في اليمن..
يمثل حزب الإصلاح صورة الإسلام السياسي، بينما يمثل الحوثي صورة الإسلام الجهادي.
في اليمن..
يمثل حزب الإصلاح صورة الإسلام السياسي، بينما يمثل الحوثي صورة الإسلام الجهادي.
الفكرة التي أيدت هجوم الجهادي على السياسي كانت طفولية، ومروعة في طبيعتها. أما الدعوة إلى الاستقرار عبر دفع السياسي لأن يصبح جهادياً فكانت أكثر طفولية.
التحدي الأكبر أمام اليمنيين الآن هو جلب الجهاديين الحوثيين إلى السياسة، لا طرد الإصلاح منها.
من النقاشات الطفولية الرديئة تلك الفكرة التي تقول: كيف انهار حزب الإصلاح أمام الحوثيين بتلك السرعة.
وهو سؤال يقول، بطريقة أخرى: لماذا فشل الحزب السياسي في مواجهة عسكرية أمام حزب جهادي.
يمثل هذا السؤال نموذجاً تاريخياً للأفكار التافهة التي لا يصمد أمامها أحد!
أنا هنا لا أتحدث عن حزب الإصلاح، فهو معني بالدفاع عن نفسه. أنا أتحدث عن مشهد يمني عام. عن كيف انهار المنطق على نحو مبكر، وصحونا على فاجعة تاريخية متعددة الأبعاد.
حتى الآن نجح الحوثي في نقل الإصلاح من السياسة إلى المقاومة، لا من السياسة إلى الجهاد. بقاء الإصلاح واستقراره داخل المقاومة ونأيه عن الظواهر الجهادية يؤكد ما كنا نقوله في البداية، وهي أنه حزب مسؤول وعلى قدر من الخبرة والنضج.
وفي كل الأوقات كان صراعنا مع الإصلاح يجري داخل الجمهورية ومن داخل الديموقراطية،لا خارج الإثنتين معاً كما يجري مع الحوثيين..
في الجنوب هناك هجوم عام ضد الإصلاح لأسباب عديدة:
ـ لأنه حزب كبير متماسك، ولا توجد في الجنوب كيانات كبيرة متماسكة
ـ لأنه عابر للحدود الشطرية، بينما يبدو المزاج شطرياً
ـ لأنه قادر، عبر كتلته الكبيرة ولغته الشعبية، على إنجاز انتصارات سياسية داخل الأراضي الجنوبية بصرف النظر عن الوضع السياسي للجنوب.
ـ لاعتقاد الشعبويين الجنوبيين إن حزب الإصلاح خطر على الخطاب الانفصالي نفسه، وأنه ضد حلم الدولة الجنوبية المستقلة. أي أنه حزب يصر على إعادة تجربة علي سالم البيض القديمة مع الشمال.
من الواضح أن هذه الأسباب سياسية صرفة، لا إيديولوجية ولا معرفية. وهي أسباب، في مجملها، لا تشير بأي شكل من الأشكال إلى الإرهاب بل إلى السياسة.
وفي الشمال، كان هجوم الإسلام الجهادي على الإسلام السياسي لأسباب مختلفة..
فهو حزب سياسي كبير، وقد يشكل معاوقة ما ضد المشاريع غير السياسية
تجربة الإصلاح مع ثورة ١١ فبراير دفعت الحوثيين إلى التركيز على الحزب، معتقدين أن تقويض الحزب سيفتح أمامهم بوابات العبور إلى كل شيء.
لو كان الحزب الاشتراكي يمتلك الحجم الاجتماعي والسياسي لحزب الإصلاح لكان هدف الحوثيين الأول. فالحوثية حركة لا يقودها مونتسكيو بل أبو حرشفة، وأبو حرشفة ذاك لا يرى مُشكِلاً سوى في الكتلة التي تقف في طريقه، ولإزالتها يختلق الذرائع.
حول صالح حزب المؤتمر العام إلى حزب جهادي. كانت تلك واحدة من أسوأ النكبات التي حلت بالسياسة في اليمن. فقد انخرط المؤتمريون في مناطق عديدة من اليمن ضمن قوافل المسيرة القرآنية الجهادية، وصاروا مجاهدين وشهداء.
في الصورة النهائية،
ضرب الخراب والجوع كل شيء.
وكانت البداية عندما فشلت النخب السياسية في تشكيل جبهة واحدة ضد العصابات الحوثية وهي لا تزال خارج أسوار مدينة عمران. ذلك أن جزءاً كبيراً من النخبة تواطأ مع عصابات مسلحة، دينية الطابع، معتقداً أنه سيجني سياسياً ثمن مغامراتها الدموية القاتلة. أو على الأقل، أن المغامرات الدموية للحوثية ستمثل تراكماً تاريخياً لحركة النضال الوطني اليمني، كما قال عبد الرحمن عمر السقاف في رسالته إلى “بن عمر”..
جنيتم على البلد، وعلى المساكين، على ملايين المساكين..
نقلا عن حائط الكاتب في (فيسبوك)