في العام التاسع للحرب.. غلاء أضاحي العيد يتواصل في اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/إفتخار عبده
يواجه ملايين اليمنيين أوضاعًا مادية سيئة للغاية في العام التاسع للحرب التي اشتعلت عام 2015م بين الحوثيين والحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.
وأدت الحرب في اليمن إلى فقدان الملايين من اليمنيين مصادر دخلهم واتساع رقعة البطالة في المجتمع وتفشيء الفقر المدقع ما جعل اليمن تعيش أسوأ أزمة إنسانية.
ويحل عيد الأضحى على اليمنيين هذا العام في ظل، انهيار جديد لسعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، الأمر الذي زاد الطين بلة والوجع اتساعًا وجعل الحصول على لقمة العيش ليس بالأمر اليسير.
ومع هذا كله أصبح الحديث عن أضاحي العيد هذا العام مضحكًا ومبكيًا في الوقت ذاته؛ إذ لم يعد هذا الأمر همًا يؤرق الكثير؛ بل تجاوز ذلك بمراحل وأصبح حلمًا بعيد المنال خصوصًا في ظل هذا الانهيار المستمر لسعر الريال اليمني والغلاء الفاحش الذي تشهده أسواق بيع الماشية.
ويقول عبد الكريم عبده” يعمل دلالًا بالماشية في التحرير الأسفل بمدينة تعز” أسعار المواشي مرتفعة جدا وخاصة المواشي المحلية منها؛ إذ إن سعر الخروف الصغير يصل إلى مائة ألف ريال، وهذا لا يصح أن يكون أضحية لأنه غير مسن( لم يصل لسن الأضحية) وأما الكبير منهم فيصل سعره إلى 500 ألف أو أقل من ذلك بقليل” بحسب قوله.
وأضاف عبده لـ” يمن مونيتور” نسبة الإقبال علينا من قبل المواطنين ضعيفة جدًا، الناس اليوم ما عادوا يهتمون بأضحية العيد في ظل هذا الغلاء الفاحش في أسعار الماشية، وأما عن أصحاب الملاحم فهم يستوردون لأنفسهم ولا يلجأون للأسواق هذه”.
ولفت إلى أن” الحصار المطبق على المدينة زاد من تفاقم الوضع؛ فالاستيراد من تهامة لم يعد كما كان في السابق وحتى الاستيراد من خارج الوطن، أصبح محدودًا”، مشيرًا” تصلنا الماشية إما من صبر أو عن طريق خط الضباب وهذا ما يجعل أسعارها ترتفع، فالتي تأتي من خارج تعز يخسر أصحابها المال الكثير أثناء نقلها للمدينة”.
تجارةٌ غير مربحة
ويرى عبده، أن” التجارة بالمواشي لم تعد مربحة اليوم كما كانت قبل الحرب فقد كان سعر الخروف الصالح للأضحية وقتذاك 25 ألف ريال وكنا نحصل على فارق كبير بعده أما الآن نحن نعمل هنا فقط لأجل أن نحصل على فارق بسيط نعول به أسرنا، أفضل من أن نبقى بدون عمل ولا دخل”.
منير إسماعيل مواطن( 34 عامًا) يعول أربعة أبناء إلى جانب اثنتين من أخواته وأمه وأبيه، يسكن في حي الجمهوري داخل مدينة تعز، كان عائدًا من سوق الماشية خالي اليد، سألناه لماذا لم تشترِ فأجاب” كنت قد جمعت مبلغًا من المال ( 130 ألفا) جئت إلى هنا لأشتري به أضحية لأسرتي، لكني وجدتها بـ180 ألف ريال… سأنتظر أيامًا إذا خفت الأسعار قليلًا فقد قيل لي إنه إذا تم توريد الكثير من المواشي خلال الأيام المقبلة فستخف حدة الأسعار”.
وأضاف إسماعيل لـ”يمن مونيتور” أصبح الحصول على أضحية العيد أمرًا أشبه بالمستحيل، غلاء فاحش في الأسعار ودخل لا يكفي لكل هذا الجنون، المعيشة اليوم في هذا البلد أصبحت جحيمًا لا يطاق”.
وبحسرة تابع” هناك من الناس من لا يجدون قوت يومهم الضروري، أولئك من أين لهم بقيمة أضحية للعيد؟! وسط هذا الغلاء الفاحش؟”.
وواصل” كل ما نتمناه هو أن يتحسن الوضع المعيشي للمواطنين الذين ذاقوا مرارة الحرب والحصار وباتوا في وضع لا يحسد عليه، إذا تحسنت الأوضاع المعيشية عندها سنشعر أن هناك عيدًا”.
أضاحي بالتقسيط
بدوره يقول إيهاب المجيدي( مدير عام شركة سراج) ” ترتفع أسعار الأضاحي كل عام أكثر من السابق له؛ نتيجة قلة وجودها داخل الوطن من ناحية وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني من ناحية أخرى هذا الأمر جعل الموطن غير قادر على شراء أضحية العيد ودفع سعرها مرة واحدة”.
وأضاف المجيدي لـ” يمن مونيتور” بدأنا في شركة سراج باستيراد المواشي الخارجية من الحبشة منذ عامين وبيعها في السوق المحلية بكميات كبيرة لمؤسسات وجمعيات خيرية ولملاحم المدينة المقبلين علينا، وقُبيل عيد الأضحى السابق بدأنا بتقديم الأضاحي للمواطنين ولموظفي المكاتب الحكومية في تعز مقابل تقسيط مريح وبسعر أقل من سعر السوق”.
وأردف” جاءت هذه الفكرة من إحساسنا بالناس ومسؤوليتنا تجاه مجتمعنا الذي لا يخفى على أحد معاناته وظروفه التي يعتركها بين فكَّي الحرب والحصار، وحرصا منا على إحياء شعيرة الأضحية التي يحرص عليها اليمني المسلم لولا وضعه الاقتصادي الصعب”.
وأشار المجيدي في حديثه لـ” يمن مونيتور” إلى أنه” يتم تقسيط قيمة الأضحية من قبل المستفيد مدة عشرة شهور، وهذا العام يتم البيع بنفس أسعار العام الماضي مراعاة للحالة المادية الصعبة لدى المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود”.
من جهته يقول صدام زعبل” 32عاما – مسؤول عن مخيم الكنتيرات للنازحين في مأرب، المحافظة التي تضم العدد الأكبر من النازحين” أضاحي العيد بالنسبة لنا أصبحت صعبة المنال وبعيدةً جدًا عن الحصول عليها من قبل النازحين الذين لا يجدون ما يغطي الأمورالأساسية الضرورية لهم من مأكل ومشرب ومخيم يأوون فيه مع أطفالهم”.
وأضاف زعبل لـ ” يمن مونيتور” الأضاحي اليوم باهظة الثمن، لا نقدر نحن النازحون حتى على توفير بعض منها، وبالأحرى نحن حتى اللحظة لم نستطع توفير أي شيء نستقبل به العيد مع أطفالنا”.
وتابع” أصبحت حالة النازحين اليوم يرثى لها وخاصة هذا العام نتيجة لشحة تدخل المنظمات الإغاثية وقلة المساعدات النقدية التي كانت تقدم للنازحين فقد أصبحت اليوم شبه معدومة، فكيف لنازح لا يجد مصدر دخل أو فرصة عمل أن يقدر على توفير أضحية للعيد بمبالغ كبيرة”.
وأشار إلى أنه” من المستحيل أن يقدر النازحون على شراء أضاحي العيد لكنهم سيتركون هذا الأمر لله يتولاه وعليه هم متوكلون”.
من جانبه يقول زكريا المنصوب” ناشط إعلامي” مع قدوم عيد الأضحى المبارك يزيد العبء وتكثر الهموم فترهق الأباء وأولياء الأمور الذين يسعون جاهدين لتوفير متطلبات الحياة الضرورية من مأكل ومشرب ناهيك عن أمور العيد كالكسوة وهنا تصبح أضحية العيد العائق الأكبر الذي يقف في طريق أرباب الأسر”.
وأضاف المنصوب لـ” يمن مونيتور” كلما اقترب موعد عيد الأضحى يدخل غالبية الشعب اليمني في همٍ وغمٍ وضيقٍ وكدر ومنغصات تسلبهم فرحة العيد وتذهب بابتسامتهم، وذلك جراء ما يلاقون لأجله من مصاعب وويلات”.
وأردف” اليوم أصبح المواطن اليمني أكبر همه هو كيف يعيش وكيف يوفر قوت يومه، ولذا تجده لم يَعُد يبحث عن ترف الحياة ومكملاتها بقدر ما يهمه الحصول على أساسيات الحياة”.
وأشار إلى أنه” ينقسم الناس- داخل اليمن- في استقبالهم لعيد الأضحى المبارك إلى قسمين، فمنهم من يضيف العيد إلى حياته مزيدًا من الهموم والديون التى تُثقل كاهله من أجل شراء مستلزمات العيد ومتطلباته، ومنهم من يقف ينظر إلى تلك الفئات التى لا زالت مستورة الحال وهي تفرح ولو بشي بسيط فيزيد همًا فوق همه”.
وأكد” يستقبل اليمنيون العيد ولسان حالهم يقول عيدٌ بأي حال عدت يا عيدُ بما مضى أم لأمر فيك تجديد والحقيقة أنه لا يتجدد في هذا الوطن إلا الاقتتال والفقر والمجاعة، والغلاء، وضيق المعيشة”.