كتابات خاصة

الشراكة مع صالح أم مع الحوثيين؟

أمجد خشافة

مجرد الحديث عن العودة للشراكة مع صالح أو الحوثي للقضاء على أحدهما يعكس عن حالة الاحباط الذي علق الكثير مصائر البلد على المجتمع الدولي منذ أن كان الحوثيون كتلة ضعيفة عجزت عن اقتلاع مركز دماج مروراً بعمران وحتى وصولهم لصنعاء دون أن يتحرك ذلك المجتمع إلاّ بقدر تصريحات كانت أكثر لؤماً. مجرد الحديث عن العودة للشراكة مع صالح أو الحوثي للقضاء على أحدهما يعكس عن حالة الاحباط الذي علق الكثير مصائر البلد على المجتمع الدولي منذ أن كان الحوثيون كتلة ضعيفة عجزت عن اقتلاع مركز دماج مروراً بعمران وحتى وصولهم لصنعاء دون أن يتحرك ذلك المجتمع إلاّ بقدر تصريحات كانت أكثر لؤماً.
وبالتوازي عما يحدث من دلال المجتمع الدولي للحوثيين عاد الجدل مؤخراً للبحث عن حل يعمل على فكفكة تحالف الحوثي وصالح كفرجة تنهي حالة الحرب، وانقسام بين من يعتقد أن الحوثي اذا تم الشراكة معه سينهي حضور صالح وبين رأي العودة لصالح كرجل لا يزال بيده البندق والرجال.
 من الواضح أن الجدل حول هذه المعادلة لم تعد خلاقة أو مجدية باعتبار أن الحل في اليمن تعدى فاعلية القوى المحلية أو الفاعلين المحليين وأصبح من يقرر إنهاء حالة الصراع هو المجتمع الدولي. 
حينما تقول السعودية في اللقاءات الدبلوماسية إن قتالنا في اليمن وتحركاتنا في سوريا هو للحد من النفوذ الايران في المنطقة في مقابل استماتت إيران ربط الحرب في سوريا بالحرب في اليمن؛ نعرف حجم الصراع الحاصل في البلد الذي تخطى الجدل حول من الأصلح للشراكة معه، الحوثي أم صالح، للخروج من الأزمة.
 لذلك موضوع مرهق وغير مجدي الحديث عن هذا الحل الذي أصبح الفاعلين المحليين خارج دائرة الحلول فيما هم، أصلاً، في بؤرة صراع تقليدي متصلين بدينامو أمريكا وروسيا والمملكة وإيران.
قالت، قبل سنتين، مندوبة دولة قطر في الامم المتحدة إن هناك مقايضة خطيرة تجري بين دول اقليمية وغربية لربط الملف اليمني بالملف السوري، وهذا التصريح عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء وقبل بدء عمليات التحالف، أي أن الحلول في اليمن مرتبطة بالحل بسوريا وهو تعبير عن محاولة مقايضة إيران ومن خلفها روسيا السعودية ترك سوريا مقابل اليمن كأسلوب أشبه ببيع وشراء في أسواق النخاسة، رغم أن المملكة حاولت ولا تزال تفرض عزله بين الملفين.
وعلى هذا النحو، يتضح حالة التشابك الذي وقع فيها البلد، وتعدي الحديث عن قوى محلية متصارعة للجدل حول ملفات دولية، والحديث عن صراع سعودي إيراني في المنطقة بدلا عن الحديث صراع بين الشرعية أو الحوثي.
وللرجوع إلى الدائرة الأكثر ضيقاً وللجدل الذي يدور حول من أكثرهم خطرا للقضاء عليه الحوثي أم صالح للخروج من مأزق الحرب فأكثرها خفة هو الحديث الذي لا يفرق بين خطر صالح كشخص والحوثي كمشروع.
صالح يمثل خطر اللحظة باعتباره لا يزال لديه القدرة على إحداث خراب لكنه اصبح يتلاشى يوم بعد يوم، ولذلك تجازوه المجتمع الدولي والسعودية، أيضاً، عن أي حلول، ولم يعد لديه سوى شعبية لا زالت في ذهنها صالح كرئيس وكسلطة لمدة ثلاثين سنة يعطي المال ويمنح الوجاهة، وبانتهاء مسببات تلك الذهنية سيفقد حتى من يمثلون حزامه ومن يعصب بهم على رأسه.
أما الحوثيون فهم يمثلون مشروع سلطوي ديني، حين يقاتل أنصار هذه الجماعة فهم يقاتلون تحت راية “يا لثارت الحسين” بعد أن يمنحهم الملهم إشارة الجهاد للانتصار “لعلي على أنصار معاوية”.
في أواخر 2013 حينما كنت أحد وفد اتجه لصعدة مهمته فك الحصار عن دماج ومساندة اللجنة الرئاسية في انهاء الصراع بين الحوثيين وطلاب مركز دار الحديث جلست بجوار طفل يحمل على كتفه “كلاشن” لا يتعدى عمره الـ14 في مجلس المحافظ وسألته عما اذا كان يدرس فقال إنه ترك الدراسة في الصف السادس للذهاب نحو “الجهاد في سبيل لله”.
يقضي مشروع الحوثي طيلة الاوقات في تجنيد الاطفال وصناعة ذهنيات قتالية قائمة على التضحيات وبمرور سنوات يكون الحوثي قد أنشأ آلاف ممن يمتلكون القدرة على القتال والانتحار في سبيل الحسين ومظلوميته.
كان قبل خمسة عشر سنة الكثير من قيادات جماعة الحوثي، حالياً، عباره عن مراهقين يجلسون أمام حسين الحوثي في حلقات دينية يتحدث فيها كل اثنين، ويفتحون أفواههم حين يلقي بكل انشداه عن ثورية الخميني وعن مفهوم أن “كل المصائب في الأمة الاسلامية مصدرها عمر”.
بعد مرور سنوات يكون صالح قد دخل القبر، فيما سيبقى الحوثيون كمشروع طائفي باقياً ولاّد بأجيال انتحاريين في سبيل سيدهم، ويخوض حروباً مذهبية تنتصر لطائفة أقلية، ولهذا كيف يتصور أصحاب ذهنية إمكانية الشراكة مع الحوثيين، بعد نزع سلاحهم، للقضاء على صالح رغم أن هذه الجماعة إذا سلم القراصنة في البحر أسلحتهم فلن يسلموا السلاح الذي لا يحدثون انتصاراً ضد خصومهم إلاّ به.
خروج البلد من مبين مطاحن الحرب هو تقديم الحلول كاستراتيجيا وليس للحظة، وحين يكون كذلك، فإن القضاء على صالح حالياً سيذهب بالكتلة الشعبية للمؤتمر باتجاه الحوثيين، إذ أن الشعوب الساذجة في الأخير لا تلتف إلاّ حول مصالحها الصغيرة (الأكل والشرب)، ومن يمتلك القوة وملكة التسُّيد.
وهنا يكون الحديث كيف بالإمكان تحييد صالح عن الكتلة الشعبية واخراجه من المشهد السياسي دون أن يكون ذلك لصالح الحوثيين، فبتماسك المؤتمر يبقي بقعة مهشمة وضعيفة في بنية الجماعة.
أما التفكير حول إنهاء عنف الحوثيين وتسُّيدهم كمشروع قادم فهذا يعتمد على مستقبل الصراع الدولي على المنطقة لأن الحوثين لا يمثل جماعة بل مشروع تحالفاتي مع إيران بالتزامن مع ذهنية الغرب، وهي الأخطر، القائمة على استنهاض الأقليات الشيعية في المنطقة العربية لإضعاف دور الأمة السنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى