آراء ومواقف

الأمم المتحدة ومأساة اليمن

محمد لطف الحميري

قبل أيام أطلقت رابطة اتحاد الشباب العربي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي وسمًا بعنوان (الأمم المتحدة تقتل تعز) ويقول منظمو الحملة إنها تهدف إلى التضامن مع السكان ضد الإجرام الذي تقوم به جماعة الحوثي والمخلوع صالح والتنديد بدور الأمم المتحدة المتواطئ الذي يشرعن ممارسات الميليشيا ويغض الطرف عن جرائمها التي تُرتكب أمام العالم منذ أكثر من عام. قبل أيام أطلقت رابطة اتحاد الشباب العربي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي وسمًا بعنوان (الأمم المتحدة تقتل تعز) ويقول منظمو الحملة إنها تهدف إلى التضامن مع السكان ضد الإجرام الذي تقوم به جماعة الحوثي والمخلوع صالح والتنديد بدور الأمم المتحدة المتواطئ الذي يشرعن ممارسات الميليشيا ويغض الطرف عن جرائمها التي تُرتكب أمام العالم منذ أكثر من عام.
تصاعدت وتيرة الاتهامات للمنظمة الأممية منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء حيث رمى مبعوثها جمال بن عمر بكل ثقله لحمل قادة وممثلي الأحزاب السياسية الذين كانوا حينها محتجزين في القصر الرئاسي وتحت فوهات بنادق الحوثيين على توقيع وثيقة سميت “باتفاق السلم والشراكة الوطنية” في اليوم نفسه الذي حدث فيه انقلاب 21 سبتمبر 2014 وكانت رسالة صادمة اعتبرها البعض اعترافًا أمميًا بالانقلابات المسلحة.

ظل الدور الأممي المشبوه محل تكهنات وجدل إلى أن كشفت وثيقة حصلت عليها قناة الجزيرة تثبت أن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة خاطب قياديا حوثيا باعتباره قائما بأعمال وزير الخارجية ولم تكتف المفوضية بذلك بل ضمنت الخطاب طلب إحصاءات عن انتهاكات حقوق الإنسان وهذا يعني إعفاء المصدر من أي مسؤوليات بشأن المعلومات المقدمة وفي الوقت نفسه إضفاء الشرعية على سلطة الأمر الواقع الانقلابية وبهذا تكون المنظمة الأممية حامية السلم والأمن الدوليين قد أفرغت عمليا القرار 2216 من محتواه وتحولت إلى وسيط غير نزيه.

السقطة الكبيرة التي كشفت عورات بان كي مون وفريقه تمثلت في التقرير السنوي بشأن الانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال في مناطق النزاع، وهو التقرير الذي أثار جدلا واسعا بعدما أضاف الأمين العام للمنظمة في اللحظة الأخيرة وقبل توزيعه على وسائل الإعلام اسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إلى القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال خلال العام 2015 حيث تشير محتويات التقرير إلى أن 60% من حالات قتل الأطفال كانت بسبب عمليات التحالف بينما أغفل وقائع كثيرة وثقتها الحكومة الشرعية ومنظمات حقوقية محلية ودولية بشأن جرائم وانتهاكات كان الآلاف من الأطفال ضحايا لها وارتكبت من قبل ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع، ولم يشر التقرير بتاتا إلى آلاف الأطفال الذين أخرجهم الحوثيون من المدارس وقذفوا بهم إلى المتاريس ليواجهوا الموت، وقد اقتصر دور الأمم المتحدة على التعبير الدائم عن القلق والإدانة لسقوط ضحايا من المدنيين يوميا في تعز بنيران ميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع لكنها لا تشير من قريب أو بعيد إلى الجهة المسؤولة رغم المشاهد اليومية المصورة للقصف والدمار التي تتناقلها وسائل الإعلام.

تبرز أسئلة كثيرة بشأن السلوك الأممي المتخاذل تجاه الأزمة اليمنية رغم أن كل شيء واضح لا لبس فيه ولا يحتاج إلى جهد بحثي أو استقصائي أو لجان تحقيق لمعرفة هل ما حدث انقلاب أم انتقال ديمقراطي؟ من الذي يدفع باتجاه منح الحوثيين المشروعية في موازاة الحكومة الشرعية؟ هل سيفلح المجتمع الدولي في إنفاذ قرارات مجلس الأمن الدولي؟ وهل أدت الضغوط الدولية إلى تراجع عاصفة الحزم عن هدف عودة الشرعية دون شروط؟ يبدو أن إيران أفلحت بشكل واضح في تبديد الجبهة الدولية الرافضة لمبدأ الانقلابات المسلحة وحولت مواقف أمريكا التي يهتف الحوثيون يوميا بالموت والفناء لها إلى دولة ترى فيهم خيارا مناسبا لحكم اليمن ولم يجد السفير الأمريكي لدى اليمن غضاضة في أن يشيد بوفد الحوثيين والرئيس المخلوع في مفاوضات الكويت بل ويبشر رئيس الوفد الحوثي محمد عبدالسلام بمستقبل سياسي باهر في السلطة السياسية المقبلة، وهذا يؤكد أن الخيار الأمريكي في المنطقة هو الإسلام الشيعي الذي يعلن للجماهير أن أمريكا هي الشيطان الأكبر لكنه في أروقة السياسة ودهاليزها يفتح كل القنوات ويحيك مع واشنطن كل المؤامرات لإخضاع منطقة الشرق الأوسط والسيطرة على ثرواتها.

يعيش اليمن اليوم كارثة تتضاعف مآسيها كل يوم، معاناة إنسانية من الجوع ونقص مريع في الخدمات وعبث طال كل أجهزة الدولة وتجريف الوظائف العليا لصالح الروابط المذهبية والمناطقية، حيث وجد المواطن نفسه أمام وضع اقتصادي منهار وعجز طرفاه الحكومة الشرعية الموزعة بين عدن والرياض وسلطة الأمر الواقع الانقلابية في صنعاء وكلاهما سبب للوجع وقهر العجز عن تحسين حياة الناس بل إن الأخيرة تصادر المساعدات التي تتسلمها من الأمم المتحدة وتبيعها في السوق السوداء لدعم المجهود الحربي، ولكن هذه الكارثة لا تعني الأمم المتحدة فهي مشغولة بالبحث عن مبررات تفرغ القرارات الدولية من محتواها وترسي عملية سياسية تضمن وضعا مريحا للحوثيين وحلفائهم ولو اقتضى الأمر دولة لهم في شمال الشمال لإعادة زعيمة عاصفة الحزم إلى بيت الطاعة.

نقلا عن الشرق القطرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى