هل تلقي حربُ غزةَ بظلالها على السلامِ في اليمن؟( تقرير خاص)
يمن مونيتور/إفتخار عبده
خطفت حربُ غزة الأضواء عن كثير من الملفات العربية والعالمية التي كانت حديث اليوم والساعة؛ لتتحول الأنظارُ كلها صوب غزة وما يحدث فيها.
وحركت أحداث غزة العالم أجمع بين مؤيد ومعارضٍ ومستفيدٍ وفاقد، فكان لها صداها الكبير الذي أيقظ الشعوب ووضع النقاط على الحروف المبهمة؛ فوضحت صورٌ كانت غامضةً وبرزت أحداثٌ ومواقفُ لم تكن أبدًا في الحسبان.
من جهة أخرى أظهرت غزة دروسًا وعبر للعالم كله بما فيه اليمن، الذي يبحث عن السلام ويُوهم به من قبل دولٍ عربية وإقليمية، فبدا اليمنيون في يقظة كبيرة واثقين من أن أصحاب الحق لن يهزموا وأن الأساطير الكبيرة تصبح هشةً إذا ما لاقت مواجهة حقيقية، فالمستحيل يصبحُ ممكنًا والذي يُخشى يصبح أهون من خيط العنكبوت.
بعد مرور سنوات من الجري وراء تحقيق السلام في اليمن، هل ستؤثر أحداثُ غزة الأخيرةُ على السلام في اليمن، وهل هذا التأثير سيكون تأثيرًا سلبيًا أم إيجابيًا.
بهذا الشأن يقول عبد الواسع الفاتكي” محلل سياسي”خطفت أحداث غزة الأضواء من كثير من الملفات الساخنة في المنطقة وأبرزها الملف اليمني حيث تصدرت اهتمام العالم عملية طوفان الأقصى وما نجم عنها من هولوكوست صهيوني يركتب بحق عزة من قبل الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف الفاتكي لـ” يمن مونيتور” طوفان الأقصى سيلقي بظلاله على كثير من الملفات في الشرق الأوسط في مقدمتها الحرب في اليمن؛ إذ دخلت اليمن بانقلاب الحوثيين الموالين لإيران على الدولة اليمنية”.
وتابع” باتت اليمن من ضمن الدول العربية التي أصبحت في نطاق الدول العربية التي طالها نفوذ إيران التي تزعم أنها تقود محور دعم المقاومة الفلسطينية بينما هي في الحقيقة تزعزع استقرار الدول العربية برعايتها ودعمها مليشيات طائفية إجرامية”.
وأشار إلى أن” هذا الوضع اعتقد أنه سيدفع المجتمع الدولي لتكثيف جهوده لإنهاء الحرب في اليمن وفق تسوية يضمن من خلالها الحفاظ على ضمان حفاظ الحوثيين ذراع إيران في اليمن على مكاسبهم في اليمن بما يجعل أي نزوع نحو قيام مؤسسات الدولة الشرعية بواجباتها لأمن واستقرار وتنمية اليمن أمرا صعبا للغاية”.
وواصل” يعزو ذلك للمساعي الرامية لتدجين المشهد السياسي والعسكري اليمني القادم بمليشيات الحوثيين كطرف معطل لأي استتقرار وسلام في اليمن”.
في السياق ذاته يقول الناشط الإعلامي، صدام الحريبي” ستؤثر أحداث غزة على السلام في اليمن، ففي ظل هذه الأوضاع بدت إيران مهزوزة خصوصًا بعد الفضائح التي كشفت ضد إيران في ادعائها أنها تعمل إلى جانب المقاومة الفلسطينية وأنها تعمل لصالح حماس، هذه الأمور كلها انكشفت، وهي توضح للعالم أن إيران وحلفاءها بالمنطقة مجرد كذابين لا يفعلون ما يقولون”.
وأضاف الحريبي لـ” يمن مونيتور” من المفترض على الحكومة الشرعية أن تستغل هذا الوقت الذي تنشغل فيه مليشيا الحوثي وإيران في ترقيع خداعهم ومحاولتهم لمحو الكذب والفضائح التي كشفت ضدهم، فكان ينبغي على الشرعية أن تضغط على المليشيات وتعمل على تشجيع الجماهير الموجودة في مناطق سيطرة الحوثيين على الخروج ضد الحوثيين”.
وأردف” كان ينبغي أيضا على التحالف أن يضغط هو الآخر على الحوثيين، خصوصًا وأن الحوثيين في حالة من الخوف وإن أظهروا -كذبا- أنهم إلى جانب حماس والفلسطينيين لكن هذا كله في الحقيقة كذب، فالذي يقرأ الحوثي من الداخل، والذي يلاحظ ويتابع استفادة الحوثي من هذه الأوضاع سيجد بأن الحوثي في حالة قلق غير عاد؛ فهو خائف من أن الشعب يثور من الداخل ضده؛ جراء الأكاذيب التي يقوم بها وجراء تماهيه مع الأمريكان”.
