كتابات خاصة

الإرهاب كثقافة

أحمد ناصر حميدان

الإرهاب أخطر وسائل الباطل لمواجهة الحق، يتلبس الدين تارة والوطنية تارة أخرى، الإرهاب ثقافة لا دين ولا وطن له، موطنها العنف، بيئتها الفوضى، يحلو لها غياب الدولة والنظام والقانون.

في لحظة انين عدن وأوجاع ابنائها من الارهاب، القاتل الخفي الذي يأخذ منها اخيارها، ممن ذادوا عنها من الارهاب الطائفي الكهنوتي الحوثي، من شباب مقاوم ورجال امن أشاوس وكوادر، وائمة مساجد وتربويين، تعرفهم عدن جيدا افرادا، وهي حزينة على فقدانهم، تنتظر مواساة وتطبيب الجراح، تصطدم بهول الفاجعة، بتصريح طائش مجنون لا يمثل عدن يقول (حيث تم سحق كل أوكارهم وجحورهم، قاصدا حزب سياسي وجمعيات خيرية هي اليوم المستهدفة، في رهان مجنون على العنف ومليشيا، خارج كيان الدولة، تمارس العقاب خارج إطار النظام والقانون والقضاء والعدل، تسحق كل من يعارضها).
بذهنية غارقة في الانتقام، تصنع هذا المشهد السياسي الدموي بوضوح سخريتها من شركاء الوطن، بمبرر الارهاب، تتحالف معه وتحاربه بمزاج سياسي قذر، والسخرية والخسارة تمتزجان معا وتغذيان بعضهما البعض بقوة استمرارهما طرديا، بين وهم النصر والهزيمة، بنشوة القوة والتمايز، تنجر للأخطاء الكارثية والانتهاكات السافرة، بتراكم الأحقاد والضغائن، في هد جسور الثقة بالآخرين، في صراع عبثي لطواحين الهواء، كمتهم مدان منبوذ شعبيته تتناقص وتواجده ينكمش وتحالفاته تنهار.
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، (صدق الله العظيم)، ذهنية تعيد انتاج مآسياها لتعيق الولوج للمستقبل، بإرهاب سياسي وفكري، إرهاب معنوي يصيب الروح ثم الجسد، يفسد الحياة، يطرد فينا كل خير ليلبسنا الشرور، فتختبئ الأسباب الحقيقة خلف ذرائع وهمية، جذورها هو التطرف والتشدد والتزمت إزاء فكر (أو أيديولوجيا أو قضية) تطرفا دينيا أو سياسيا يأخذ منحى مضلل، فكري طائفي مناطقي، يدفع للعنف، يجد مقاومة فيشتد ضراوة.
ارهاب فاقد الحجة والمشروع والحق، يرعبه التنوع ومجتمع ينبض حياة ومُثل، فيصيبه بالكساح، بتجريف فسيفسائه الرائعة من التنوع، امتداد للهشيم التاريخي المتراكم، كاستمرار لمسيرة الفشل العام.
الإرهاب أخطر وسائل الباطل لمواجهة الحق، يتلبس الدين تارة والوطنية تارة أخرى، الإرهاب ثقافة لا دين ولا وطن له، موطنها العنف، بيئتها الفوضى، يحلو لها غياب الدولة والنظام والقانون، وسيلة إخضاع وفرض أمر واقع على للآخر تقبله، تسيس الاسلام، وتزج بالسياسة في الاختلافات الطائفية والمناطقية، هذا هو واقعنا للتذمير الذاتي للحياة.
الإرهاب هو فكر وثقافة، نشاة أسرية واجتماعية، أساسها التربية والتعليم ومناهجها والسياسة التعليمة، والمعاهد والمدارس الخاصة والمنابر الخاضعة للدولة وغير الدولة، ينتج صالح وطالح، عبث طال حياتنا فأنشأ تطرفا. وأفكار ضالة وقيد العقول وعفن الروح، وزاد الطين بلة الصراعات والمكايدات، فكر نما في أحضاننا، وسط أسرنا في المسجد والمدرسة والمعهد، شحن أعمى، وخطاب مضلل، طفل تصلب عوده كارها وحاقدا، صار يافعا يشكل خطرًأ وضررًا، فقاومناه وكلما قاومناه اشتد غلاظة وانتشر في البيئة الحاضنة له، هم منا وإلينا، كلما وجدوا فراغًا ملأؤه، وعنف استثمروه، ومنبرا اعتلوه، ونظامًا وقانونًا تحاشوه، إنها النار من مستصغر الشرر يصبون عليها الزيت، بتطور وتنوع الأساليب، من تكفير وانحلال وكراهية وحقد وغير ذلك، كلما غاب العدل واستوطن الظلم والاضطهاد والاستبداد، كلما ازداد الضغط الفكري والعاطفي الذي ينتج ارهابا، نحن اليوم ضحاياه.
الحرب على الارهاب واجب وطني وانساني، لنكن أدوات حل لمشكلة قائمة نعالج جذورها لا أعراضها، أدوات طاهرة من الأنانية والسخرية، قادرة على نشأة مجتمع وامة تتفوق فيها انسانيتها على عصبيتها، نشاءه ثقافية وفكرية، تتوازى مع النهضة والعصر، نركز اهتمامنا على الفرد كثروة بشرية مستدامة، والتعليم كأداءه للنهضة وتطور الامم.
وهناك من لا يزال مشكلة وينتج مزيدًا من التعقيدات للمشكلة لا يمكن أن يكون حلًا!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى