هذا الاسم لا بد أن يبقى الأكثر شعبية في العالم. صرت متحمسًا له أكثر بعد استشهاد أخي محمد..
في اليوم التالي من استشهاد أخي محمد، كانت أمي تنادي طفلي خالد بصوت باك: مـ..حمـ..ـد.
لا تريد لبريق هذا الاسم أن يتلاشى.
يبدو الاسم عاديًا، غير أن من يحمله كثيرون، في واحد من أعماله ذكر حمزاتوف عن كاتب من داغستان بأنه كتب خمسة عشرة قصة أو عشر، عن خمسة عشرة محمدًا أو عشرة، في كتاب واحد من قرية واحدة بتفاصيل مختلفة.
هذا الاسم لا بد أن يبقى الأكثر شعبية في العالم. صرت متحمسًا له أكثر بعد استشهاد أخي محمد..
قبل أيام قرأت “كتاب محمد” للعزيز جمال جبران، حسدته على إجادته صوغ ذكرياته مع شقيقه محمد، كتب تفاصيل حياته بحزن شفاف، محمد الذي لم يظهر في كلمات جمال قبل موته، يظهر في الكتاب بطلًا، والكاتب وما خلفه من تفاصيل عن الأسرة وأوضاع البلاد تظهر كخلفية لا غنى عنها. عندما كان جمال جبران يكتب في الفيس بوك أنه لم يكن يعرف العربية ولا يتحدث إلا بالأثيوبية عندما كان طفلًا كنت أحسبه يمزح. تأكدت من ذلك من كتاب محمد، لقد كان شقيقه محمد مترجمًا له، في الكتاب يظهر جمال في السجن، ينهض من تحت شاحنة مياه، يلعب بعربة نقل المرضى في المستشفى، يلعب الكرة أمام فريق الكشافة، لا يفهم ما يقوله الآخرون، لكن محمد هو كل شيء، هو حارسه الشخصي الذي يحميه من بطش الآخرين دون أن يعرف، وهو الذي يلاعبه بالغرفة فيرعف جمال بسبب مشكلة في أنفه فيتحمل محمد العقاب من أمه زمزم.
الحزن لا يحتاج إلى ذكريات مرتبة، الحزن يفاجئك كل يوم بذكرى، لذا بدا كتاب محمد بموته لتظهر التفاصيل المجزأة بما يشبه القصص. تحت كل عنوان كأن جمال يبدأ الكتابة من جديد، نكون في حفل عندما تخرج من الجامعة، لننتقل تحت العنوان الذي يليه إلى السجن عندما كان جمال طفلًا في المدرسة.
وجدتني في الكتاب الحزين، أحيانًا أعود لبعض التفاصيل ثلاث مرات، جذبتني سلاسة الكتابة الحزينة، تشبه دمعة منحدرة من خد أسيل لأم تبكي ابنها “محمد”، ربما لأني حزين لفقد أخي محمد.
يقول جمال جبران: «تضاعفت حالة صداقتي مع رفاقي القدامى والحاليين الذين يحملون اسم محمد، أصبحت أكثر قربًا منهم كي أستغل أي فرصة، بمناسبة وبدونها كي أقول: محمد».
خلال العشر السنوات الأخيرة بدأ الريف يدخل في حالة تجديد مع الأسماء، الناس في حالة تيمن رهيبة بالقادة والزعماء والمناضلين وأبطال المسلسلات الحاليين، في الفترة الأخيرة، ومع الحرب، تكاثر المواليد في المنطقة، وكل من ذهبت إليه، أقول له: سمه محمد.
حتى من اسمه محمد، وحتى من لديه ولد بهذا الاسم.
«تصل نبرة الاسم إلى قلبي مثل لحن. محمد. تثلج نار الحنين والشوق المزدحمة بداخله. هو جوع لاسم محمد ولرائحة محمد ولصوت ضحكة محمد. وأقوم بترديده من دون ارتباك أو انتظار مناسبة لقوله».
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور