هل تقود الرياض جهوداً لإقناع واشنطن بالحسم العسكري في اليمن بدلاً من تعثر المشاورات؟
مع كل تعثر للمفاوضات اليمنية تعود إلى واجهة المشهد الدولي والإقليمي تلك الضغوط التي يمارسها حلفاء الرياض عليها، لمنع أي حسم عسكري ينهي وجود إيران في اليمن عبر حلفائها الحوثيين وصالح. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من مصعب عفيف/
مع كل تعثر للمفاوضات اليمنية تعود إلى واجهة المشهد الدولي والإقليمي تلك الضغوط التي يمارسها حلفاء الرياض عليها، لمنع أي حسم عسكري ينهي وجود إيران في اليمن عبر حلفائها الحوثيين وصالح.
واعادت زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي الى الولايات المتحدة الأمريكية نهاية الأسبوع المنصرم كثالث زيارة رسمية للأمير الشاب خلال عام؛ أعادت الى الأذهان تلك التساؤلات التي يطرحها الشارع اليمني والعربي حول جدوى الزيارة فيما يتعلق بضوء أخضر قد تنتزعه المملكة لحسم عسكري ينهي الأزمة اليمنية؛ مع استمرار تعنت الحوثيين في القبول بالحلول السياسية التي تطرحها الأمم المتحدة وتبادر بها الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي.
لكن إريك شولت المتحدث باسم البيت الأبيض قال ان لقاء الأمير السعودي بأوباما سيتيح فرصة لمناقشة قضايا تشمل الصراعات في سوريا واليمن و”تعاوننا مع السعوديين في الحملة ضد الدولة الإسلامية”.
بينما يرى مراقبون ان الزيارة تهدف لإعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين والترويج لخطة تقلص اعتماد المملكة على إيرادات النفط، والتقى مسؤولين أمريكيين بارزين من ضمنهم وزير الدفاع.
السعودية.. ومهمة اقناع الحلفاء بالحسم..
يقول الباحث السياسي اليمني “ياسين التميمي” لا يبدو ان جزءا من مهمة ولي ولي العهد السعودي هو اقناع واشنطن بدعم خيار الحل العسكري في اليمن، فهناك قضايا عديدة يتعين عليه بحثها ولها علاقة بإعادة الدفء المفقود في العلاقة بين واشنطن والرياض.
وأضاف ” التميمي ” في حديث خاص ل “يمن مونيتور ” ان هناك في الحقيقة ما يشبه السباق بين جهود تبذل في الكويت لفرض حل سياسي للازمة اليمنية؛ وبين رغبة مضمرة لدى المملكة والتحالف العربي فيما يخص الحسم العسكري.
بينما اعتبر الصحفي والكاتب اليمني عبد الباسط الشاجع ان زيارة بن سلمان هي لتخفيف الضغط الذي يستهدف السعودية نفسها، وإحجام فاعليتها وتحركاتها في المنطقة؛ لكنه يرى ان باستطاعتها التأثير على ذلك بحجم المصالح الاقتصادية تحديدا- بين السعودية والدول التي تضغط باتجاه دعم الانقلابيين، وهو ما لا يمكن تجاوزه.
لقاء لحل الخلاف حول تقارير الأمم المتحدة..
وطلب الأمير محمد بن سلمان عقد لقاءٍ مع المسؤول الأممي، بان كي مون، على هامش زيارته لبحث القضية اليمنية، ويأتي هذا الطلب بعد انتقاد بان كي مون، في 9 حزيران/يونيو الجاري، حذف لجنة أممية اسم التحالف العربي بقيادة السعودية من قائمة “انتهاكات الأطفال” باليمن، ولّمح إلى تلقيه تهديدات من الرياض بسحب المخصصات المالية في العديد من برامج الأمم المتحدة الإنسانية وتلك المتعلقة بشؤون الطفولة، وهو ما نفته المملكة فيما بعد.
وكان تقرير الأمم المتحدة عن الأطفال في الصراعات المسلحة، قد ذكر أن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، مسؤول عن 60 في المئة من وفيات وإصابات الأطفال في الصراع العام الماضي وقتل 510 وإصابة 667 طفلا؛ لكن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، اعتبر ان تقارير الأمم المتحدة قد بنيت على مغالطات.
صراع محموم بين السياسة والحرب..
ويقول الصحفي الشاجع خلال حديث خاص ل “يمن مونيتور “أن دول التحالف العربي بقيادة السعودية؛ باتت تدرك أكثر من أي وقت مضى بأن الحسم العسكري وإنهاء الانقلاب هو الخيار الوحيد أمامهم، لكنها تتعامل بنفس طويل مع هذا الملف الحساس، نظراً للضغوطات والابتزاز الذي تتعرض له السعودية من قبل القوى العالمية الذي يتقاطع هذا الخيار مع مصالحهم وتحركاتهم لتمكين إيران وميليشياتها للتحكم بالمنطقة العربية وإضعاف القوى الفاعلة الأخرى مثل: تركيا والسعودية وقطر.
ويشدد “الشاجع ” على ان عاصفة الحزم كانت بداية استهداف المشروع الانقلابية، لكنها ليست النهاية، فهذه معركة مصيرية يبدو أنها ستطول وستأخذ وقت أكثر من المعتاد، ومع هذا بإمكان السعودية أن تتجاوز هذه الضغوطات الدولية وتفرض الخيار العسكري في الأشهر القريبة بعد تأكدها من فشل مفاوضات الكويت حد قوله.
