حين يصبح نحو عشرة ملايين يمني تحت سيف المجاعة المصلط عليهم جراء الحرب التي تستمر جماعة الانقلاب على المضي بها، وعدم مبالاتها بما تسببه من كوارث، فان هذا يستدعي من المجتمع الدولي تحركا عاجلا
حين يصبح نحو عشرة ملايين يمني تحت سيف المجاعة المصلط عليهم جراء الحرب التي تستمر جماعة الانقلاب على المضي بها، وعدم مبالاتها بما تسببه من كوارث، فان هذا يستدعي من المجتمع الدولي تحركا عاجلا يوقف المهزلة الدموية والانسانية، لان انهيار اليمن يعني انهيار ما تبقى من المنظومة الدولية التي بدأت بالتضعضع حين وقفت مكتوفة الايدي حيال تفكك الدولة في الصومال، وعجزها عن معالجة كل المشكلات التي يتسبب بها موقفها الملتبس من الحروب الاهلية في عدد من الدول العربية.
صحيح ان الحكومة الشرعية قبلت الجلوس الى طاولة واحدة مع جماعة الحوثي – صالح من اجل وقف نزيف الدم اليمني، لانها المسؤولة دستوريا وقانونيا وحتى اخلاقيا عن 26 مليون نسمة، ومهمتها الاساسية حمايتهم، حتى من قوى داخلية استسهلت العمالة للخارج مقابل ان تكون قناعا لسلطة احتلال ايراني، لكن هذه الحكومة لا تستطيع الاستمرار في انتظار الحوثيين الى ما لا نهاية كي يأخذوا امر المفاوضات بجدية، ويلتزموا مرجعيات الحوار، اذ ستجد نفسها في نهاية المطاف أسيرة الوضع الانساني الآخذ في التردي يوميا بينما هناك قوى دولية تمارس عليها ضغطا مضاعفا كي تستمر في مشاورات باتت اقرب الى المسرحية منها لرفع الظلم عن ملايين اليمنيين الابرياء.
اما اذا كانت تلك القوى الدولية تراهن على ان دول التحالف العربي ستتعب من التصدي للغزو الفارسي غير المباشر لليمن، فهي واهمة لان موقف دول التحالف، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية لن يتغير حتى لو استمرت الحرب الف عام، فلن تترك اليمن لقمة سائغة لوحش توسعي لا يشبع.
قيادة التحالف أدركت منذ البدء ان اي تهاون في مواجهة مشروع نظام الملالي سيجعلها تدفع ثمنا اغلى بكثير مما تدفعه في هذه الحرب، لان وجودها، وخصوصا دول”مجلس التعاون”، سيكون مهددا والى الابد، ولهذا تعمل جديا على منع تمرير التسويات بين بعض القوى الكبرى وايران على حساب الشعب اليمني والوجود الخليجي، او ان يكون هناك موطئ قدم لنظام الملالي في الخاصرة الجنوبية.
المجتمع الدولي، بل القوى الفاعلة في العالم، متهمة اليوم انها تقبل بإفناء شعوب بأكملها لتمرير مصالح موقتة لا تساوي دمعة طفل جائع او قطرة دم من بريء، واذا استمرت على موقفها المشجع للامبالاة الايرانية المتحكمة بالثنائي الحوثي- صالح فعليها انتظار طوفان لاجئين جدد من ملايين اليمنيين المهددين بالجوع والموت والامراض.
جراء هذه الحقيقة المريرة ليس امام الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي من مفر للخروج من المحنة الا إلزام ايران التوقف عن اللعب بالدم اليمني، وضرب الدمى المأجورة لنظام الملالي بالعقوبات الرادعة المناسبة حتى لو استدعى الامر استخدام الفصل السابع وتدخلا عسكريا دوليا فوريا، والتخلي عن العزف على وتر محاولات اقناع الانقلابيين بجدية المحادثات، فها هو شهر انقضى منذ بدئها ولا تزال في المربع الاول.
ربما بات على المخلوع علي عبدالله صالح ان يتمعن بالعجرفة الحوثية ويدرك انه لم يعد بعيدا من غدرهم بعدما حققوا، كما يتوهمون، مصلحتهم من تحالفهم معه، وان عودته الى الحكم ابعد من المريخ إلى كوكب الارض.
نقلا عن السياسة الكويتية