للأسف معظمنا يفكر لكن بشكل مبتور مما قد يجعلنا أحيانا أذكياء ودهاة لكن لا يمنع من حدوث النتائج السيئة سواء على المدى القريب أو المدى البعيد..
قال النابغة البرت اينشاتين:
(إنني اعتقد أن شيئين لا نهاية لهما: الكون وغباء البشر ولدي شكوكي تجاه الأول فقط).
صحيح!! غباء البشر أكبر كارثة دمرت حياة الملايين وعلى وشك تدمير الكوكب الأزرق ولا مخرج لذلك الغباء سوى تفعيل التفكير المتزن في الوعي الفردي والجماعي..
للأسف معظمنا يفكر لكن بشكل مبتور مما قد يجعلنا أحيانا أذكياء ودهاة لكن لا يمنع من حدوث النتائج السيئة سواء على المدى القريب أو المدى البعيد..
لذا لابد من تفكير يقود لفهم موسع للمواقف من كل أبعادها وهو ما يعرف بالحكمة، فالحكيم إطلاقا هو الله ﻷنه هو الوحيد المحيط بكل التفاصيل والزوايا، والإنسان الحكيم يجتهد للنظر للأمور وعواقبها بعيدا عن الزوايا الضيقة التي تفرضها رغباتنا، شهواتنا، عجزنا، جهلنا، مخاوفنا..
الحكيم يمتلك صفاء وهدوء يجعله لا ينجرف بتقييمه للأمور إلى جانب معين يفرض انتقائية فيما يراه.. المتعصبون، المتعجلون، الكسالى، الشهوانيون، المزاجيون، قليلو المعرفة لن يكونوا حكماء أبدا..
غالبا الكبار في السن يتخلصوا من كل هذه الأمور، يصبحوا أكثر صفاء وحيادية فيدركوا الحياة كما هي، لا (كما نرغب)، ولا (كما نرهب)، بل بالضبط كما هي..
وهذا ليس بتراكم الخبرة فقط كما سيقال، فالبعض رغم خبرته يكرر نفس أخطاءه!!
العواقب هي النتائج لأي خيار نتخذه ولأهميتها نورد هذا المثال للتوضيح، لو افترضنا انني في مفترق طريق، أمامي 4خيارات، في الخيار الأول يوجد 3عواقب، الثاني 6، الثالث 16، الرابع 2 ..صار مجموع العواقب لكل الخيارات 27.. تخيلوا انني لا أدرك سوى 5 من 27.. كيف سيكون مستوى تفكيري في قراري؟؟
مؤكد سيكون ضعيف جدا، للأسف معظم الناس تعيش بهذه النسبة، ﻷن أفق تفكيرهم ضيق، بينما كلما تعلم اﻹنسان، كلما تمعن بالتفكير، كلما وسع مدارك فهمه بالتأمل والتجرد.. كلما أدرك عواقب أكثر…
وعليه نقول فلان ذكي ﻷن لديه إلمام بعواقب كثيرة، لنقل 8من 27، ثم نرفعها أكثر نقول فلان داهية يدرك 12، ثم نرفعها نقول فلان نابغة يعي بوضوح 20.. لكنهم مازالوا بعيدين عن 27، مع إنهم يرون أنفسهم علية القوم بل النخبة بينما مازال ينقصهم الكثير..
كيف أحصل على زوايا المشهد كلها؟
لابد أن أنظر للموقف من كل الاتجاهات والأبعاد..
والأبعاد هي كالتالي:
1-الطول: يعني طول الحدث المؤثر علي في المشهد، عندما يشكو لك شخص من ظرف سيء يعاني منه منذ سنتين يختلف عن شخص يعاني منه منذ 30سنة.
2-العمق: ان أعاني من اضطهاد أخي يعتبر أمر مختلف تماما عن كون من يضطهدني هو أبي، الأب جرحه أعمق ومستهجن لأنه مصدر الحماية لي.
3-العرض: بمعنى لو معي مشكلة تؤثر على مجالين من حياتي كالصحة والأسرة، ستكون مختلفة عن مشكلة تؤثر على 5 مجالات في حياتي، هذه الأخيرة أكثر خطرا علي.
4-الزمن: ونعني الوقت المسلط علينا، ولنلاحظ أن الزمن له قياسين مختلفين (داخلي وخارجي) فالجلسة الحلوة مع من تحب تمر فيها الساعة كالدقائق، بينما الجلسة السيئة والمملة تمر الساعة كاليوم…
بهذه النقطة نتكلم عن الزمن الخارجي الذي لا يتقدم ولا يتأخر بينما في نقطة (الطول) كان الزمن الداخلي وشعوري به هو المقصود..
5-المشاعر: العواطف البشرية وأعلاها الحب تقلب الموازين، كالطفل لو أن اخاه دفعه أو ضربه، يملأ الدنيا صياحا وعويلا، بينما عندما يلعب بالكرة مع أصحابه قد ينخلع ظفره بينما هو يضحك لأنه سجل هدف مدهش!!
المشاعر تعمل فرق شاسع.
6-الخيال: والخيال لا يعني الغيبيات كما قد يتبادر للذهن لأن الغيبيات شيء موجود لكننا لا نراه بينما الخيال شيء مازال غير موجود إلا في عقلي، الخيال هو سيناريو المستقبل التي سيحدث..
هذه الأبعاد الستة تعطي لمسة حكيمة، لأنها تعطي رؤية متكاملة للعواقب من كل الاتجاهات…
صعبة لكنها الخير الكثير.. عليك ممارستها لتبرع بها …
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)} البقرة.