الطلاب القادمون من ريف تعز… رحلة مضنية في سبيل طلب العلم! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من افتخار عبده
تعد الجامعة أحد أبرز الصروح العلمية التي من خلالها يتمكن الطالب من رفع مستواه العلمي والتطوير من مهاراته العلمية والعملية، كما تعد منبرا لتحقيق الحلم المنشود منذ الطفولة.
ولأجل هذا ينتقل الكثير من طلاب الأرياف من جميع المحافظات إلى المدينة للانضمام إلى هذا الصرح العظيم، الذي يأملون من خلاله تحقيق أحلامهم؛ لكنهم يواجهون صعوبات كثيرة في مواصلة مسيرتهم العلمية.
وأصبحت المرحلة الجامعية صعبة المنال على الكثير من الطلاب، لا سيما الريفيون منهم، الذين يواجهون مرارات كثيرة تتمثل في: صعوبة الحصول على السكن وارتفاع أسعار المواصلات، وغلاء المعيشة الذي أضر باليمنيين جميعهم.
ومنذ بدء الحرب في اليمن عزف الكثير من الطلاب الريفيين عن الالتحاق بالجامعة لأسباب معروفة؛ لذا فالذي يواصل المرحلة الجامعية منهم فهو محارب ومنزل عظيم يتحدى صعوبات كثيرة ويمر بمراحل لا يحسد عليها.
قصص من المعاناة
بهذا الشأن يقول زكريا المنصوب (طالب من ريف مديرية خدير) “مع بداية كل عام جامعي تتجدد معاناة الطلاب بشكل عام والطلاب القادمين من الأرياف على وجه الخصوص جراء صعوبات متنوعة تجعل الكثير منهم يعزفون عن الالتحاق بالجامعات، ومن تمكن من الالتحاق بالجامعة يعد من المجاهدين المناضلين إن استطاع إكمال هذه المرحلة”.
وأضاف المنصوب ل “يمن مونيتور” بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الوقود أصبحنا نحن الطلاب القادمون من الأرياف حيارى نبحث عن وسائل مختلفة تمكننا من الصمود في مواجهة الظروف القاسية من أجل الاستمرار في مواصلة التعليم الجامعي ولعل صعوبات السفر والمواصلات هي التي أرهقت كاهل الكثير منا “.
الحصار القاتل
وأردف” كان الطالب يصل من دمنة خضير إلى جامعة تعز بوقت لا يتجاوز ساعة واحدة، واليوم أصبحنا نسافر إليها بأكثر من ثلاث ساعات، في طرق وعرة، مليئة بالمخاطر “.
وتابع” نقضي الكثير من الوقت ونحن نسافر من الريف إلى المدينة، وإضافة إلى التعب والعناء والمشقة التي يسببها السفر المتكرر يضيع وقتنا ولا نحصل على الفرصة الكاملة لنيل العلم بالطريقة المناسبة، بعيدا عن عناء الجري والتنقل “.
وبين المنصوب في حديثه ل” يمن مونيتور “أن” الموصلات ليست المأساة الوحيدة التي يعاني منها طلاب ريف؛ بل هناك عناء آخر ربما أمر من ذلك وهو صعوبة الحصول على السكن المناسب القريب من الجامعة، والذي يحوي الطالب ويكون مهيئا للعيش فيه والمذاكرة والاطلاع، ولعل هذا هو المعضلة الأكبر التي تؤرق الكثير من طلاب الريف وتحرم البعض الآخر من الالتحاق بالجامعة “.
ووضح” بعض الدكاترة- للأسف الشديد- يتحلون بنزعة مزاجية؛ لا يقدرون ظروف الطلاب الريفيين ولا ينظرون لأحوالهم القاسية التي يكابدونها، ويظنون أن الجميع بنفس الظرف فيعاملونهم على ذلك ويعاقب بنقص في الدرجات من أحدث أي تقصيرا في الحضور “.
وشدد المنصوب على ضرورة مراعاة وضع الطلاب الريفيين من قبل الدكاترة قائلا” يجب أن يعلم الدكاترة الأفاضل أن الطالب الذي يأتي من بيته متناول وجبة الفطور ويصل إلى بيته بعد المحاضرات بوقت قصير، يتناول الغداء ويعود للمذاكرة، ليس كالطالب الذي يقطع مسافة ثلاث ساعات حتى يصل إلى الجامعة، وبعد المحاضرات يعود بثلاث ساعات، وإذا ما حصل على سكن فهو يقوم بتحضير وجبة الغداء وال
وأرسل المنصوب رسالته لطرفي النزاع في اليمن قائلًا:” أنا بصفتي أحد الطلاب القادمين من الريف عبر خط الأقروض إلى مدينة تعز أقول لكم: أنا مستعد أن أعطيكم ما أصرفه من مبالغ في خط الأقروض ذهابًا وإيابًا مقابل أن تفتحوا خط الحوبان، هذه مبادرة مني ومن كافة الشعب، الذين أرهقهم طريق الأقروض وأصبحوا يتوقون لفتح خط الحوبان بأي وسيلة.. شبعنا حربًا وحصارًا وغلاء”.
بين الإنجاز والمعاناة
في السياق ذاته يقول، معتز الشويع (طالب من ريف مديرية العزاعز) يعاني طلاب الجامعة القادمون من الريف معاناة كثيرة لعل أبرزها، غلاء المعيشة وصعوبة الحصول على مساكن قريبة من الجامعة “.
