة ومتزايدة على المياه والكهرباء وانقطاعات لهذين الموردين.
وتؤثر الانقطاعات هذه سلبا على حقوق السكان في الصحة والتعليم وغيرها من الحقوق الأساسية المتعلقة بمستوى معيشي لائق، بما فيها السكن اللائق، والمياه الآمنة والكافية، والصرف الصحي المناسب.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: “ينبغي للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الالتزام بتوفير ما يكفي من المياه والكهرباء الكافية في عدن. ومع ذلك، عندما احتج السكان على الانقطاعات، ردت قوات الأمن عليهم بإطلاق النار”.
وفي السنوات التسع التي تلت بدء النزاع، تدهورت إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب والكهرباء الكافية في المدينة. قال أحد سكان عدن لـ هيومن رايتس ووتش: “منذ 2015 ونحن نعاني، والأمر يزداد سوءا”.
وقالت إنه في مراجعة حديثة لامتثال اليمن لـ”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، والذي وقعت عليه اليمن، أعربت “لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” عن قلقها إزاء التداعيات الخطيرة والطويلة الأمد للنزاع على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب اليمني.
وقالت اللجنة إن النزاع في اليمن لا يلغي مسؤولية اليمن التي تقتضي وفاءه بالتزاماته بموجب العهد.
وأضافت: أما المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره كيانا مسلحا غير حكومي يمارس “السيطرة الفعلية على الأراضي والسكان”، فهو ملزم “باحترام وحماية حقوق الإنسان للأفراد والجماعات” الذين يعيشون على أراضيه، بما في ذلك الحق في الحصول على المياه والكهرباء. يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن، بالإضافة إلى مناطق أخرى في جنوب اليمن، ويمارس مهام كبيرة شبيهة بالحكم.
وأكدت أن سيطرة المجلس على عدن تُلزمه بحماية حق الحصول على المياه لسكان المحافظة. هذا الالتزام لا ينفي التزام الحكومة اليمنية المستمر بإيفاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.