المرضى في تعز… معاناة مريرة في الدخول إلى المدينة عبر طريق الأقروض!
يمن مونيتور/إفتخار عبده
بعدما فرض الحصار على مدينة تعز من قبل مليشيا الحوثي، جعل الداخلين إلى المدينة خط الأقروض بديلا عن خط الحوبان، الذي كان يوصلهم إلى المدينة بدقائق معدودة.
ثلاث ساعات- أو أكثر- يستغرقها المسافر على خط الأقروض ليصل إلى المدينة، ناهيك عن وعورة الطريق المليء بالمنحدرات والعقبات المخيفة والأتربة الثائرة التي تملأ الأجواء بالغبار الكثيف، كما أن زحمة السيارات لها وجع آخر يعانيه المسافرون.
ففي خط الأقروض الفرعي- غير المؤهل لنقل ذلك الكم الهائل من الداخلين إلى المدينة والخارجين منها-؛ تتضاعف معاناة المسافرين والمرضى المارين بهذا الطريق الوعر، الأمر الذي يضاعف المرض لديهم أو يضيف لهم أمراضا أخرى.
ويضطر المرضى، لا سيما مرضى الفشل الكلوي للسفر عبر هذا الطريق كل أسبوع للدخول إلى المدينة لإجراء الغسيل؛ لأنه متوفر بشكل شبه مجاني في مستشفى الثورة داخل المدينة.
ويشكو المرضى الداخلون إلى المدينة من الرحلة المتعبة التي يجبرون عليها في هذا الطريق واصفين ساعات السفر بالجحيم الذي لا يطاق.
معاناة مرضى الفشل الكلوي
أحمد ناجي (35 عاما) أحد المرضى المصابين بالفشل الكلوي، يضطر للسفر إلى مدينة تعز ويقضي قرابة خمس ساعات ذهابا وإيابا مرتين في الأسبوع على متن دراجة نارية، عبر خط الأقروض الفرعي لأجل الوصول إلى مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة وسط المدينة.
مرض أحمد جعله يقضي قرابة ثلث عمره في عناء السفر ذهابا وإيابا من أجل عملية الغسيل الكلوي؛ لأنها غير متوفرة في منطقته ولأن السكن في المدينة غير مناسب له؛ بسبب بعد الأهل عنه.
وفي كل عملية غسيل يفقد أحمد الكثير من صحته الجسدية والنفسية والمعنوية، ويفقد من وقته الشيء الكثير بسبب طول السفر إلى مدينة تعز والعودة منها صوب مديرية جدير ، بحسب قوله.
يقول أحمد “هطول الأمطار وحرارة الشمس الملتهبة وغبار الأرض ودخان السيارات والمركبات وغيرها من المنغصات هذا ما يحول السفر بالنسبة لنا إلى جحيم لا يطاق”.
وأضاف ل “يمن مونيتور” كل هذا العناء وهذه المشقة التي لا يقوى الرجل الصحيح على مقاومتها نعانيها نحن المرضى كل أسبوع حتى أن يوم السفر بالنسبة لنا هو يوم مخيف ومفزع “.
وتابع” نرجو نظرة إنسانية من قبل الدولة والمجتمع، في النظر لحال المرضى المارين عبر هذا الطريق، فهل من نظرة رحمة تخفف عنا جزءا من معاناة السفر وأوجاعه؟ “.
المصابون بالأمراض المزمنة
نادية قاسم (50 عاما) مصابة بمرض القلب والسكر، تأتي من مديرية سامع إلى مدينة تعز لمتابعة حالتها المرضية، تقول ل” يمن مونيتور “سفري إلى المدينة متعب جدا يضيف لي المزيد من العناء، فكلما مررت في طريق الأقروض يضيق نفسي وأشعر- في الكثير من الأوقات- أنني لن أصل إلى المدينة إلا جسدا بلا روح، ثم أتمنى لو أني ما خرجت من بيتي وبقيت أنتظر القدر وما يحمله لي”.
وأضافت “ذهبت قبل عشرة أشهر إلى مدينة تعز للعلاج، أحسست أن العلاج هناك أفادني كثيرا وأعاد إلي قليلا من صحتي التي سلبها مني المرض، وكانت الطبيبة قد سجلت لي أدوية أتناولها لمدة ثلاثة أشهر ثم أعود إليها لترى نتائج الدواء، لكني رفضت العودة خوفا من المرور في ذلك الطريق المتعب”.
وأردفت “مرت الثلاثة الأشهر بسلام وانتهى الدواء الذي صرفا لي، كنت أشعر أنني أصبحت بخير فرفضت الدخول مرة أخرى، ثم عاد المرض بشدة فقررت أن أتعالج بمكان أقرب لي من المدينة، والطريق إليه يكون أرحم بحالتي”.
وتابعت “ذهبت للعلاج في دمنة خدير ومرة أخرى في الراهدة وثالثة في مدينة القاعدة إلا أن حالتي تزداد سواء وجسدي ينهار أكثر وأكثر، وعندما أصبحت طريحة الفراش لا أقدر حتى على تناول كوب من الماء، ذهب بي أبنائي مرة أخرى إلى مدينة تعز، والآن لي شهر هنا فضلت البقاء مع الخسارة على السفر المتعب في الطريق والعودة مرة أخرى”.
وواصلت “كمْ كنت أتمنى لو أن خط الحوبان مفتوح وأن دخولي إلى المدينة يكون سهلا كما كان قبل الحرب، فقد كنت سابقا أذهب لأداوي أطفالي إلى النقطة الرابعة وسط المدينة وأعود في اليوم نفسه ولا أشعر بكل هذا العناء”.
طريق مخيف
أم خالد (60 عاما) تقول ل “يمن مونيتور” أدخل في العام الواحد مرتين أو ثلاث مرات للضرورة إلى مدينة تعز عبر طريق الأقروض، ابني ساكن في المدينة وأنا آت لزيارته من مدينة الراهدة لأنه لا يستطيع العودة لها لوجود الحوثيين فيها “.
وأضافت” يصيبني المرض أكثر خلال مروري في الطريق البعيد والأكثر وعورة؛ لأنني أعاني من مرض الضغط، إنه طريق مخيف، يفزع المسافرين وخاصة الذين يسافرون للمرة الأولى عبرة “.
وأردف” يضطر الكثير من السواقين أن يحمل بضاعة كثيرة والكثير من الركاب أيضا، وهذا الأمر يجعل الصالون الذي نركب فيه يميل يمنة ويسارا في المنعطفات حتى نشعر أننا سنسقط حينها أو سنكون ضحية حادث مروري “.
وتابعت” أتعبتنا الحرب كثيرا، أبعدت فلذات أكبادنا عنا، وفرقت بين الأهل والأحباب، حتى الطرقات أصبحت محظورة
وواصلت “كمْ أتمنى أن تنتهي الحرب ويفك الحصار ويلتم الشمل قبل أن تنتهي أعمارنا ونحن نذهب ونعود إلى المدينة شوقا وخوفا”.