كيف أثرت الصين على رؤية واشنطن لإنهاء حرب اليمن؟!
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ تحليل خاص:
مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، 2021، أعلن عن تعيين الدبلوماسي المخضرم “تيموثي ليندركينغ” مبعوثاً أمريكياً إلى اليمن، مؤكداً أن مهمة إدارته هي إنهاء هذا الحرب التي توصف بكونها أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان.
بعد عامين وأسابيع على هذا الوعد الأمريكي يبدو أن “ليندركينغ” لم يحقق المطلوب من مهمته. فيما يستمر في جولاته بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي، مؤكداً أن بلاده عاقدة العزم على استمرار دعم جهود السلام لإنهاء هذه الحرب. ما يدفعنا للتساؤل كيف تريد الولايات المتحدة نهاية هذه الحرب؟ يجيب هذا التقرير على التساؤل.
الولايات المتحدة كوسيط والخوف من الصين
بدت إدارة بايدن خططها بشأن اليمن أكثر تحمساً مع الوعود التي جرى قطعها خلال الحملة الانتخابية، ومع نظرتها السوداوية لإدارة سلفه دونالد ترامب. فأخرجت الحوثيين من قوائم الإرهاب الأمريكية دون أي مقابل، وشددت من قرارات بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات اللتان تقاتلان الحوثيين المدعومين في إيران في اليمن دعماً للحكومة المعترف بها دولياً[1]. وبذلت جهوداً مضنية للعودة إلى الملف النووي الإيراني؛ لقد بعثت برسالتين رئيسيتين: نحن نبتعد عن دول الخليج العربي خاصة مع خططها للخروج من المنطقة والتركيز على روسيا والصين، فتسببت بقلق دول مجلس التعاون الخليجي بتخلي واشنطن عن التزاماتها الأمنية. الرسالة الأخرى، تلقفتها إيران وحلفائها في المنطقة أن إدارة بايدن تريد الاقتراب منهم والتخلي عن حلفائها.
على الرغم من أن الولايات المتحدة أكدت أن نيّتها بإخراج الحوثيين من قوائم الإرهاب هي التدخل كوسيط في الحرب وكان يفترض بذلك أن يوقف هجمات الحوثيين المحلية[2] والعابرة للحدود[3]، إلا أن الحوثيين تلقفوا الأمر بصفته منحة أمريكية فشنوا حرباً للسيطرة على مدينة مأرب الغنية بالنفط والغاز وآخر مناطق الحكومة اليمنية شمال شرق اليمن، وضاعفوا الهجمات العابرة للحدود ضد الأراضي السعودية، بل وسعوا الهجمات ليستهدفوا أبوظبي في يناير/كانون الثاني 2022 بعدة هجمات شاركت القاعدة الأمريكية هناك في اعتراض الهجمات.
تراجع الأمريكيون في تصريحاتهم منذ ذلك الوقت، وعبروا أكثر من مرة أن الوضع في اليمن أكثر تعقيداً مما تصوروا، كان الفضل في ذلك إلى تعيين مبعوث خاص باليمن. ومع تعيين إدارة بادين لليندركينغ مبعوثاً إلى اليمن، كان متوقعاً تقليص دور الأمم المتحدة، شعر الجميع بالتوتر خلل زيارة ليندركينغ ولم يحصل على الثقة الكاملة من الأطراف المحليين والإقليميين في اليمن حيث يرى الحوثيون أنه يمثل الصورة الأمريكية الداعمة للتحالف العربي، فيما ترى الحكومة اليمنية أن هدف المبعوث هو تمرير اتفاق داعم للحوثيين، السعوديون والإماراتيون ينظرون إليه من زاوية مختلفة متعلقة بالتوتر مع الولايات المتحدة ونيتها تجفيف الصراع في اليمن دون اعتبار لأمنهما القومي المتضرر.
كان الأمر متوتراً حتى هذا العام، مع رغبة أمريكية في دعم اتفاق ترعاه الأمم المتحدة وتقوم فقط بالأدوار المتعلقة بالضغط الغربي أو بتوجه المجتمع الضاغط على الأطراف، لكن مع توصل السعوديين والإيرانيين إلى اتفاق برعاية صينية يمكن أن يؤثر بشكل أسرع على نهاية الحرب في اليمن- وربما تتدخل الصين كراعية دبلوماسية لهذا الاتفاق- يبدو أن الولايات المتحدة تريد أن تصبح وسيطاً مباشراً؛ خاصة مع زيارة سعودية إلى صنعاء ولقاء قادة الحوثيين ونيّة الرياض الموافقة على اتفاق يمنح الحوثيين مطالبهم التي اعتبرها ليندركينغ في وقت سابق غير منطقية.
في إحاطته الصحفية الأخيرة -التي اطلع عليها يمن مونيتور يوم 11 مايو/أيار2023- بدا ليندركينغ أكثر حزماً بشأن دور بلاده في اليمن، رغم التفاؤل الذي منحه بشأن المحادثات الأخيرة في صنعاء التي اعتبرها “تطور حاسم، لكنها ليست سوى خطوة واحدة”.
وقال: ويجب أن يمهد هذا الاتفاق الطريق لعملية سياسية يمنية-يمنية شاملة تحت رعاية الولايات المتحدة، التي تشارك بنشاط لحشد الدعم للانتقال إلى مثل هذه العملية الشاملة بقيادة يمنية. وقد ضغطتُ من أجل ذلك خلال اجتماعاتي في المنطقة الأسبوع الماضي. هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام دائم وعكس الأزمة الإنسانية حتى يتمكن اليمنيون من تشكيل مستقبل أكثر إشراقًا لبلدهم.
حسب هذه الإحاطة يبدو أن ليندركينغ لا يريد اتفاقاً وعملية سياسية يمنية-يمنية شاملة لا تشمل أن تكون الولايات المتحدة راعية لهذا الاتفاق ومراقبة له. وهو أمرٌ يزيد من توتر الجهود الإقليمية السعودية والعُمانية وحتى الإيرانيين الذين رأوا في التوقيع مع السعودية تأييد لفكرتهم بتنحية دور الولايات المتحدة في المنطقة.
يعتقد الأمريكيون أن تمكن بكين من تحقيق اتفاق مفاجئ بين الإيرانيين والسعودية يمنحهم تذكرة جيدة لقيادة العملية الدبلوماسية في الشرق الأوسط، وإذا ما كان لهذا الاتفاق فضل في إنهاء أكبر أزمة إنسانية في اليمن فإنه يضع الدور الصيني في قلب المنطقة ويجعلها أقرب إلى الحلفاء التقليدين وهو أمر يزعج الولايات المتحدة.
رؤية الولايات المتحدة للسلام
خلال احاطته الصحفية قدم ليندركينغ جردة حساب حول الجهود التي قام بها من أجل السلام في اليمن. كانت هناك أدوار أكثر أهمية قام بها مبعوث الأمم المتحدة والمبعوث السويدي إلى اليمن الذي زار إيران أكثر من مرة في محاولة لدفعها لتقديم تنازلات فيما يتعلق بالحوثيين. والاتفاق السعودي/الإيراني الذي يعتقد كثير من المحللين السعوديين والإيرانيين أنه لولا الاتفاق ما وصل الوفد السعودي إلى صنعاء ولا تمت صفقة تبادل الأسرى شهر ابريل/نيسان الماضي.
وقدم ليندركينغ في إحاطته الأخيرة رؤية بلاده للسلام في اليمن، والتي ترى الأمر يتعلق بشيئين اثنين: بلورة رؤية واجماع إقليمي ودولي لما يمكن أن يبدو عليه اتفاق سلام في اليمن. الأمر الثاني المتعلق بإعادة الإعمار والذي يدفع إلى تحمل الدول الإقليمية عبء تمويل إعادة الإعمار.
قال ليندركينغ في احاطته: ساعدنا في تعزيز إجماع دولي حقا، ليس فقط إجماعا إقليميا، واستطعنا – من خلال دبلوماسيتنا النشطة – جذب الأوروبيين ودول الخليج إلى اتفاق مشترك ورؤية مشتركة راسخة لما يمكن أن يبدو عليه السلام في اليمن. وهذا يعني أن دول المنطقة يجب أن تكون داعمة للعملية السياسية كما وصفتها. يجب على الدول الإقليمية أن تشارك في عبء التمويل ودعم الاحتياجات الإنسانية لليمن، ويجب على الجميع أن يتحدوا حول عملية الأمم المتحدة، التي تدفع الوضع الحالي إلى الأمام، وهو أمر إيجابي.
وأضاف: لم نصل بعد إلى خط النهاية، وإنما أمام وقف دائم لإطلاق النار لدفع عملية سياسية بقيادة يمنية-يمنية.
يؤكد المبعوث الأمريكي إلى اليمن أن اليمنيين هم من سيقرر “دولة اليمن المستقبلية، يجب أن يتخذ اليمنيون أنفسهم هذه القرارات. وهذا في نظرنا يشمل مسائل مثل قضية الجنوب، والتمثيل في المؤسسات، وتخصيص الموارد. وستقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وراء حل سياسي يتم إنشاؤه في منتدى يتسم بالشفافية والشمول بقيادة يمنية”.
وتابع: أشير مرة أخرى إلى أننا بحاجة إلى أن يؤمن اليمنيون أنفسهم بالعملية وأن يتحدوا ويأتلفوا، كما فعلوا أثناء الحوار الوطني قبل بدء هذه الحرب، لكي يكون لهم هدف مشترك لدفع القرارات المهمة بشأن مستقبل اليمن.
ويشير: لا أعتقد أننا اقتربنا من خط النهاية بعد. أعتقد أن هناك تحديات كبيرة في المستقبل. أعتقد أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم الثقة بين الأطراف، وهناك انقسام كبير داخل المجتمع اليمني نفسه. ولذا، يجب، كما أرى، معالجة هذه العناصر التي يجب أن تتضافر لتحقيق نوع الحل الدائم الذي تطلبه والذي نحن مصممون على تحقيقه.
يعتقد ليندركينغ أنه لا يمكن توقع حل دائم بسرعة لإنهاء الحرب في اليمن، ويشير إلى أن “العملية السياسية ستستغرق وقتا وستواجه على الأرجح العديد من الانتكاسات؛(..) لا يجب التقليل من العمل الصعب الذي ينتظرنا، ولكن أعتقد أن هناك شعورا بأن هذه لحظة حقيقية وأنه يجب اغتنام الفرصة”.
اليمن بعد التقارب الإيراني.. وجهة نظر أمريكية
وعادة ما يؤكد الأمريكيون ترحيبهم بالاتفاق السعودي/الإيراني وقدرته على تخفيف التوترات الإقليمية، لكنهم لا يخفون أن هذا الاتفاق تجاوز وجودهم في المنطقة وأنه يضع ثِقلاً على مفاوضات الأمريكيين بشأن العودة للاتفاق النووي الإيراني، وإخراج للنظام الإيراني من عزلته الدولية التي يفترض أن تساهم في تقديم تنازلات للوصول إلى صيغة مشتركة لتفعيل الاتفاق النووي.
وعند سؤال ليندركينغ حول تقييم بلاده للوضع في اليمن بعد التقارب السعودي الإيراني قال: يجب أن نكون واضحين أيضا أنه كان هناك الكثير من العمل الذي تمّ خلال السنوات القليلة الماضية قبل توقيع الاتفاق السعودي والإيراني وخارجه، وهو الذي أوصلنا إلى هذه المساحة الحالية الأكثر إيجابية. كما أعتقد أنه من المهم التأكيد على أن الاتفاقية السعودية الإيرانية وحدها لن تحقق السلام في اليمن.
تابع: الحوثيون لا يتخذون فقط التوجيهات الإيرانية في جهود السلام. والصراع في اليمن هو أبعد من السعودية وإيران. هناك توترات وانقسامات داخلية داخل المجتمع ساعدت في تأجيج هذا الصراع الذي لا علاقة له بالمملكة العربية السعودية وإيران.
يتحدث ليندركينغ من معرفة أمريكية مختلفة لقبل تعيينه مبعوثاً، حيث اعتقد كثير من الساسة الأمريكيين أن الصراع في اليمن هو بالوكالة بين الإيرانيين والسعوديين. وهذه أحد الفوائد الرئيسية لتعيين مبعوث خاص باليمن. لكنه كما يبدو يخالف كثير من الدبلوماسيين بما في ذلك السعوديين والإيرانيين والأوروبيين أن الاتفاق السعودي-الإيراني يؤثر إيجابياً في الوصول لاتفاق سلام خاص باليمن.
كان توتر العلاقات الأمريكية-السعودية سبباً في دفع الرياض نحو اتفاق مع إيران، تسببت ردة الفعل من السياسيين في البيت الأبيض والكونجرس العام الماضي من رفض السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم دعوات الولايات المتحدة لزيادة إنتاج النفط لخفض سعره- واختيارها التمسك بالتحالف مع زميلتها المصدرة روسيا لزيادة الإنتاج تدريجياً- في شعور السعوديين أن البيت الأبيض لم يفهم بعد الإشارات منذ ولاية باراك أوباما بأن العلاقة السعودية تقوم على المصالح وبتخلي الولايات المتحدة عن المنطقة وموقفها من حرب اليمن يؤكد أنه ليس هناك مبرر لتقديم تنازلات سعودية جديدة.
وعدا الملف النووي هناك كثير من الملفات التي توتر علاقة الولايات المتحدة بإيران وحلفائها في المنطقة، من بينها الهجمات على سفن الشجن التجارية التي تصاعدت العامين الماضيين وزادت في الفترة الماضية من العام الجاري. إضافة إلى عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية. تتخذ الولايات المتحدة هذه الملفات كأساس لتبرير تعزيز وجودها وتمركزها في مياه الخليج العربي.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، الجمعة 12 مايو/أيار 2023، إن الولايات المتحدة رصدت تهديدات إيرانية متكررة للشحن التجاري في الخليج، وإن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ستبدأ في تعزيز تمركزها الدفاعي بالمنطقة، وذلك بعد أن مارست إيران مضايقات أو هاجمت أو تدخلت في الحقوق الملاحية لما يصل إلى 15 سفينة تجارية ترفع أعلام دول، وفق تصريحات كيربي.
يأتي هذا بعدما احتجزت إيران ناقلة نفط ثانية في أسبوع، مطلع مايو/أيار 2023، بمياه الخليج، وطالبت وزارة الخارجية الأمريكية بالإفراج عنها، في أحدث تصعيد لسلسلة عمليات احتجاز أو هجمات على سفن تجارية في مياه الخليج منذ عام 2019.
اليمن محور سياستها في المنطقة
ترى الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، أن اليمن هي محور سياستها في المنطقة مع فقدان حملتها لضغوط المنطقة على إيران، ضعف تأثيرها في سوريا مع عودة النظام السوري للجامعة العربية. كما أن الملف اليمني يحقق لها عديد من الأمور: أ) عودة العلاقة الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، بزيادة الاتفاقات الأمنية وتعزيز وجودها في المنطقة بعد أن كانت تقوم بالانسحاب، بعثت عديد من المسؤولين الأمريكيين منذ توقيع الاتفاق (السعودي-الإيراني) لوضع استراتيجية بناء على هذه النقطة؛ مستخدمة الوعود الأمريكية خلال زيارة بايدن للسعودية في يوليو/تموز الماضي أساساً لعودة هذا الوجود؛ وبقدر الخذلان الذي لاقاه الخليجيون في اليمن خلال الإدارات الثلاث الأخيرة فإن الولايات المتحدة تريد العمل على دعم سياسات الخليج لإنهاء الحرب اليمنية بما يحقق عودة وجودها.
ب) تعتبر الولايات المتحدة، سياستها في اليمن أساساً لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة، إذ ترى الملف اليمني أسهل من نظيريه السوري والعراقي وحتى اللبناني للضغط على الإيرانيين بشأن التوقيع على الاتفاق النووي بمنع وصول أسلحتها، وتأثير سياستها الخارجية دعماً للجماعات المسلحة التي تدعمها. كرر ليندركينغ مراراً خلال إحاطته أن واشنطن لن تفتح سفارتها في صنعاء حتى انتهاء كامل للحرب وشجع باقي الدول على اتخاذ الخيار ذاته.
ج) تعتبر الولايات المتحدة أن الملف اليمني هو الملف المناسب لاختبار قدرتها على الانتصار في معركة دبلوماسية لمنع الصين من تحقيق نقاط في الشرق الأوسط. وكان دور الصين المركزي في إبرام الصفقة الإيرانية السعودية هو قفزة أكيدة في دبلوماسية الصين العالمية، ويمثل موطئ قدم في دبلوماسية الشرق الأوسط. بالنسبة للصين، التي لها مصالح تجارية في كلا البلدين، فإن التوسط في الاتفاق يوفر مزيدا من النفوذ بالإضافة إلى ما تم تحقيقه بالفعل في اتفاقها لعام 2021 لمبادلة النفط الإيراني بالاستثمارات الصينية واتفاقياتها ال 35 الجديدة مع المملكة العربية السعودية، والتي تم الاتفاق عليها خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي[4]. والتقى الرئيس شي برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، في ديسمبر/كانون الأول 2022،[5] مما يشير إلى اهتمام الصين بجهود السلام في اليمن، وكذلك بالاستثمار في جهود إعادة إعمار اليمن عندما تبدأ. وهذا يتناسب بشكل جيد مع سياسة الصين المتمثلة في إرساء الأساس لبناء النفوذ ودور مستقبلي لنفسها في سياسة الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن السلام في اليمن أمر معقد بما فيه الكفاية بالنسبة لأولئك المشاركين بشكل مباشر في العملية، والذي قد يسبب احجاماً صينياً مؤقتاً للدخول المباشر فيه- إلا أن بكين حققت بالفعل نقاطاً في دبلوماسية الوساطة التي انتهجتها برعاية الاتفاق السعودي-الإيراني، وهو ما قد يشجع باقي الدول لاستدعائها في رعاية اتفاقات محلية بصفتها تقف على الحياد. في وقت فشلت الولايات المتحدة طوال عقود في تسيير مثل هذه الدبلوماسية.
