فجأة يتحول المجتمع المتنوع إلى متهم، بذات التهمة ومن ذات الأشخاص.. مجتمع داعشي، قاعدي، إرهابي، كافر، جاهلي، أو عميل.. في هكذا حالة، فالمخيف حقا ليس هذا المجتمع، المخيف هؤلاء الأشخاص/الجماعة الذين يرون الناس بـ “عين طبعهم”، ولا يترددون في حشد كل هذا العدد من الناس ضمن منطقهم البائس!! “القبح يكمن في عيون الناظرين” أيضا..
فجأة يتحول المجتمع المتنوع إلى متهم، بذات التهمة ومن ذات الأشخاص.. مجتمع داعشي، قاعدي، إرهابي، كافر، جاهلي، أو عميل.. في هكذا حالة، فالمخيف حقا ليس هذا المجتمع، المخيف هؤلاء الأشخاص/الجماعة الذين يرون الناس بـ “عين طبعهم”، ولا يترددون في حشد كل هذا العدد من الناس ضمن منطقهم البائس!! “القبح يكمن في عيون الناظرين” أيضا..
تنتج هذه الأحكام من ذات الشخصية وإن اختلفت انتماءاتها، فما يجمعها في الأساس هو عنصرية تفضي بمعتنقيها إلى إفراز أحكامهم الضالة، وبكميات كافية لمعظم الجمهور!! فمنذ الفئة الناجية، مرورا بالقاعدة، ووصولا إلى رجال الله في مختلف الدول، كل هؤلاء يرتكبون ذات الجريمة، وينالون من ذات المجتمع/ الشعب، بوسيلة الاتهام بالجملة، وبنبع العنصرية.. تعددت الأسماء والنبع واحد!! والطبع واحد!! والموت واحد..
قطعا، فالتباينات بين هذه المكونات كثيرة وبينة، حتى أنهم أعداء بعضهم، ولابد أن يكونوا، لأن كل عنصري عدو لكل من سواه و خصوصا من نافسوه في منهاجه! بيد أنهم سواق صغيرة تنتظم أفعالها وتأثيراتها لتشكل نهرا متجانسا من التخلف والكراهية والجريمة، مع عدم إحساس بالذنب، وبلادة صاعقة أمام انتهاكات حقوق الإنسان!! نهر الجنون، ونهر الموت في آن..
إشكالية هؤلاء هي أنهم يرون أنفسهم البديل، لا أحد منهم ينتبه إلى أنه نسخة منقحة عن عدوه!! إنهم لا يدرون ولا يدرون أنهم كذلك.. وهذا ما يجعلهم دائرة مغلقة على بعضها بعناية، مكتفية ذاتيا بجهلها وسموها وحتمية انتصارها، بسلوكها العقلي البائس الفقير!!
يصدق هؤلاء مرة واحدة حين يرون لبعضهم على أنهم ليسوا على شيء!! ذلك أن سلوكهم النفسي لا يسمح لهم بمواجهة حقيقتهم، فيرمون بعجزهم على غيرهم، وغيرهم يشبههم، فالنبع واحد.. “تشابهت قلوبهم”.
هؤلاء غالبا يعتقدون أن رفض الآخرين لمشروعهم هو السبب الوحيد لكل مآسي الكون والكائنات، وهم في الواقع واحدة من أردأ هذه المآسي، ومشكلة عصية على الحل أو محاولته.. وبحق “بلينا بأقوام يظنون أن الله لم يهد سواهم”.. أما الأدهى فهو أن يغدو مثل هؤلاء حكاما أو قضاة، في الأولى انتهاء الإنسان، وفي الثانية انتحار التفكير..
وإذن، فحشر الناس في قوالب ضيقة تصنعها جماعات الضيق والقولبة، هو مؤشر مهم للكيانات القابلة لحشر الناس كلهم ذات يوم في قبو وسجن، أو سوقهم كلهم إلى مشنقة ومجازر.. البداية موجودة، والتباينات ليست سوى نوع من موضات متنوعة لذات العنصرية، والنهايات لا تختلف كثيرا.. النازية لم تختف تماما، غيرت المظهر والإجراءات لا أكثر.
“لا تبن حائطك الضنين فربما صار انتحار الآدمية عزلة”…