هناك قلة قليلة تؤمن بالمواطنة والمساواة والكفاءة لا الانتساب. لكنها ضاعت تماماً وتجريبياً.
الأزمة الحالية في اليمن والتي تمثل الحوثية أكبر تجلياتها هي أزمة اخلاقية قبل أن تكون سياسية.
كل المجتمعات تحتمل الصراعات السياسية وهذه يمكن معالجاتها بتوسيع المشاركة في السلطة وصناعة القرار وإعادة توزيع الثروة. والصيغ السياسية لحل هذه المشكلةً عديدة من الفيدرالية.
لكن المشكلة الحالية التي ينبغي التعامل معها دون مواربة هي من ناحية ادعاء الجماعة الهاشمية السلالية الاصطفاء الإلهي وبالتالي الأحقية في الحكم.
الهاشمي الذي لا ينتمي إلى الحوثية ويبغضها ولم يقاتل أو يدعم أو يدافع عنها يُؤْمِن في قرارة نفسه أنه أفضل من غيره من الناس على وجه البسيطة لأنه ببساطة ينتمي سلالياً إلى نسب علي بن ابي طالب.
هناك قلة قليلة تؤمن بالمواطنة والمساواة والكفاءة لا الانتساب. لكنها ضاعت تماماً وتجريبياً.
الاسلام والقرآن والنبي بالنسبة لهولاء مشروع عائلة. ولديهم ممارسة تاريخية طويلة في التحايل على القيم الانسانية . فإذا أخبرته أن ادعاءاته السلالية تتنافى مع المنطق والعيش المشترك وهي انتهاك لأبسط الحقوق وتجريف ديني يحكم عليك بأن لديك عقدة نقص.
أنت في نظره مريض وعندك عقدة نقص وعقدة دونية لأنك لا تماهيه في ادعاءاته بالفوقية السلالية.
هذه الأزمة الأخلاقية تتجاوز اليمن وهي منفذ استغلال وأبغض الممارسات الانتهازية في العالم الاسلامي. بل إنها ممارسة إسلامية قادحة في قدرة الإسلام على التوافق مع المساواة والحريّة والعدالة.
لكنها في اليمن قاسية وذات وطأة تاريخية كبيرة.
ومن ناحية اخرى، هذه النزعة العنصرية توفر بيئة خصبة لانتعاش النزعات العنصرية المضادة أو الكامنة. وهناك تجلي لممارسات عنصرية على اسس جهوية مناطقية أو مذهبية. أحد أكثر هذه الممارسات القاتلة هو السلوك الإداري الممنهج في تخصيص الوظائف في إطار الحكومة الشرعية. حيث يمارس بعض الجنوبيين سياسة إقصاء لكل ما هو شمالي. الوظائف في سفارات اليمن يعكس هذا المسلك الفاضح بوضوح.
وعملياً، لا يمكن مواجهة العنصرية بعنصرية. فالشرعية على هذا النحو نفقد شرعيتها الاخلاقية. لكنها أيضاً تفسد المشروع الذي تدعي القيام عليه، وهو مشروع اليمن الاتحادي.
للجنوبيين الحق الكامل في الانصاف من الظلم والتهميش أو حتى أي خيارات سياسية يريدونها. لكن هذا لا يعني أن يؤسسوا ذلك من خلال ظلم وتهميش أي فئات يمنية اخرى خصىوصاً في المرحلة الحالية التي تجعل تكالب الجنوبيين على الوظائف بنفس قسوة ونهم السلاليين على السلطة والاقصاء نفسه.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”