ويحذر ” التميمي ” من المبادرة الاممية للتسوية التي تهدف الى فرض حل سياسي يؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ اليمن؛ ربما يشهد تغيرا في قواعد اللعبة وفي مرجعيات الصراع واللاعبين، إذا لم تنتبه المملكة وتحرص على ان يأتي اي حل متسقاً مع قرارات الشرعية الدولية ومع المرجعيات الاساسية للحل.
مرونة سياسية كبيرة.. يقابلها تعنت الحوثيين..
بدوره رحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عقب اللقاء الذي جمعه بولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، محمد بن سلمان، بتأكيدات السعودية على التزامها بالعمل على إنهاء الصراع في اليمن عبر تسوية سياسية بحسب بيان البيت الأبيض في اشارة الى استبعاد الحل العسكري حتى الان.
وهو الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الذي قال في تصريحات صحافية عقب اللقاء، أن بلاده تستهدف حلا سياسيا في اليمن يعيد الاستقرار إليها، مشيرا الى ان هناك تقليصاً في العمليات العسكرية بسبب اتفاقات الهدنة، مشددا على أن بلاده تعمل مع كل الجهات في اليمن لإنجاح العملية السياسية.
من جانبه ابدى الوفد الحكومي مرونة سياسية كبيرة حين اقترح ضم “الحوثيين” وحزب الرئيس السابق “علي عبد الله صالح” إلى الحكومة الحالية بحسب مصادر مشاركة في مشاورات السلام اليمنية، لكن وفدا الحوثي وصالح يرفضان المقترح، ويصران على تشكيل “حكومة توافقية” جديدة بحسب المصادر التي نقلت عنها وكالة الأناضول التركية.
الضغط الدولي يمنع الحسم.. ويمنح الانقلابيين فرصة للمراوغة..
وفقا لوكالة رويترز، فقد عبّر مسؤولون أمريكيون من قبل عن عدم ارتياحهم إزاء الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن والتي تقول الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان إنها أسفرت عن خسائر كبيرة بين المدنيين.
ويرى مراقبون ان المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة يسعى الى تغيير موازين القوى على الأراضي اليمنية، والتمكين لأذرع إيران في الشرق الاوسط وفق خطة معدة لأعادة ترسيم الشرق الأوسط.
وتزامنا مع زيارة بن سلمان للولايات المتحدة أعلنت الامارات عن الانتهاء الفعلي لعمليات قواتها في اليمن؛ ما أعتبره مراقبون اعلان يأتي في سياق الضغوط الدولية التي تمارس على السعودية والحكومة اليمنية لمنع أي حسم عسكري للملف اليمني.
الا أن وزير الخارجية السعودي أكد أن “موقف الإمارات في التحالف واضح جداً، وهي ملتزمة وليس لدينا شك في موقفها” بحسب وصفه.
وبحسب متابعين فانه من شأن هذا الاعلان والضغط الدولي الذي يهدف الى منع الحسم ان يفتح شهية الحوثيين وصالح على المزيد من التلاعب بملف المفاوضات ويجعلهم أكثر ارتياحيه خلال مناوراتهم السياسية وأكثر تماديا في القتل.
وهو ما ذهب اليه “الشاجع ” الذي قال ان تأخير الحسم العسكري يمنح حلف الانقلاب قوة في الميدان وتعزيز جبهاتهم العسكرية، والتوغل في الجهاز الإداري والأمني.
استياء شعبي.. ومخاوف من اطالة الأزمة..
لكن الشارع اليمني ابدى وفي أكثر من مناسبة استيائه من اطالة أمد الأزمة اليمنية التي باتت تطحن السكان؛ بعد دخول مشاورات الكويت نفقا مظلما لم تضع له الأمم المتحدة اي سقف زمني.
وتظاهر يمنيون أمام البيت الأبيض دعما لعمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل التي تقوم بها دول التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية لعودة الشرعية، وللتنديد بجرائم “الحوثي والرئيس اليمني السابق، ضد المدنيين والتدخلات الإيرانية في اليمن”.
وجاء تنظيم الجالية اليمنية للتظاهرة بالتزامن مع لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالأمير محمد بن سلمان، وطالب المتظاهرون بعودة الحكومة الشرعية والدولة المدنية والنظام، معبرين عن رفضهم لوجود “المليشيات الانقلابية والفوضى”، ومنددين بالدور الإيراني المشبوه في بلادهم، كما طالب المتظاهرون بمحاكمة علي صالح وعبد الملك الحوثي كمجرمي حرب لما قاما به من جرائم وانتهاكات وقتل بحق الشعب اليمني وتدمير بلادهم لا التفاوض معهم من اجل تحديد مصير اليمن.
ويرى ” التميمي ” ان الوقت ليس لصالح التحالف والسلطة الشرعية ابدا؛ بيد أن احدة من اسوأ النتائج للتأخير في الحسم العسكري هو هذه الفرصة التي اغتنمها الانقلابيون للتحرك في الميدان؛ وإشعال الحرب في كل الجبهات وتعزيزها بالسلاح والعتاد.