المصائب لا تأتي فرادى كالجواسيس، بل سرايا كالجيش” هكذا قال شكسبير. “المصائب لا تأتي فرادى كالجواسيس، بل سرايا كالجيش” هكذا قال شكسبير.
اليمن تجمعها علاقات دبلوماسية مع كل دول العالم، مضبوطة بقوانين ومعاهدات دولية وتجمعها علاقات ود وإخاء مع أشقائها في الوطن العربي كافة، تتسم بالمرونة والتعاون وتبادل المنافع. للأسف الشديد مع دخول اليمن في صراع سياسي مرير، إثر انقلاب على الدولة تبرأت كثير من هذه الدول من بعض الاتفاقيات المبرمة بين اليمن وأشقائها. فأصبح لزاماً على المواطن اليمني إذا أراد السفر أن يقوم بقطع تأشيرة للبلد الذي كان يدخله بجوازه فقط بدون الحاجة إلى تأشيرة دخول حسب اتفاقية التعاون بين البلدين، ولكن يبدو أن هذه الاتفاقيات ليس لها علاقة بالشعوب بقدر ما هي للأنظمة!
أصبح للطائرة اليمنية طريقاً وحيداً، وهو الأردن، فكل مسافر من وإلى اليمن لا بد أن يعبر من هذا المنفذ؛ لكي يواصل طريقه إلى دول أخرى. بكل حزن يتجرع المسافرون ألواناً من العذاب بمجرد هبوط الطائرة في مطار الملكة عليا وحتى مغادرتهم للمطار.
تبدأ المعاناة من بعد هبوط الطائرة، حيث يتم نقل المسافرين إلى هناجر بعيدة عن المطار ويتم تفتيشهم، خلافاً للقوانين المتعارف عليها دولياً، حيث يمر المسافرون جميعاً خلال أجهزة تفتيش، ومن ثم ينتقلون إلى صالة الانتظار. لكن في حالة اليمني فإنه يُنقل أولاً لهناجر عسكرية يتعرض فيها لتفتيش دقيق ومصادرة لبعض المحتويات، ومن ثم ينقلون إلى صالة انتظار أخرى يفترشون السراميك في عز البرد القارس، ويمنع عنهم الذهاب لشراء طعام أو دخول دورة مياه إلا بشق الأنفس. للعلم إن الكثير من هؤلاء المسافرين -عبارة عن ترانزيت- ذاهبون إلى دول أخرى أو أمراض ذهبوا للعلاج في الأردن. لا يتم التفريق عن كون المسافر رجلاً أو امرأة، عجوزاً أو شاباً، طفلاً أو كبيراً. كان حزني لا يوصف عندما قرأت عشرات القصص لمسافرين تعرضوا لهذا القدر من الإهانة.
لا تقف المعاناة إلى هنا ولكن هي البداية.
سيستقبلك موظف عابس الوجه، ينظر إليك من أسفل عينيه سائلاً (وين رايح)؟ أو أنت اسمك فلان؟ مع أن الجواز أمامه!
ستكون محظوظاً إذا لم تستجوبك مخابرات المطار عن اسمك وعملك وإلى أين تذهب، وعن السبب الذي أتى بك إلى هنا. وستكون محظوظاً أكثر إذا لم تتأخر ليومين أو ثلاثة أيام في صالة الانتظار ويرفض دخولك بعد كل تلك المعاناة والمشقة. طبعاً لن أتحدث هنا كيف تؤخذ بعض متعلقات المسافرين كأجهزة إلكترونية، أو تغريمهم بعض الرسوم أو مصادرة بعض محتوياتهم بدون ذكر أسباب.
أما آخر الدواهي فهي أن يقوم ظابط المطار بتمزيق جوازك. هنا، لا يبقى لحامل الجواز ولا لدولته أي اعتبار!
دمتم في عز وكرامة..
نقلا عن هافينغتون بوست عربي