دار في خيالي سؤال، ترى ما الذي أخلّ بوجهها إلى هذه الدرجة فقد كانت تصنف ضمن الجميلات في المنطقة، نوع من السكوت انتابني، لا أود أن أتحدث معها وهي في هذه الحال، سيكون حديثي كله تنغيص لها، رأيتها تحدث نفسها بهمهمات غريبة لم أستطع تميزها لكن وجهها دل كل الدلالة على أن الحزن قد أخذ حقه من قلبها.
كانكسار الشمس في عز النهار بدا وجهها مكفهرًا إلى الدرجة التي لا تُتخيل ولا نستطيع لها وصفًا، كاسوداد القمر بالوقت الذي تصفعه سحابة الحزن وهو يحاول أن يمارس حياته اليومية كما تفعل بقية الكواكب، عائدة من مكان بعيد، تُدخل أحد الحشائش بين أسنانها بعنف، وكأن فمها ليس منها، ثم تبصق بتوجع وكأنها تتمنى أن تمتلك قدرة لتخرج روحها مع ذلك البصاق.
دار في خيالي سؤال، ترى ما الذي أخلّ بوجهها إلى هذه الدرجة فقد كانت تصنف ضمن الجميلات في المنطقة، نوع من السكوت انتابني، لا أود أن أتحدث معها وهي في هذه الحال، سيكون حديثي كله تنغيص لها، رأيتها تحدث نفسها بهمهمات غريبة لم أستطع تميزها لكن وجهها دل كل الدلالة على أن الحزن قد أخذ حقه من قلبها.
مضت بطريق غير المعتاد وهذا ما فتح إليَّ السبيل للسؤال عن حالها، أشرتُ لها بالطريق الصحيح قبل البدء بالحديث لأن الطريق الذي تقطعه وعرٌ للغاية، قالت ماعاد يهمني صعوبته، فالحياة قد أصبحت لا تطاق.
خشيت أن أسألها عن سبب هذا التشاؤم منها فقد سألت غيرها من قبل وكان الجواب مبكيا لي ولهن مما جعلني أشك في نفسي أنني لا أحسن التصرف مع الآخرين، قلت لها أين كنتِ اليوم أرى على وجهك علامات التعب الكبير، يبدو أن المسافة التي قمت بقطعها كانت كبيرة، تنهدت بصوت مرتفع وقالت، أردت أن ألحق ابني لكني لم أستطع، ولم أقدر على إقناعه بعدم الذهاب، قلت لها إلى أين هو ذاهب؟ نظرت إلى خلفها أدارت ظهرها لي بغير قصد منها، أحسست وقتها أنها تتصارع والبكاء لم يكن ذلك الموقف هو أول موقف أعشيه بذلك الحزن، وليست المرة الألى التي أرى فيها أماً تبكي على ولدها.
بغير علم مني قلت لها: إن ابنك كبير ويعلم ما يفعل لا تخشي على أمره، هزت رأسها بنوع من الملل وقالت: هذا صغيرهم أقسم أن يلحق أخاه الذي لم أره منذ عامين ولم أعلم عنه شيئاً، أهو فوق الأرض أم في باطنها، لا أعلم إذا ما مات.. هل دفن أم بقي للكلاب فهم لايهتمون بموتاهم؟؟
وأين أخوه، قلت هذا وأنا أعلم أنه ذهب ليقاتل في صفوف المليشيا، أخذه صديق له أخبره أنه سيلقى المال والمأكل والعيش الرغيد هناك، أخبره أنه سيتزوج أول ما ينضم معهم.
قالت بعد صمت طويل: لقد غادر البيت بغير رضا مني، لم أكن لأتوقع منه فعل ذلك فقد كان مطيعًا لي منذ بداية حياته، ثم إن الأمل كان في قلبي لمدة طويلة حتى زال بعد حين أردت أن أهتم بهذا الذي تركني اليوم، لكني لم أستطع أذهب مع الذين أتو ليجندوا الأطفال ولا أدري ما الذي حمله على فعل ذلك فقد كان في القبل ممن يتمنى زوالهم كما أزالوا أخاه الأكبر.
طلبت منها أن تهدأ قليلًا لعل الله يحدث لها خيرًا..
قالت: وأين الخير ما دامت هذه الحرب في أرضنا ألا تري كيف نحن، إننا ننجب الأبناء لهم كي يقتلوهم ونبني البيوت كي يقوموا بهدمها، نصنع الأحلام فيسحقونها، نزرع الأرض ليأخذوا محصولها، عن أي خير تتحدثين، ألجمني جوابها هذا ووقعت في حيرة من أمري، أخبرتها مسرعة لاتقلقي لعل قلبه يرجعه إليك.
سخرت من حديثي وقالت: لو كان ذاك لكان أخوه عندي، لا أدري ما هي التعبئة التي يتلقونها فينسونا وينسون ما هم عليه، دعيني وشأني.