الهوية اليمنية التي صارت أكثر من غريبة وسط التجاذبات الاقليمية والدولية والمشاريع الداخلية ما قبل الوطنية، ستظل هي الخلاص الوحيد لليمن ولليمنيين.
الهوية اليمنية التي صارت أكثر من غريبة وسط التجاذبات الاقليمية والدولية والمشاريع الداخلية ما قبل الوطنية، ستظل هي الخلاص الوحيد لليمن ولليمنيين.
والحال أن الهوية الوطنية اليمنية ليست شافعية ولا زيدية بل يمنية فقط. لذلك كله لم يعد لدي ما أؤمن به سوى أن تيار القومية اليمنية هو الوحيد الذي سينجينا من تداعيات الخلل الرهيب الذي أحدثه في الهوية اليمنية وعيُّ الطائفية البغيض بشقيه المناطقي والمذهبي.
ولعل أسوأ ما قام به مشروع الإمامة الفاتك وانحراف مسار الوحدة، هو تجريف الهوية الوطنية لليمنيين؛ ثم إن الذين ضد القومية اليمنية وهوية اليمن، هم مع هوية الشمال أو هوية الجنوب أو هوية الزيود أو هوية الشوافع، وكلها هويات صغيرة ومأزومة تعتقد ببلاهة أن بإمكانها جرف هوية اليمن الخالدة. أما القومية اليمنية فهي العابرة لكل تلك المطبات التاريخية والمتوجة الأمثل لنا جميعاً.
ومن هذا المنطلق، لا أطيق الوهابية الفجة وتزمتها اللامعقول وعدم حسها المدني إلا أن الحوثي يبرع في مغالطته وهو يحاول إظهار أن صراعه ينحصر معها. صراعه الحقيقي صار يتشكل بوضوح تجاه اليمنيين الحالمين بالمواطنة جميعا بحيث يفضل سلالته ويراها الأهلة الوحيدة للحكم وللاجتهاد حسب ما بينته وثيقته الفكرية والثقافية اللامدنية الكارثية بشكل لا لبس فيه.
كذلك لا أطيق تخلف تيارات في الإصلاح وتشددهم وبطء التحولات داخله، لكن الاصلاح بتكوين وطني الهوية لا ينكره أحد، كما يتقدم سياسياً رغم كل تعثراته.
بالمقابل، على الجنوب عدم إنكار يمنيته لأنها لا تصب في صالحه مهما توهم ذلك. وإذْ تظل الحوثية هوية محصورة فارغة من المحتوى الوطني اللائق بإعتبارها مجرد قوة تقليدية لا تبشر بتطلعات سياسية أبداً، إلا أن الحوثي الضئيل غالباً ما يزداد ابتهاجاً كلما تم وضعه في حالة مقارنة غير منصفة أمام الاصلاح في هذا السياق. وبالتأكيد يعرف الفاعلون في المنطقة والعالم ذلك.
فقط، وحدها كلمة الحق ومنطق الموضوعية الوطنية يستدعيان اليوم من القوى المدنية كافة التشديد على الجميع دون إستثناء بأهمية درء لغة السلاح التي لم تعد تجدي خصوصاً في ظل التجييش الكارثي الحاصل. بمعنى آخر على الإصلاح فك التباساته مع الماضي الرجعي كما على الحوثي عدم الاندفاع الجذري فيما يعيق التطلعات الجديدة لليمنيين.
والشاهد الوحيد كما تقودنا كل المؤشرات أنه لن ينتصر أحد من تلك الحروب ومآسيها وتداعياتها بقدر ما ستخسر اليمن المزيد من هويتها ليتسع التصدع في نسيجها الإجتماعي على نحو جحيمي لايُحتمل. وطبعا من المحال أن يتم حكم اليمنيين سلالياً أو بالفتاوي أو بالاستقواء بالعنف أو بأية نوع من الأوهام التي ثرنا ضدها كما يبقى على نحو وطني أن نستنتج بأن الهوية التي يجب أن تنشدها جميعا كيمنيين هي الهوية الوطنية الديمقراطية الحديثة المتجانسة مدنياً نهضوياً وتقدمياً فقط.
فاليمن ليست تركة موروثة للاستعباد أو أنها ستكون كافرة في حال لم ترضخ لكهنوت الأقوى من هذا الصراع مهما كانت نوعية عمامته.. بل أنتم كلكلم ستكونون أقوياء باحترامكم للقوانين والمواطنة واحتكار الدولة للسلاح، كما باعترافكم بحرية وحقوق الشعب اليمني وذلك كما ينبغي له أن يكون في هذه اللحظة التاريخية التي يتفوق فيها العالم المعاصر، بينما يزداد بسببكم حاضرنا انحطاطاً وتعاسة وبؤساً لاغير.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.