ضعف الحكومة المركزية في اليمن، دفع إيران منذ العقد السابق إلى دعمها السياسي والعسكري لعناصر الحوثي المتمردين. إن ضعف الحكومة المركزية في اليمن، دفع إيران منذ العقد السابق إلى دعمها السياسي والعسكري لعناصر الحوثي المتمردين، وبعد ثورة فبراير 2011م، صعدت إيران من استثمارها في دعم عناصر مختلفة في الساحة اليمنية، حتى ولو كانوا ذوي جداول أعمال مختلفة، مثل الحراك الانفصالي الذي يسعى إلى فصل الجنوب عن اليمن، والهدف في كل الأحوال هو الإثقال على الحكم المركزي في فرض إمرته في كل أرجاء الدولة.
وكما قال الصحفي فواز طرابلسي المتابع لشأن الجنوب وتياراته منذ أربعة عقود بأن ما يثير القلق هناك هو انقسام القيادات بين من يريد الاستنجاد بدعم سعودي خليجي لاستيلاد فيدرالية ومن يسعى إلى استدراج تدخل إيراني لدعم انفصال جنوبي يعطي الجمهورية الإسلامية موطئ قدم في الجزيرة العربية.
إيران تريد من الحوثي أن يكون ظهيراً لها في الداخل الجبلي، ليؤمن موقع نفوذ لها في سواحل اليمن، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، يظل عامل ارباك داخل البلاد ذات الكثافة السكانية الأكبر في الجزيرة العربية، وخنجراً في خاصرة المملكة السعودية (فمحاولة إيران التدخل في أوضاع اليمن من خلال تزويد الحركة الحوثية في صعدة بعناصر البقاء والتوسع من أجل مصالحها في اختراق المجال الحيوي للمملكة السعودية وتأمين حضورها في اليمن وبالتحديد في صعدة باعتبارها منفذ الدخول إلى السعودية من الشمال عبر البر، ومن الشمال الغربي عند حدودها مع حجة من خلال سواحل البحر الأحمر خير دليل على التنافس الاقليمي). كما يقول الكاتب العراقي جواد صندل.
كما أن الايديولوجية التي تؤمن بها الحوثية لها امتداد داخل الأراضي السعودية، المحاذية لليمن وبالذات في ما كان يعرف بالمخلاف السليماني، ومن المؤكد أن قوة إقليمية صاعدة تمتلك كل أدوات التغلغل والنفوذ، وتجيد ببراعة تحريك الأدوات مثل إيران، من الصعب عليها تفويت فرصة تواجد جماعة الحوثي دون أن تستخدمها في طعن الخاصرة الجنوبية للمملكة التي تعد الخصم الوحيد في المنطقة والقادر على التصدي لطموحاتها في الهيمنة على الجزيرة العربية..
وسائل المشروع الايراني
تتمحور حول إحداث خلخلة في بناء المجتمع اليمني معتمدة على قوة طائفية، وإيجاد بيئة رخوة أمام الحركات الانفصالية، وتنفيذ الدور الموكل لها بنشر الأفكار المنبثقة من الرؤية الإيرانية للدين والمذهب منذ التمرد الحوثي في صعدة، والحراك في الجنوب.
إن نجاح المشروع الإيراني في اليمن يقوم على استغلال التناقضات الثانوية في اليمن، والتي حضرت بسبب غياب الدولة والمشروع الوطني الجامع، وتحويلها -التناقضات- إلى صراع هويات قاتلة، بهدف إضعاف تماسك المجتمع، وعرقلة مشاريع استعادة الشرعية، ويتمثل ذلك في:
1- إثارة الصراع المذهبي في شمال اليمن زيدي – شافعي.
2- بعث النزاعات المناطقية في جنوب اليمن.
3- ثم إثارة الصراع بين الشمال والجنوب من خلال تأجيج الهويات الضيقة.
فهذه التناقضات، وإن كانت موجودة وحاضرة على المشهد فإنها ليست جوهرية، واستمرار الحرب دون حسمها يزيد من اشتعالها أكثر وأكثر، ويغطي على الحقائق الموضوعية للصراع، كما أنه يحرك التناقضات في المجتمعات المحيطة باليمن.