في مولات الملابس يثير استغرابك رفاهية المشتريات وبذخها.
وتقف لتتساءل هل نحن في حرب حقاً؟!!
أين المجاعة التي تجتاح اليمن بشراستها؟!
في مراكز التسوق تدهشك زحمة المتبضعين؛ في المطاعم تذهلك كثرة الزبائن.
في مولات الملابس يثير استغرابك رفاهية المشتريات وبذخها.
وتقف لتتساءل هل نحن في حرب حقاً؟!!
أين المجاعة التي تجتاح اليمن بشراستها؟!
ستشعر أن أمور البلد طيبة كما قال أحد عمال المولات حين استنكرت أمامه غلاء ملابس الأطفال، وكيف يكون حال من لا دخل له وكيف يكتسي أطفاله في عيد يقترب حثيثا ككابوس والمواطن بلا مرتب؛ قال جازماً:
-هذا شعب لا يحتاج راتب لهذا لا يطالب به؛ أنه شعب غني من بيتهم.
لكنك لن تشعر أن هناك شيء طيب؛ وأنت ترى بعينيك أحد زبائن المول يعيد كل ما تبضعه داخل سلة التسوق بعد أن فوجئ على الكاشير أن الفاتورة أضعاف ما يحمل من مال.
كثيرون وقفوا هذا الموقف الموجع والمحرج وانسحبوا بنزر يسير مما جمعوا من على رفوف البضائع.
هذا الشعب غني بالصبر فقط..
المجاعة والعوز تكتظ في الشوارع الخلفية للحياة لن تأتي إلى المولات والمطاعم ومراكز التسوق؛ وجهها القبيح لن يظهر متزينا بالبذخ؛ هي تختفي في أحياء الفقراء وعفيفي النفوس كما تختفي حاجات الكثير في صدورهم ولا يعلمها سوى الله.
هي تنفجر على حياء في طوابير منظمات الإغاثة؛ تتعرى في سلاسل بشرية تطالب بالكفاف ولقمة تسد فم الجوع الشره.
ذليلة الظهور أمام كاميرات التصوير فهي بدورها ترى الإنسانية عارية من ستر العدل والإنصاف فتخجل نيابة عنها.
عندما ضربت المجاعة المغرب عام 1945 أكل المغاربة كل ما في طريقهم من عشب ونبات وحيوان حتى القنافذ والجراد لكن الشعب اليمني سيجد الطيرمانات مليئة بالحيوانات البدينة التي تستحق أن تؤكل نيئة.
هكذا يبدو المشهد فئة تصاب بالتخمة والثراء الباذخ المتسارع وبقية الشعب ينزلق في مجاعة متسارعة تلتهم المستورين وتعري سترهم.
تناقض المشهد رغم استفزازه يبدو طبيعيا في ظل حكم عصابة تسرق حتى مواد الإغاثة.
وفيما العالم يضع عشرات الحلول الجذرية تقام من أجلها المؤتمرات العالمية لمكافحة السمنة تترك شعوب كاملة فريسة الجوع لأن الجوع لم يعد جائحة أو كارثة بل سياسية ونظام لتركيع الشعوب.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.