وتابع” عندما تبنى الحوثيون- كذبًا – إطلاقهم لصواريخ باتجاه إسرائيل، كانت هذه مجرد كذبة، سخر منها أبناء الشعب اليمنى، وهذه كانت فرصة كبيرة إذا استغلتها الشرعية ستحصل على حاضنة شعبية كبيرة من الموجودين في مناطق سيطرة الحوثيين، لكن الشرعية ربما أنها تمشي بدون أهداف مرسومة وأنها تنتظر ما ستملي عليها السعودية فقط”.
يقظة اليمنيين
وأشار الحريبي في حديثه لـ” يمن مونيتور” بأن” اليمنيين يقظون للغاية وقد خرجوا في ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الشهر الماضي، فاليمنيون باعتقادي قرروا بأنفسهم أنهم سيواجهون هذه المليشيات لكنهم ينتظرون الوقت الأكثر مناسبة لمثل هذا التحرك؛ لأنهم عندما خرجوا في الشهر الماضي شعروا بأن هناك خذلان، وبأن هناك محاولة انقضاض، لكن يبدوا أنهم أجلوا وأن هذا التأجيل لن يطول”.
نموذجٌ للانتفاضة
وبيَّن” ما يحدث في غزة ينبغي أن يكون نموذجا للانتفاضة ضد كل الأنظمة الفاسدة وضد كل المليشيات وكل الانقلابات في الوطن العربي وليس اليمن وحسب فما يوجد في اليمن غير مليشيات لاتمثل سوى 5% من أبناء الشعب، فبالتالي يستطيع الشعب أن يركل الحوثي وبسهولة”.
وأكد أن” اليمنيين وصلوا لمرحلة أدركوا فيها أنه لا يمكن للسعودية ولا يمكن للأمم المتحدة أن تقدم لهم الحل، حتى أنهم وصلوا لمرحلة أنهم اقتنعوا أن الحكومة الشرعية لا تستطيع أن تقدم أي حلول، خصوصا مع الأحداث المتتالية وقد كانت هناك الكثير من الفرص التي لم تقتنصها الحكومة خوفًا من الدول الإقليمية التي تحركها أذرع خارجية عالمية”.
واختتم” أصبحنا نحن اليمنيون نمتلك شرعية تحركها دول إقليمية وهذه الدول تحركها أنظمة دولية، فيجب ألا نعول على السعودية لأنها في الأول والأخير لا يهمها مصلحة المواطن اليمني أكثر من همها مصلحة بلادها”.
بدوره يقول محمد الوجيه ( صحفي)إن” الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس ليست كسابقاتها من الحروب نتيجة للخسائر التي تلقاها الصهاينة لأول مرة منذ عقود وكذلك الحشد الأمريكي والأوروبي الكبير والداعم لإسرائيل وتشديدهم على كافة الجهات والأطراف التي تدعي دعمها لحماس ومن أبرزهم إيران وحلفاؤها في المنطقة كحزب الله ومليشيات الحوثي”.
وأضاف الوجيه لـ يمن مونيتور” هذا ما يؤكد بأنها ستعمل على قلب الموازين في كافة القضايا المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط ككل، وبالنسبة للحرب الأهلية في اليمن فلن تكون بمعزل عما يدور وسيدور مستقبلاً في المنطقة خاصةً بعد انتشار الإشاعات التي أفادت باحتمالية استهداف جماعة الحوثي لبارجة أمريكية مدعين بأن الصورايخ كانت متوجهة إلى إسرائيل وما تبعها من تحذيرات أمريكية واستنفارات للقوات الدولية المتواجدة في البحر الأحمر وباب المندب”.
تأخير عملية السلام
وأردف” كل ذلك سيعمل على تأخير عملية السلام بين الحكومة الشرعية والملشيات من ناحيتين الأولى، ستتمثل بتقويض الرباعية الدولية لعملية السلام نتيجة التشديدات الأمريكية البريطانية على الجماعة بسبب موقفهم من الحرب في غزة”.
وتابع” من ناحية ثانية وهي الأكثر خطراً حيث ستتمثل باستعطاف الجماعة للقاعدة الشعبية في الداخل مستغلة الإشاعات المنتشرة في وسائل الإعلام المحلية والدولية بدعم الجماعة لحركة حماس وغزة وهو ما سينال إعجاب الشعب اليمني نتيجة تعاطفه الكبير تجاه القضية الفلسطينية وبذلك تكون الميلشيات قد تغلغلت مجددًا وهو الشيء الذي سيعمل على إطالة أمد الحرب”.
وواصل” من جانب آخر إذا ما استمرت مليشيات الحوثي باستفزازاتها بإطلاق الصواريخ العشوائية بحجة دعمها للمقاومة الفلسطينية فهذا سيؤدي إلى تحركات دولية موازية خاصةً بعد تصريح وزير الدفاع الأمريكي الأخير والذي أفاد بأن وزارته ستتدخل وبقوة ضد كل طرف يحاول حشر نفسه بين إسرائيل والفلسطينيين”.