فقط لأن أبسط الأشياء تسعدهم؛ تلك التي قد لا يرها المرفهون شيئا يستحق الاحتفاء.
الفقراء هم الأقدر على خلق فرحة العيد..
فقط لأن أبسط الأشياء تسعدهم؛ تلك التي قد لا يرها المرفهون شيئا يستحق الاحتفاء.
هذه الفرحة العارمة تشاهدها في عيون طفل فقير تحصّل على ملابس مستعملة فرأها العيد في أبهى صوره قد أتى على هيئة ثياب لم يكن ليحصل عليها لولا العيد.
هذه الفرحة تراها في عيون الفقراء حين يتذكرهم الناس بفائض مأكلهم وملبسهم فيدركون أن الدنيا ما زالت بخير وأنهم ما زالوا أحياء.
ثم أن العيد تظاهرة روحية لذا هو عند الفقراء الرضا بما قسم الله لهم؛ الرضا الذي يجعل حياة الفقر مستساغة والثقة برحمة الله هي الباعثة على الصبر والأمل.
أعيادنا نحن اليمنيون مؤجلة وإنما نحن نؤدي شعيرة دينية واجبة.
نستقبل العيد من أجل أطفالنا كي يظلوا على اتصال بعالم الطفولة الذي من حقه أن يفرح ويحتفي.
لولا هذا اليقين لصار العيد هماً إضافيا؛ بسبب تكاليفه الباهظة ومتطلباته التي يرقبها المرء بخوف وقلق.
فأي عيد سيذكر عند أسر بلا دخل منذ ثلاثة أعوام وأكثر؛ أي عيد يمرّ على بيوت لا تخلو من شهيد أو معتقل أو شريد أو نزوح.
أي عيد غير الأمان وإعادة الحق ليس سوى نكأ للجراح وتجديد للحزن في القلوب.
عيد الأضحى الذي هلّ علينا تحول في غالبية البيوت لحدث مزعج إن لم يكن مؤلم.
صار فيه اليمنيون أضحية يضحي بها الساسة قربان للحرب وقد تقاسموا ظلمه وإزهاق حريته وروحه كما ينبغي لكل أضحية أسلمت نفسها للذبح بصمت.
المنازل التي خلت من أساسيات العيش ومتطلبات الحياة الضرورية لن تفكر في رفاهية الأعياد التي تعد أساسية حياتية عند شعوب أخرى.
ومع كل هذا السواد الذي يعتصر المشهد اليمني إلا أن عظمة هذه الروح تتجلى في التفاصيل البسيطة للعيش؛ في اختلاق الفرح كشعيرة دينية.
أنه نضال وكفاح من نوع فريد لا يقدر عليه سوى اليمني العريق في قوة تحمله وصبره ومثابرته.
أنه يعيش حياته عنادا للموت ونكاية بأعدائه من حرب وفقر وجوع وأمراض تحاصر هذه النفس الأبية.
يعيش رغم الوجع ويتكيف رغم الضيق ويصبر حتى يأتي الفرج.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.