كتابات خاصة

آباء الريال!

سلمان الحميدي

من أهم الأخبار التي أذهلت اليمني الأسبوع الفائت: العودة التدريجية للريال.. ومن باب الاستظراف نؤكد أن المقصود هو الريال اليمني وليس ريال مدريد بعد إقالة المدرب. من أهم الأخبار التي أذهلت اليمني الأسبوع الفائت: العودة التدريجية للريال.. ومن باب الاستظراف نؤكد أن المقصود هو الريال اليمني وليس ريال مدريد بعد إقالة المدرب.
الفرحة عمت مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يكن الناس مصدقين هذا الحدث التاريخي الذي يحدث لأول مرة. علمًا أن الريال السعودي قبل عاصفة الحزم كان بستة وخمسين ريال يمني، وفي الأسابيع الأخيرة ظل يتأرجح ما بين 180 و الـ 200 وزيادة.
التفاؤل كان مثيرًا، وكأننا ركلنا الفقر، وبدأنا ننتقل من حالة الانهيار الاقتصادي إلى حالة الرخاء، وقررنا ـ للتأكيد على الرخاءـ أن نشتري في نهاية هذا الشهر دجاجة مشوية كاملة. نحن ننتقل من الغلاء الفاحش إلى الرخص، وسنسمع الباعة بمكبرات الصوت ينادون: حق العشرين بعشرة، يا حراجاه يا راوجاه.. شل لك شل.. يا بلاشاه.
في يوم واحد، الريال السعودي بـ 190 ريال يمني، اليمني يستعيد عافيته، 180، 170، في تعز 160، في عدن 155، 140 في مأرب، يا رباه ما الذي يحدث؟ أيدينا على قلوبنا خوفًا أن نستيقظ الصباح والريال اليمني بخمسة سعودي!.
توقف عند 130 تقريبًا، وبدأت التهليلات من كل جانب، مع أنه كان قبل عاصفة الحزم بستة وخمسين بس..
ومع ذلك دعونا نحتفل بنصر الريال، الفرحة ليست مشكلة المشكلة في هامش الفرحة وحفلات التطبيل التي عايشناها مع هذا الحدث التاريخي.
يقال للنصر آباء أما الخسارة فبنت زنا.. صار للريال آباء، ومن أجل لا أحد يركب موجة النصر، أطل المؤيدون من كل زاوية، من قال أن هذه بركة رئيس الحكومة الجديد معين عبدالملك، هذا حمدي جديد قادم بقوة. ومن قال بأن هذه حنكة الرئيس العازم على ملاعبة الانقلابين رفعات. وكل مسؤول ينشر تهنئة للمسؤول الثاني. المحللون الذين في السعودية سيرجعون ذلك إلى “التركيبة البنيوية والرؤية الفاحصة للتحالف ضد الأيديولوجيات الضيقة للوعي المتدني ما أدى إلى… إلخ”.. الحوثيون أيضًا لهم نصيب في الأبوة وسيرجعون سبب التعافي المؤقت للريال إلى حنكة سيدهم واستراتيجيته في البطاط والتخفيف من المشاوير.
لم تنته الزفة هنا، في اليوم الثاني حكومة الشرعية تعقد اجتماعًا مهمًا لمناقشة المزيد من الحلول لتحسين الوضع الاقتصادي، والبنك المركزي ليس بسيطًا، يعقد اجتماعًا مهمًا لمناقشة إجراءات صارمة ضد بعض الصرافين من أجل أن يتحسن الريال أكثر وأكثر.. لم نشهد مثل هذا الاستنفار الحازم منذ عرفت البلاد العملات النقدية..
لم تقتصر المواقف على الداخل اليمني، صار لريالنا حصة وله تأثير إقليمي. من باب الذكاء إعلام التحالف ركب الموجة نفسها، قناة مثل العربية وأخواتها ربطت تعافي الريال بوصول ناقلتين نفطتين من التحالف إلى عدن زائد مصاريف الشحن، أقصد منحة الملك سلمان 200 مليون دولار.  مع أن الناقلتين لا تحسن من جيب عيدروس شلال.
اشتبكت هذه المواقف والردود مرة واحدة، مع أن الريال السعودي في ذلك اليوم كان يساوي 130 ريال يمني تقريبًا، علمًا أنه كان قبل عاصفة الحزم بستة وخمسين!.
ومع ذلك ليست مشكلة، سنفرح بهذا التحسن، مع أن الشعب بحاجة إلى تحسن ملموس في الجانب المعيشي، والله ما يعرف أحد، الناس تموت من الجوع وهؤلاء فرحين بلعب أدوار البطولة التافهة.
كلكم أبطال يا آباء الريال.. والشعب يفدى قلوبكم.. وخايف أن تشتبكوا مع بعضكم بسبب هذا النصر؛ لكن هل تعرفون أنه ـ بعد كل هذه الزفة التي حصلت وحركات النص كم، أن الريال عاود الهبوط مجددًا، وأنه توقف عند 130 فقط ليستريح قليلًا ثم يندفع من جديد، وأنه اليوم بـ 185..
خير.. مالكم ساكتين؟!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور)، ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى