هذا الجيل المنكوب عانى انفصاماً وتشظياً بين جيل قديم يرى أنه أصبح جيلا محظوظاً بما لديه من نعم ورغد في العيش وبين حلمه بإنشاء جيل يتحقق فيه ما يصبو هو إليه من نعيم ورفاهية.
المدة الزمنية بين الإمامتين قريبة وقليلة وبينهما عهد أشد ظلامة وجهلاً، لم يشعرنا بتغير الحال نحن الجيل الذي حظي ببعض التثقيف والوعي الذاتي الذي لا علاقة للدولة فيه أو كان لها فضل في دفعنا إليه، بل على العكس لقد حرصت الدولة على توفير قلة الوعي بشتى الطرق والوسائل.
هذا الجيل المنكوب عانى انفصاماً وتشظياً بين جيل قديم يرى أنه أصبح جيلا محظوظاً بما لديه من نعم ورغد في العيش وبين حلمه بإنشاء جيل يتحقق فيه ما يصبو هو إليه من نعيم ورفاهية.
لطالما رأى الأجداد والجدات الذين عايشوا الشقاء والجوع والمهانة والدجل والخرافة في عهد الأئمة لطالما رأوا أن جيل ثورة 26 سبتمبر جيل حظي بالشبع من الجوع بل والرقي والتعليم وكل أساسيات الحياة التي لم تكن تجري في مخيلاتهم أو يعلموا بوجودها.
لقد وجدوا أنفسهم أحياء خارج كهف الإمامة المظلم وبهرهم حتى ضوء الشمس بعد أن حرموا تواصلهم الطبيعي بالعالم الخارجي.
إنها جريمة الإمامة التاريخية التي لن يمحوها زمن أو حال مهما تقادمت السنون والأجيال، ذلك التجهيل والبدائية والخرافة التي حكم على الإنسان اليمني أن يعيش تفاصيلها اليومية حتى أتى عليه حين من الدهر يرى في كسرة الخبز نعيما لا يضاهيه نعيم.
ولنا أن نستمع لقصص الأجداد عن معاناة الشعب في تلك الحقبة المظلمة لنعذرهم في تصورهم أننا بلغنا المدى في الوصول لحياة كريمة.
لكن تعالوا إلى هذا الجيل التعيس الذي رأى بدوره كيف تحيا شعوب العالم الأخرى في رفاهية وعيش كريم وراحة بال، في حين يحظى هو بآخر درجات سلم الإنسانية ومازالت الأقدام تدفعه بعيدا عنها.
هو بدوره لا يطمح إلى تلك الرفاهية والرقي في الشكل والمعاملة والتمدن بل إلى كسرة من إنسانية تقيم أوده بين شعوب الأرض.
حتى وأنت تشاهد وجوه هذا الجيل تلمح السخط المكبوت تداريه كلمات الرضى بالحال لكنها ثورة مكبوتة تتمنى الانفجار وتخشى أنصاف الثورات.
ماذا تفكر الإمامة بنشر مئات الشعارات عن الحرية والكرامة في شوارع المدن؟ هل يظنون أن تأريخا أسودا من الجهل والظلم والكهنوت يمكن أن ينسى في عقل الإنسان اليمني لتبدأ مرحلة جديدة أشد ظلما وكهنوتا واستبدادا؟
هذا الجيل الذي حظي ببعض الوعي بحق الإنسان المكفول دينيا وعالميا وحظي بالانفتاح على العالم الخارجي ورأي كيف تعيش الشعوب حياة كريمة بالوعي قبل كل شيء يقع على عاتقه مهمة انقاذ الأجيال اليمنية اللاحقة من كابوس الإمامة وتخلفها.
على عاتقة تقع مهمة نشر الوعي والمقاومة الفكرية لهذا الطوفان الغاشم، مهمة ليست باليسيرة بل هي امتداد لثورة 26 سبتمبر الخالدة وحماية لها.