كانت لغة الأرقام تقول إن الأسلحة الشخصية المتوافرة في حوزة المواطنين تجاوزت 60 مليون قطعة. وهي المعلومة التي تخص الفترة السابقة للحرب الأخيرة التي أسفرت عن ضخ كميات هائلة ومرعبة لهذا النوع من الأسلحة في شتى أنحاء البلاد.
تواترت الدراسات والبيانات التي أشارت دائماً إلى فداحة الخطورة الكامنة في تلافيف المجتمع اليمني جراء استشراء ظاهرة انتشار الأسلحة بين أفراد هذا المجتمع. وبعض هذه الدراسات أشار إلى أن حوادث حمل وسوء استخدام هذه الأسلحة في ازدياد مستمر، بل أنها تتزايد بمعدل يتجاوز 24 % سنوياً، وهي نسبة كبيرة جداً وخطيرة جداً!
وفي الوقت الذي كانت الدراسات بهذا الصدد تشير الى أن نُسَب حيازة الأسلحة الشخصية تتزايد في المحافظات الشمالية والشرقية، وتقل كثيراً في المحافظات الجنوبية والغربية، بينما تكاد تنعدم في محافظتي عدن والحديدة، فان افرازات الحرب الأخيرة والمستمرة إلى اليوم قد ساوت بين الرؤوس -إن جاز الوصف- في هذا المجال!
كانت لغة الأرقام تقول إن الأسلحة الشخصية المتوافرة في حوزة المواطنين تجاوزت 60 مليون قطعة. وهي المعلومة التي تخص الفترة السابقة للحرب الأخيرة التي أسفرت عن ضخ كميات هائلة ومرعبة لهذا النوع من الأسلحة في شتى أنحاء البلاد.
وقد صار الغالب الأعم من الناس -حتى الأطفال والنساء! – يمتلك الواحد فيهم أكثر من قطعة سلاح، ناهيك عن تزوُّد القبائل بترسانات أسلحة متوسطة وثقيلة من شأنها تهديد أمن اسرائيل!
كان عدد من مسؤولي الدولة، وعلى رأسهم الرئيس السابق الراحل، يُردّدون في أكثر من مناسبة وبدونها أن السلاح “زينة الرجال” وليس أداة قتل في كل الأحوال، يساوون في ذلك بين السلاحين: الأبيض والناري.
غير أن الحروب والقلاقل المسلحة التي لم تهدأ منها البلد يوماً أكدت على الدوام أن السلاح نقمة دامية وليس زينة على الاطلاق، حصدت الأرواح وهدمت البنى ووأدت الأحلام.
وتطالعنا مواقع الأخبار ووسائط الاعلام -بصورة يومية- بأنباء وتفاصيل الحوادث والجرائم المتوالية جراء هذه الظاهرة الكارثية، وليس آخرها بالتأكيد جريمة قتل أستاذة العلوم في جامعة عدن وابنها وحفيدتها عشية رمضان.
وقد صارت الأسلحة النارية تتربّع على أكتاف الصغار قبل الكبار وفي المدن قبل الأرياف، في ظل انعدام أدنى ضوابط التقنين في حمل واستخدام الأسلحة، جراء انعدام سلطة الدولة وهيبة النظام، بسبب تداعيات الحرب الأخيرة والمستمرة.
إن عديداً من الضحايا أزهقت الأسلحة أرواحهم، حتى في المناطق التي لم تعد تشهد عمليات حربية، بعد أن صارت الأسلحة التي وزَّعتها أطراف هذه الحرب بالهَبَل، أدوات لتصفية الحسابات الشخصية والثأر والسطو المسلح، عدا حالات القتل الخطأ جراء الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناسبات والأعراس والاستخدام الأبله في المزاح بين الأصحاب، لاسيما في ظل الانتشار المرعب للمخدرات وحبوب الهلوسة في أوساط الشباب وصغار السن!
نقمة السلاح في اليمن ليست حديثة العهد بالطبع.. غير أنها صارت أخطر بكثير جداً مما كانت عليه في سابق عهودها.
فاذا كان الوضع بالغ الخطورة في ظل توافر قرابة 60 مليون قطعة سلاح، فما الذي سيؤول اليه الوضع في ظل استشراء كميات من الأسلحة تفوق ذلك الرقم بأكثر من عشرة أضعاف على الأقل؟
قد تنتهي الحرب.. لكن السلاح سيبقى في كل بيت، وفي كل يد.. وهنا تتجلى ضخامة الكارثة!
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور