قائمة الأغراض طويلة، ووصول الراتب بعد غياب شاق وطويل، جعلتنا نفكر جديًا بشراء سلة بطاط كاملة، إسطوانة الغاز فارغة منذ أسابيع لذا أخذتها معي إلى السوق. الضوضاء تضج، وقبل ذلك بكثير كانت أصوات الطائرات تدوي في سمائنا.
أعطتني أمي كل ما تبقى من راتب أبي، خرجت من البيت منتشيًا، لقد صرت في موقع مسؤول وعليّ أن أرتب عملية الإنفاق بما يتوافق مع الميزانية التشغيلية للأسرة، وكنت أخطط في نفسي للاستيلاء على الفائض، ليس لأشيد به عمارة وأشتري باص، الفائض هنا أن أحظى بتخزينة جيدة.
قائمة الأغراض طويلة، ووصول الراتب بعد غياب شاق وطويل، جعلتنا نفكر جديًا بشراء سلة بطاط كاملة، إسطوانة الغاز فارغة منذ أسابيع لذا أخذتها معي إلى السوق. الضوضاء تضج، وقبل ذلك بكثير كانت أصوات الطائرات تدوي في سمائنا.
سمعت شابًا يشتم أخاه الكبير، لم أتبين السبب الرئيس للشتيمة، غير أني سمعت الشاتم يبرر “الدبة البترول بعشرين ألف، عدُّوكِهْ لما نشف ريقي”، فيما اكتفى أخوه الكبير بالابتسامة.
لم يتبق في جيبي شيء، الميزانية التشغيلية لأسبوع كانت وهماً، دخلت البيت محتارًا ومديونًا لصاحب الدراجة النارية، وقد قمت بتعبئة نصف الأسطوانة فقط.
عندما دخلت الفيس بوك، تفاجأت بحفلة شتائم يقيمها مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أولئك المؤدبين المفعمين بالتهذيب، افتقدوا السيطرة على لياقتهم وانضموا إلى الحفلة المقامة على شرف الثالوث الظاهر في المشهد اليمني: الحكومة، التحالف، مليشيا الحوثي.
كانت جماعة الحوثي سببًا رئيسًا لكل هذا الخراب الهائل، كانت الدبة البترول بـ 2500، قررت حكومة الوفاق وقتئذ زيادة ألف ريال، فاجتاح الحوثيون البلاد لإزاحة الألف الظالم وابن الكلب، كان الريال السعودي يزيد قليلًا عن 50 ريال يمني، لكن ما الفائدة مع الخراب والدمار واستمرارية بطش الحوثيين وحربهم المسعورة، ولإنقاذنا من ذلك قرر التحالف العربي بقيادة السعودية أن يساعد الشعب اليمني ضد البطش الجائر، وكانت أضخم مساعدة على الإطلاق. ارتفع الريال السعودي وذوى اليمني وعملته، هبطت قيمته إلى 230 هذا الأسبوع..
التحالف يساعد من هناك، والحوثيون يساعدون من هنا، كلهم منهمكون بعملية المساعدة، يُعطِّفون أكمامهم ويمدون أطماعهم ويبدأون: بسم الله نساعد الشعب الصامد.. نساعد أصل العرب.
عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد وبمعيشة الناس، ينسى المواطن المساعدة العسكرية ويسأل: ما الفرق بين المليشيا والتحالف؟
أما إلحاق الشتيمة بالحكومة فلظهورها الرخو في مقاعد الفرجة على الوضع المأساوي..
ثم يأتي من يزعل من الشتائم..
في وضع كهذا، لا تتوقع من الناس أن يشكروك، أن يتذكروا أفضالك ومحاسنك ليهتفوا باسمك، أن يرفعوا صورك مبتهجين، أن يرقوك في أذهانهم إلى مراتب الفاتحين. بدأ الناس يخرجون عن طورهم، ولم يتبق من أساليب التعبير غير الشتائم وما يرافقها من مظاهر التعبير عن الاستياء، استقبلوها مبتسمين وتقبلوها بصدور رحيبة، استحملوها مهما كانت قاسية، “سهل اشتكبروا وتنسوا”.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.