د) يواجه جو بايدن، أزمة فشل ذريع في سياسته الخارجية من الحرب في أوكرانيا، إلى التمدد الصيني المستمر إلى فقدان ثقة دول الخليج بها، تعتقد الإدارة الأمريكية أن نجاحها في اليمن يمكنه أن يدعم حظوظ الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة.
خاتمة
يبقى الملف اليمني في أولوية البيت الأبيض، ليس لأن الأمر يتعلق بإيجاد حل سلمي ينهي الحرب، لكن لأنه مرتبط بملفات أخرى متعلقة بالمنطقة والعالم، واعتباره بوابة سهله الإنجاز للعودة في ظل المخاوف من عودة حرب باردة دولية تدفع المنطقة نحو الانحياز لأحد الأطراف؛ ويبدو أن الوضع اليمني بدأ مبكراً في الحضور على الملفات الدولية لهذا السبب الرئيس.
تفتقر الولايات المتحدة في حد ذاتها إلى الوسائل اللازمة لإنهاء هذه الحرب الرهيبة متعددة الأوجه، في اليمن لكن مشاركتها الدبلوماسية مهمة، فهي تمنح وصولاً لا محدوداً للوصول إلى توافق بالعمل على المساعدة في إنجاح التوافقات الحادثة أو حسب ما وصفه ستيفن بومبر ومايكل حنا “بتشحيم عجلات عقد الصفقات”[6]؛ وعندما يحين الوقت، يمكن لواشنطن أيضا الترويج لصيغة لمناقشات التسوية التي لا تشمل فقط الخصوم الرئيسيين ولكن أيضا الفصائل الأصغر في اليمن، والتي لديها مصالحها ونزاعاتها الخاصة والتي سيكون لها تأثير حول المستقبل السلمي للبلاد. بدلاً من ذلك قفز المبعوث الأمريكي في الرغبة ليكون وسيطاً، وحالة التذمر التي يلقيها في لقاءاتها في المنطقة من النفوذ الصيني والقلق الغربي لا يساعدان في حدوث اتفاق؛ وإن كانت رؤيته الجديدة حقيقية ومتغيّر عمّا كان يتحدث عنه بداية ولايته لكنه كما يبدو فإن الغرض منه ليس دعم الحكومة المعترف بها دولياً أو الاستقرار في اليمن بل استخدامها كأداة ضغط للقبول به وسيطاً وإبعاد أي دور للصين أو إيران في المنطقة على حساب تأثر الوجود الأمريكي.
في كل الأحوال فإن الميزة الوحيدة لوجود المبعوث تغيير نظرة للحرب من مجرد حرب بالوكالة، إلى كفاح اليمنيين ضد جماعة لاهوتية تؤمن أنها وجدت لحكم اليمنيين بأمر من الله أو كما وصف ليندركينغ: الحوثيون لا يريدون الشراكة في الحكومة اليمنية يريدون أن يكونوا هم الحكومة!
المراجع
[1]Zimmerman, Katherine, How ‘Diplomacy First’ Has Failed In Yemen 12/11/2021
https://thedispatch.com/article/how-diplomacy-first-has-failed-in/
[2] أكثر من 123 قتيلاً مدنياً خلال ستة أشهر.. السياسة الأمريكية تشجع الحوثيين في مأرب (يمن مونيتور) نشر في 29/6/2021 وشوهد في 15/5/2023 على الرابط: https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/56503
[3] من الكونجرس إلى البيت الأبيض.. سلوك الحوثيين يغيّر نظرة الولايات المتحدة للحرب في اليمن (يمن مونيتور) 11/12/2021 وشوهد في 15/5/2023 على الرابط https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/65034
[4]. Khoury, Nabeel , Yemen and the Saudi-Iran Rapprochement (Arab Center Washington DC)13/3/2023 See: 15/5/2023 https://arabcenterdc.org/resource/yemen-and-the-saudi-iran-rapprochement/
[5] Xi meets chairman of presidential leadership council of Yemen (Xinhua) 10/12/2022 See: 11/5/2023
https://english.news.cn/20221210/b93f4574b8bf4a5089ca3db66f5b6b8b/c.html
[6]Stephen Pomper and Michael Wahid Hanna, How to End Yemen’s Forever War(2/12/2022)
https://www.foreignaffairs.com/yemen/how-end-yemens-forever-war
ترجمها يمن مونيتور: كيف يمكن إنهاء حرب اليمن بعد انهيار الهدنة؟.. وجهة نظر أمريكية ؛ نشرت في 12/12/2022 على الرابط: https://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/82339