غير مصنففكر وثقافة

عبقرية وأصالة العمارة اليمنية بحضرموت في كتاب

حضرموت.. حضارة لا تموت” كتاب للمهندسة المعمارية ريم عبدالغني المعروفة بعشقها لليمن، كتاب يُحاول اختراق أصوات طبول الحرب، ويوثق لهذه المنطقة من اليمن تاريخياً وفنياً، بأسلوب سردي سلس يكشف نواحي عظمة هذه المنطقة وأهميتها كتحفة بصرية حضارية عريقة وتراثها الذي لطالما نهل منه الشعراء والأدباء.
 يمن مونيتور/العرب اللندنية  
“حضرموت.. حضارة لا تموت” كتاب للمهندسة المعمارية ريم عبدالغني المعروفة بعشقها لليمن، كتاب يُحاول اختراق أصوات طبول الحرب، ويوثق لهذه المنطقة من اليمن تاريخياً وفنياً، بأسلوب سردي سلس يكشف نواحي عظمة هذه المنطقة وأهميتها كتحفة بصرية حضارية عريقة وتراثها الذي لطالما نهل منه الشعراء والأدباء.

يضم الكتاب 20 نصاً عن مختلف ‏جوانب الحياة في وادي حضرموت الواقع شرق جنوب اليمن، وهو الثاني ضمن سلسلة “ثلاثيّة اليمن السعيد” التي أعدتها المؤلفة وجمعت فيها بأسلوب أدبي وعلمي على حد سواء انطباعاتها ورصيدها المعرفي الذي تشكّل خلال عقدين من علاقتها المتواصلة والعميقة باليمن واليمنيين، في قالب قصصي لرحلة بدأتها من صنعاء وانتهت بحضرموت.

عبر 350 صفحة، أشبعت المؤلفة كتابها بالمعلومات التاريخية والأثرية، وأغنته بالهوامش والمراجع والمصطلحات المحلية والمفردات الشعبية، وشرحت الأعلام والأماكن والألفاظ، وسلّطت الضوء على أهم مدن وادي حضرموت وخاصة تلك المحمية بقائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي، كمدينة تريم التي كانت مركز إشعاع علمي وديني، ومدينة شبام ذات الأبنية الطينية المميزة والتي يصل ارتفاع بعضها إلى عشرة طوابق ويزيد عمر بعضها عن 500 سنة.

تقول عبدالغني، زوجة الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد، “علاقتي باليمن قديمة وعميقة، حيث قمت بأول زيارة لها عام 1997 ووقعت بحبها من أول زيارة، فغزت حياتي واختلطت بدمي ثم أسبغت لونها على كتاباتي وصارت قضيتي، وصار هاجسي أن ألخص ما تعلمته عن اليمن، وكان السهل الممتنع أن أورد في سياق سلس شلالات معلومات عن بلد فائق الغنى وعجيب التنوع”.

تتحدث الكاتبة في كتابها هذا عن عمارة وادي حضرموت الطينيّة شاهقة الارتفاع وأهميتها كمدرسة معمارية عربية أصيلة مازالت على قيد الحياة في مواجهة اختناق المدن العربية القديمة، كما تتناول المستشرقين الذين زاروا حضرموت، وأهم ما كُتب عنها، والهجرات التي ساقت الحضارمة إلى العالم، وخاصة الشرق، لنشر الدين وللتجارة.

ومن وجهة نظرها كباحثة أكاديمية تؤكد على أن العمارة الحضرمية هي واحدة من أهم نماذج عمارة العالم العربي، وتمثل عمارة عربية عبقرية غنية وحية ومتماشية مع العصر وقابلة للتطور، وهي في نفس الوقت عمارة تقليدية عربية أصيلة مازالت حية ومتصالحة مع بيئتها وسكانها، كون المدن والأحياء التي بنيت فيها منذ مئات الأعوام مازالت قائمة ومأهولة إلى الآن، ومازالت طريقة البنائين ذاتها لم تتغير حتى اليوم وقابلة للاستمرار، فضلاً عن غرابة وجودة ما تم إنجازه معمارياً بالاستعانة بطوب الطين من بنايات ترتفع لأكثر من ثلاثين متراً، ومآذن بعلو أكثر من 52 متراً، وتستوعب مختلف التأثيرات الشرقية والغربية.

يتناول الكتاب كذلك شهرة وادي حضرموت كمملكة لـ”البان” من خلال موقعه الهام على طريق البخور والحرير، ويذكر بعض معالم الوادي المعمارية والثقافية كمكتبة الأحقاف الغنية بالمخطوطات، ونباتاته كشجر السدر والنخيل، وحيواناته كالوعول والإبل والطيور، وبالطبع العسل الحضرمي المشهور، والحناء واللبان والبخور والتمر.

وعن صمود الحضارة اليمنية القديمة عبر الزمن، تقول عبدالغني “لقد استطاعت مدن اليمن، بعكس معظم المدن العربية القديمة، الحفاظ على الخصائص والطرز المميزة لها ولعمارتِها، وساهمت في ذلك – إضافة إلى اعتزاز اليمنيين بشخصيتهم وتقاليدهم وقيمهم – العزلة التي عاشها اليمن في مرحلة معينة، حين حكم الإمام يحيى المتوكل شمال اليمن وأقفل بلادَه في وجه رياح التأثيرات الأجنبية، وخلال الحكم الاستعماري البريطاني كانت عدن المرفأَ الرئيسي ومركز التجارة، وشهدت فيضاً من التوظيفات الأجنبية في مجال تخطيطها المدني وتنميتها المعمارية، أما المناطق الداخلية كحضرموت فقد ساهم عامل العزل في الحفاظ على بنيتها المعمارية، وكل هذا أسهم في الحفاظ على التراث اليمني وهويته”.

تمر الكاتبة في كتابها على المحطات الرئيسية في تاريخ حضرموت، وبعض أبرز حكامها وأعيانها وشخصياتها الدينية، وبعض أبرز شعراء وفناني الوادي، فضلاً عن توثيقها لأهم عائلات الوادي التي لعبت أدواراً سياسية واقتصادية في مراحل تطور المنطقة.

باسل العودات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى