إلى جانب صداقته للعم عبده الراعي العجوز، كان صبري صديقا ل(فواز) راعي الغنم، الطفل الذي لا يتجاوز 13 عاما، والذي كان أيضا صديقا لشداد وعمار، زملاء صبري وأصدقائه المقربين. 11
إلى جانب صداقته للعم عبده الراعي العجوز، كان صبري صديقا ل(فواز) راعي الغنم، الطفل الذي لا يتجاوز 13 عاما، والذي كان أيضا صديقا لشداد وعمار، زملاء صبري وأصدقائه المقربين.
نال الطفل (فواز) إعجاب الجميع بخفة دمه وذكائه الحاد وشجاعته المدهشة، فهو صغير يحمل قلب أسد، كما وصفه عمار؛ يتيم الأب وبيته في سفح الجبل ويعيش مع أمه واخواته.. كسب ثقة القيادة حتى أن بعضهم طالب بتجنيده في المقاومة فرفضت القيادة لصغر سنه، ومع هذا كانوا غالبا ما يكافؤونه، وكان شداد وصبري وعمار يحرصون دوما على التذكير بصديقهم (فواز) ومساعدته وأسرته، فقد كان وسيلة معلومات دقيقة ويقدم خدمات مختلفة.
ذات يوم، قابل (فواز) اثنين من مسلحي الحوثي يسألان عن موقع المجاهدين، كانوا قادمين لأول مرة؛ عرف (فواز) انهما تائهان بما يملك من ذكاء وعلى طول قال لهم: تعالا بعدي إلى المجاهدين ويؤكد لهما مستفسرا.. (أنصار الله)؟؟
_ أيوه أنصار الله (أبو تراب).. تعرف (أبو تراب)؟
_ أيوه أعرفه موجود تعالوا.. أخذهم مباشرة إلى موقع المقاومة، وبحركة ذكية أثارت انتباه أفراد الموقع وهو يغمز بعينه اليسرى جبتوا لكم مجاهدين هذول حوثة يدورا (أبو تراب).. تفضلوووا.
عندما قبضوا على المسلحين وأخذوا سلاحهم التفت أحد المسلحين محدقا تجاه الطفل وهو يقول.. (و لا يلدوا إلا فاجرا كفارا).
فواز يرد بعفوية: والله ما كافر ابن كافر إلا الذي يقتل الناس.. مو جئت تدور أمك عندنا؟!
كانت صور تفاني الناس أو ما تبقى منهم تعطي المقاومين دفعات قوية من الروح والحماس، وكانت صور متعددة ومتداخلة إلى حد التماهي بين المقاومين والناس نساء ورجالا وأطفالا.
مع اشتداد الحصار انعدم الغاز أو كاد، اعتمد المقاومون على الحطب. ذات يوم سقطت الأمطار بغزارة فتعذر استخدام الحطب وعندما شاهد الطفل الراعي (فواز) ذلك انطلق إلى البيت ليخبر أمه، لم يكن لديهم غاز هم أيضا لكنها التفتت إلى ولدها وهي تقول: اسمع يا فواز روح لا عند عمتك رقية(جارتهم) وخبرها.. عادهم حصلوا غاز.. قع رجال.
رقية كان لديها دبتان، عندما أخبرها فواز لم تتردد فنزعت الغاز من الفرن وسحبت الأخرى وخرجت تحمل دبة على رأسها، وتدفع الأخرى بقدمها بين المطر الذي عاد ينهمر، ثم أخذ فواز يساعدها في دفع الدبة الغاز الثانية، وعندما رأهم (شداد) أسرع ليحمل الدبة التي يدفعها فواز الذي أصر بدوره أن يحمل الآلي حق شداد، وعندما تردد شداد أصر فواز وهو يقول: أنا صاحبك وبعدين مو ماناش رجال؟
ناوله شداد البندقيه وهو يقول إلا رجال وأبو الرجال..
في الطريق تفاجأ شداد وهو يري صديقه الطفل يطلق رصاصة تجاه أحد أفراد الحوثيين عندما ظهر في الطرف الآخر، أوقفه شداد غاضبا
_ مو تعمل؟
— شوف آذاك حوثي خلينا ارمي أبوه.
_ لا مش الآن شقنصونا.. جيب الآلي.
_ خلاص خلاص ما شرميش أمانة أمانة.
حول شداد الطريق مبتعدا عن القناصة.
— رقية: الله يقصف عمرك و(فواز ) شتسبب علينا بلاش.. عادني تخارجتوا من القنص (حتمه) كنت جنب (سارة) كنت أني وهي وسلمى بنت أحمد عندما خرجت تسعف واحد قنصوه بالشارع، خرجنا جنبه وقبل ما تسعفه قتلنه جنبه.. الله على قهر كانت طيبة وحنك الله يقتلهم يقنصوا (المكالف) مو من أوادم آذون؟
— فواز: يقنصوا كل شي حتى البسس والكلاب والغنم، أي حاجة تتحرك يسكعوها حتى لو قرطاس! أمس قنصوا ابن عمره أربع سنين من قدام بيتهم.. خاصة القناص الأعور أنا أعرفه.. اليوم كنت اشتي استقضي ما خلتوناش.
عندما وصلت رقية شكرها قائد الموقع وهو يقول: كان ما فيش داعي سنتدبر أمرنا، ويسأل إيش باقي معاكم؟
_ ولادبة بس عندنا حطب أنتم أقدم.
حاول قائد الموقع أن يدفع قيمة الغاز، فرفضت (رقية) وهي تؤكد: أنتم تبذلون أرواحكم واحنا مقصريين.
و لا تحرجوا والله إنكم شرفنا الله ينصركم.
التفت القائد إلى الطفل فواز.. أهلا بالمقاوم الصغير
_ روح لك قال الصغير، أنا المقاوم الكبير الكبير مش الصغير.
. ههههه يضحك صبري وهو يقول كبيير والله كبير يا صاحبي!
يضيف القائد:
والله إن هذه الروح من الناس رجال ونساء وأطفال هي العطاء الحقيقي والدعم الكبير الذي يعطينا الإصرار ويشعرنا بالسعادة.
أحمد مخاطبا (صبري): الله لا يقطع على آلف.. الرعيان أصحابك، هناك الراعي عمي عبده وهنا الطفل فواز.
صبري: والله انني سعيد بهم هؤلاء عظماء وبعدين العم عبده يحدثنا على الأجيال وكأنه دكتور جامعة وأنا اقع بينه وبين فواز..
بين جيلين بين الماضي والمستقبل أرى في (عم عبده) ماضي الغموض والحزن والقهر والغلائب والنضال المغدور، وفي صديقي (فواز) الأمل والقوة والوضوح والتحرر من الخوف.. تصدق يا أحمد، اشتقت ل(عم عبده) وتأخرت عليه كثيرا، وعدني عندما أعود يخبرنا عن كل شي في حياته.
أحمد: تشتي تعرف سر الصورة ههههههه
_ لا لا الصورة واحدة بس هناك أهم من الصورة في تاريخه.
يتبع…