وأضاف الشويع ل” يمن مونيتور “الأحياء القريبة من الجامعة عادة ما تكون مكتظة بالسكان وباهظة الثمن؛ مما يجعل الطالب يضطر للعيش بعيدا عن الجامعة وهذا الأمر يؤثر كثيرا على المستوى الأكاديمي للطالب ويزيد من إرهاقه وتضييع وقته الثمين من خلال التنقل من السكن إلى الجامعة والعودة منها”.
وأردف “من أكبر التحديات التي يواجهها طلاب الريف الجامعيون هي المواصلات، وقد يكون الوصول إلى الحرم الجامعي أمرا صعبا بسبب ضعف البنية التحتية للنقل العام في المحافظة، ولذا نجد أنفسنا بحاجة إلى وقت طويل في الانتظار للحافلات المتأخرة، وهذا يؤدي إلى إضافة ضغط إضافي علينا ويؤثر على وقتنا وتركيزنا في الدراسة”.
وتابع “ومن ذلك أيضا قساوة التعامل التي يتلقاها الطلاب الريفيون من بعض الدكاترة؛ إذ يتم التعامل معهم كبقية الطلاب الذين يقطنون في المدينة، ومحاسبتهم على الدقيقة الواحدة فيتم تغييب الطالب إن تأخر بضع دقائق وهذا ما يعتبرشيئا غير عادل إطلاقا، كذلك عدم التجاوز عن بعض المحاضرات التي لا يستطيع الطالب حضورها للأسباب نفسها”.
وواصل “من أجل تخفيف هذه المعاناة، رسالتي أوجهها إلى السلطة المحلية في أننا بحاجة إلى أن يحدث تعاون بين الجامعات والسلطات المحلية لتحسين وسائل المواصلات وتوفير خيارات سكن مناسبة للطلبة الريفيين، وتوصية عمداء الكليات بالتعاون مع الريفيين والتخفيف عنهم في شؤون وقوانين الكلية لكي نواصل تعليمنا بمعاناة أقل”.
بدوره يقول، شعيب الأحمدي (طالب من ريف مديرية سامع) “أنا واحد من مئات الآلاف من الطلاب الريفيين الذين يضطرون للبقاء في المدينة فترة طويلة بسبب معاناة المواصلات وأسعار النقل التي ارتفعت بشكل جنوني”.
وأضاف الأحمدي ل “يمن مونيتور” البقاء في المدينة معاناة أخرى من معاناتنا في التنقل من وإلى الجامعة على باصات النقل بسعر 200 ريال لكل باص؛ إذ تصبح صرفية الأجرة في اليوم الواحد 800 ريال على الأقل “.
وجبتان في اليوم فقط
وأردف” في الكثير من الأحايين يأخذ الطلاب قرار الغياب عن الحضور بسبب قلة المصاريف المخصصة لهم والتي تهدر في التنقل، ويصل الحال بالطالب أن يجمع وجبة الصبوح (الفطور) مع الغداء في إناء واحد، أي أنه يأكل وجبتين في اليوم فقط، وهما وجبتا الغداء والعشاء “.
وتابع” من يمتلك علاقات جيدة مع الناس، يحصل على فرصة عمل فيلجأ إليها يشتغل، بضع ساعات في اليوم ولكن هذا الأمر يؤثر على مستواه التعليمي، بسبب ضياع الوقت في العمل تارة وفي الحضور إلى الجامعة تارة أخرى دون مذاكرة واطلاع، وبالأخير يحصل على شهادة ورقية لا تنفع في العلم ولا تغني من فقر! “.
وأشار إلى أن” الكثير من الطلاب الريفيين يضطرون للبقاء في القرية لفترة طويلة، ولا يدخلون إلى المدينة إلا قبل الامتحانات بفترة قصيرة، وكل ذلك يعود إلى سبب عبثية الدولار والريال السعودي اللذين بارتفاعهما عاش الجميع في نكد وضيق “.
وأكد أن” الألم الحقيقي هو أن أغلبية الكادر التعليمي أصبح لا يقدر هذه الظروف، وهذا ما يزيد الطلاب في الاضطراب النفسي بسبب التفكير بتجاوز وعدم تجاوز محنة الامتحانات “.
ارتفاع الإيجارات
ووضح الأحمدي في حديثه ل” يمن مونيتور “أنه” يظل الطلاب لأكثر من نصف عام وأحيانا لعام كامل يبحثون عن شقة للإيجار، إلا أن الحظ لا يكتب لهم؛ إذ إن المنازل محجوبة الإيجار عن العزاب، وهذه ليست المشكلة وحدها؛ بل تكمن المشكلة في سعر الإيجار؛ إذ وصلت الشقة الواحدة إلى مئة ألف وأقل القليل للشقق العادية ثمانينألف “.
ووجه الأحمدي رسالته إلى الحكومة” كمْمن الفقراء تحتاجون حتى تعود إليكم إنسانيتكم؟كمْ تحتاج أعينكم من المرضى والمتعبين حتى يعود إليكم رشدكم وتعملون بأمانة؟ غلاء الأسعار قد جعل البيوت الكريمة والأسر العفيفة أهون من بيت العنكبوت والله المستعان “.
واختتم رسالته” لأصحاب الحافلاتمتى ستظهر إنسانيتكم وأخلاقكم الفطرية في مساعدة من لا حول لهم ولا قوة من الطلاب، وللدكاترة الأفاضل، أنتم الآباء لمنآباءهم في الريف، تقدير الطلاب واحترام معاناتهم ومساعدتهم، هو عمل إنساني خالص لوجه الله “.