يجب على مؤيديه أن يتخذوها وصية، يضاعفوا الجهود لإنهاء المليشيا، أن يغادروا حالة التذبذب، أما الذين اصطفوا مؤخرًا مع الشرعية فعليهم أن يغادروا مربع التحريش، أن يتخلصوا من حالة النمّ لإظهار أنفسهم أنهم أكثر ولاءًا للتحالف العربي من الآخرين.
أتذكر ذلك المؤتمري الذي كان فرحًا بانتفاضة الزعيم قبل سنة، كان يعاير المقاومة والجيش الوطني الذين لم يهزموا الحوثيين بعد ثلاث سنوات حرب، وكيف أن صالح هزمهم بيومين وليلة، كانت الأخبار مبشرة وتقول إن ست محافظات تحررت من الحوثي حسبما أدلى به أحد الصحفيين المؤتمريين لقناة الجزيرة. الحق يقال إني كنت فرحًا بتفكك التحالف الانقلابي، وبانتفاضة صالح المتأخرة باعتبار ذلك بداية الفرج، لكن الصدمة كانت قوية عندما جاء نبأ مقتل علي صالح، والحق أيضًا أني حزنت من تلك الخاتمة في ذلك اليوم.
صالح ليس بالسهل حتى تكون النهاية مفجعة، هو “الصعب” الذي يترك الخواتيم مفتوحة على لحقة من النهايات غير المتوقعة، فبالرغم من تنحيته عن السلطة حسب المبادرة الخليجية إلا أنه ظل شوكة في حلق النظام الانتقالي المنبثق منها، لقد تحالف مع الحوثي من أجل تأديب من أزاحوه، المعارضة وجناحه المنفصل عنه، شباب الثورة والشعب، كان مروضًا للأحداث الجسيمة ويطوعها لصالحه، ثم يبدو مبتسمًا في حديقة قصره محملًا بندقية صيد، ليقول للعالم إنه بعيدًا عن الآخرين ويقول لليمنيين: ما زالت الطرائد تتساقط أمام فوهة قناصتي.
كان حاذقًا، لكن طبعه قاده للتحالف مع المليشيا، وغيظه أذهب بخبرته في تقدير الخاتمة.
لن نجني مصلحة من التشفي برجل لم يدفن بعد، من حقنا مراجعة أحداث الماضي وانتقادها، لكن التشفي يثير حزازة في “المؤلفة قلوبهم”، من 2011 وحتى الآن نشهد أحداثًا جسامًا طالما كان صالح خلفها، لكن سوء الحوثي وطغيانه يفوق جسامة الآخرين مجتمعة، وعلاوة على ذلك نحن بأمس الحاجة للتوحد أكثر ضد الطغيان الكهنوتي، أعتقد ذلك في هذه المرحلة تحديدًا، ومن باب آخر أن التشفي والشتيمة “لا يصل إلى الميت ويؤذي الحي”.
بالرغم من كل شيء، إلا أني شعرت بالحزن.
ذلك المؤتمري والذي لم يفوت مناسبة للمليشيا أو حزب المؤتمر في صنعاء إلا وذهب إليها، أدرك فداحة الخطأ وهو يسمع خطاب الوداع المشوب برعشة الخاتمة، إما أنه كان مكذوبًا على الزعيم أو أنه كان في ذروة الشجاعة وهو يقول يكفي للمليشيا، انتفضوا.
يجب على مؤيديه أن يتخذوها وصية، يضاعفوا الجهود لإنهاء المليشيا، أن يغادروا حالة التذبذب التي يعيشونها، لا أن يهرولوا إلى وصيد الكهف للقيام بطقوس المهانة والخضوع للسيد، أما الذين اصطفوا مؤخرًا مع الشرعية فعليهم أن يغادروا مربع التحريش، أن يتخلصوا من حالة النمّ لإظهار أنفسهم أنهم أكثر ولاءًا للتحالف العربي من الآخرين، ليقدموا أنفسهم كبدلاء في الوقت بدل الضائع.
نحن بحاجة لنكون قبضة واحدة.. للتوحد أكثر من أي وقت مضى.. أما ذلك المؤتمري المسكين فقد نسى الخاتمة المروعة وصار يضحك تارة، وأخرى يتوعد بطارق، وثالثة يتجه للمشاركة في حفلة مولد ويعلل: علشان استلم راتبي.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.