كتابات خاصة

مأساة أخبار اليمن

إفتخار عبده

لقد ذهبت عنا تماماً رغبة متابعة الأخبار، ولقد أصبحنا نسمي من يتابعها ولم يصبه شيءٌ بالقوي المتين كان الناس في القديم متباينين بالنسبة لمشاهدة التلفزيون، فالرجال يحبون متابعة الأخبار والنساء تميل إلى مشاهدة المسلسلات وإن شاهدن الأخبار فبقليل من الوقت، والأطفال يحبون أفلام الكرتون إلى درجة كبيرة.

وكانت تحدث بعض المناوشات بينهم، فمنهم من يغادر عاتباً ومنهم من ينشغل بشيء أثناء مشاهدة الآخر لما يحبه، لكن الآن تجد غالبية الناس من رجال ونساء يعزفون تمامًا عن مشاهدة الأخبار، فمن الرجال الذين كانوا يعشقون نشرات الأخبار من قد أصيب  بالإحباط الشديد من مشاهدتها، وكأن مسّاً قد أصابه منها.
 حالياً تجد الكثير من الناس من يترك المشاهدة ومتابعة الوقائع ويذهب يهدر وقته بشيء آخر قد يكون بلا فائدة لكن له عذره بأن الأخبار تجني المصائب لا أكثر.
يقول أحدهم: لم يعد بمقدوري أن أشاهد الأخبار كما كنت في السابق لأنها من وجهة نظري أصبحت عفنة إلى درجة التقزز.. كلها موت وقتل ودمار، وإن لم يكن قتلاً وسفكاً للدماء فزلزال يصيب القوم، لم أجنِ شيئاً منها سوى الاكتئاب، الموت فيها زيٌ رسمي لا تكاد تخلو منه نشرةٌ واحدة، بل إنه يقترب منا كثيراً فقد أصبحت أرى أقاربي موتى في تلك النشرات والأخبار، إن مشاهدتي للأخبار في الوقت الحالي تصيبني بالإحباط والقلق المتواصل؛ لذلك حاولت أن أتجاهلها وأشغل ذاتي بغيرها قدر الإمكان.
وتقول إحداهن: إن زوجي يغضب كثيراً عند مشاهدته للأخبار وأراه يصب جل غضبه على الأبناء حتى أصبحت أخشى عليه أن يشاهدها كي يسلم الأبناء من غضبه الشديد الذي يصبّه عليهم؛ حتى الأبناء أنفسهم يخشون ذلك تمامًا ويحاولون تغيير القنوات كلما دخل والدهم المجلس، ولا أبالغ إذا قلت إن أغلب المشاكل بيننا سببها مشاهدته للأخبار، فما زالت تلحقنا لعناتها إلى منازلنا لنشاركها الضنك الذي تعيشه بين سطورها، نتوقف عن تناول الطعام في كثير من الأوقات إثر سد الأنفس منها، نحاول الهروب إلى الخارج لنبحث عن الغاز الذي يعلن انعدامه بين الفينة والأخرى، ثم إن إعلان ارتفاع الأسعار يقض مضاجعنا كثيراً ويمنع عنا الراحة.
لقد ذهبت عنا تماماً رغبة متابعة الأخبار، ولقد أصبحنا نسمي من يتابعها ولم يصبه شيءٌ بالقوي المتين كيف لا وهو يعيش لحظات كلها موت وهلاك، كيف لا وهو يعيش أوقات كلها توتر وعصبية، ما هو الشيء الذي سيرد له روحه، إن كان هناك بصيص من أمل فأمام هذا البصيص آلاف العقبات والتحديدات وما زال يتعثر ويصعد دواليلك حتى حسبناه من المفقودين.
ارتباكاً كبيراً نلاحظه فيها.. فهي في بعض الوقت تكاد تكون مسلية لنا بنشرها لبعض الأمل وهي في أغلب الأحيان مصدر من مصادر التعاسة لا أكثر.
انهيار كبير يصيب أرواحنا منها كيف بمن يسجلها ويعمل عليها جاهداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى