هل تبدد المناطقية أحلام اليمنيين بالإستقرار؟
نفذت قوات أمنية ومجاميع تابعة لما يسمى “المقاومة الجنوبية” بمحافظة عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني، عمليات ترحيل للمئات من أبناء المحافظات الشمالية بذريعة عدم امتلاكهم لبطائق شخصية وأوراق ثبوتية.
يمن مونيتور / وحدة التقارير/ خاص/
نفذت قوات أمنية ومجاميع تابعة لما يسمى “المقاومة الجنوبية” بمحافظة عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني، عمليات ترحيل للمئات من أبناء المحافظات الشمالية بذريعة عدم امتلاكهم لبطائق شخصية وأوراق ثبوتية.
ووفقاً لمصادر عسكرية فإن “القوات التي نفذت العمليات الأمنية تابعة لقيادات بالمقاومة الجنوبية بينهم بسام المحضار ومازن الجنيدي ونبيل المشوشي”.، ولاقت الحادثة صدى واسعا وغير مسبوق علت فيها الأصوات الرافضة والمستنكرة للحادثة.
رفض رسمي وأوامر بايقافها ..!!
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اعتبر ان “الممارسات الفردية لترحيل المواطنين من أبناء تعز أو غيرها مرفوضه، فتعز كانت وستظل العمق لعدن وكذلك كل محافظات الوطن. وقال هادي إن لى الجميع تعزيز الأمن والاستقرار بعيدا عن الارباك وخلط الأوراق”.
بدوره دعا رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، محافظ عدن ومدير الأمن إلى ضبط عمل كل الأجهزة التي تعمل تحت مسؤوليتهما، و اعتبر ترحيل الشماليين من الجنوب يؤذي الشرعية ويضعف من جهودها في استعادة الدولة ويزرع الكراهية؛ وأكد أن الرئيس أمر على الفور بالسماح لمن تم طردهم بالعودة وممارسة أعمالهم بصورة طبيعية وآمنة.
وقال وزير الخارجية عبد الملك المخلافي إن ما حدث في عدن بحق أبناء تعز من عملية ترحيل يعتبر جريمة وممارسة عنصرية يجب أن يحاسب من قام بها؛ لافتاً إلى أن كل ممارسة تضعف الشرعية هي تصب في مصلحة الانقلاب الحوثي العفاشي وأن معركة استعادة الدولة هي معركة الجميع وبعدها يمكن أن تكون كل القضايا محل نقاش.
ونفى وزير الداخلية اليمني اللواء حسين عرب علمه المسبق بهذه الحملة ما أثار الكثير من الأسئلة حول دوافع هذه الحملة وأهدافها.
غضب شعبي .. وانتقادات واسعة
وأثارت عمليات ترحيل مئات المواطنين الشماليين العاملين في عدن ولحج غضب شعبي عارم في عدة محافظات.
ووجه الاف النشطاء والمراقبين اليمنيين في الشمال والجنوب انتقادات لاذعة للمحافظ الزبيدي ومدير أمن عدن شلال شايع، والأخير تقول معلومات إنه غادر المدينة إلى دولة الامارات على إثر خلافات حادة بينه وبين القيادات الامنية؛ وعبرت النخبة اليمنية عن استيائها الشديد من مطاردة البسطاء الذين يعملون في مهن وحرف متنوعة في عدن وترحيلهم بمبرر أنهم لا يحملون هويات واعتبروها محاولة بائسة لتغطية الفشل الأمني الذريع في المدينة.
واعترض الحراك الوطني الجنوبي على اجراءات ترحيل ابناء المحافظات الشمالية، وعبر عن إدانته الشديدة لهذه العمليات، وتسائل فهمي العبادي، مسؤول العلاقات الخارجية، من تتبع السلطات في عدن؟ هل تتبع الشرعية التي ترفض مثل هذه التصرفات؟ أم يتبعون طرفاً ثالثاً يعمل من أجل مصلحة الانقلابيين؟
وطالب الكاتب السعودي، “جمال خاشجي”، بـ”تدخل سعودي في الجنوب بعد واقعة الترحيل وحذر من مغامرات تهدد هدف “عاصفة الحزم” الكبير”. حسب وصفه.
وقال “خاشقجي”، القريب من صناع القرار في السعودية، على حسابه في تويتر، إن “ثمة خطر يهدد عاصفة الحزم على ارض الجنوب مطالبا السعودية بالتدخل لحماية اهداف العاصفة من المغامرات المستعجلة”.
الترحيل بلا قانون.. ليس حلاً
يرى الكاتب و الباحث السياسي اليمني “زيد السلامي” أنه لا يمكن لصاحب عقل أن يقف ضد الإجراءات الأمنية والتدابير التي تتخذها أجهزة الدولة لتثبيت الامن وتعزيز حضور الدولة طالما هي تحت غطاء القانون ولا تنتهك حقوق الإنسان ، في المقابل لا يمكن لعاقل أن يقف مع سياسة الترحيل والتهجير تحت أي يافطة بعيدا عن المستهدف منها اكان شماليا أو جنوبيا.
وأضاف “السلامي”، في حديث لـ”يمن مونيتور ” أن “الإجراءات الأمنية تقوم من أجل تثبيت الأمن وتعزيز الاستقرار باعتقال من يخل بالأمن وإحالته إلى القضاء لينال عقابه، وليس ترحيله دون أي تحقيق ودون أن يقف أمام القضاء الذي يعد من أبسط حقوقه الإنسانية في ظل منطق الدولة والقانون لامنطق الفوضى وحالة الا دولة الخاضعة للمزاج الشخصي الذي ينتج تصرفات لا مسؤولة تكون لها انعكاسات سلبية على المدى القريب والبعيد”.
أوراق سياسية
وتشهد عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني، حالة من عدم الاستقرار يصاحبها عمليات اغتيال تطال رجال الأمن والجيش، في ظل حملة عسكرية كبيرة يشنها التحالف العربي على عناصر تنظيم القاعدة في محافظات حضرموت وأبين ولحج وشبوة المجاورة لعدن.
لكن مراقبين تحدثوا لـ” يمن مونيتور” حذروا من عمليات الترحيل واعتبروها “مؤشراً خطيراً قد يشعل فتيل حرب مناطقية يغذيها الانقلابيون، عقب هزيمتهم التي تلقوها بازاحة التنظيمات الجهادية كتنظيم القاعدة وداعش في عدد من المدن الجنوبية، واحتراق ورقة الإرهاب التي كانوا يضللون بها مؤسسات المجتمع الدولي والرأي العالمي.
وقال “محمود البكاري”، استاذ علم الأجتماع في جامعة الحديدة إن “هناك أيادٍ خفية تقف خلف ما يحدث في عدن ولها مصالح سياسية و مادية مع قوى متعدده داخلية واقليمية ودولية، وإن اليمن لم يستقر بفعل هذه المؤامرات الدنيئة” حسب وصفه.
هل النسيج الاجتماعي في خطر ؟
ويرى الأكاديمي “البكاري” أن هذه التصرفات المناطقية ليست عفوية كما انها ليست وليدة اللحظة، وإنما هناك ارهاصات سابقة تم العزف فيها على وتر المناطقية؛ وتمت تعبئه الرأي العام في المحافظات الجنوبية بصوره مغلوطة أوحت لليمنيين في الجنوب بأنهم ضحايا للوحدة اليمنية”.
وتابع، أن “جميع ابناء اليمن هم ضحايا لسياسات خاطئة مورست ضد الجميع ، وكان الأحرى بمن هو حريص على الجنوب أن يجعل منه النموذج للحلم المنشود بدولة مدنية تتسع للجميع”.
وقلل “البكاري” من تأثير هذه الممارسات على النسيج الاجتماعي اليمني لانها مرفوضة بشكل واسع، مشيرا إلى أن من يرتكب هذه الأعمال سيستنفد كل ما لديه من أوراق، وبعدها لن يكون بمقدوره تكرارها لأن الوحدة الوطنية لليمنيين ما تزال بخير رغم كل ما يحدث”.
مبررات واهية
وبينما تثبت الشهادات المتواترة والصور القادمة من المدينة ترحيل مواطنين رغم امتلاكهم لأوراق ثبوتية وبطائق شخصية، عللت اللجنة الأمنية في عدن الإجراءات بالظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد وعدن خصوصاً بعد انتشار الاغتيالات اليومية ، وقالت ان تلك الإجراءات والتدابير الأمنية لا تستهدف أشخاصا أو مواطني منطقة أو محافظات معينة، بل يخضع لها جميع المواطنين أياً كانت منطقتهم أو محافظاتهم بمن فيهم مواطنوا عدن أنفسهم.
وأضافت اللجنة في بيان لها أنه “بإمكان المنظمات والهيئات الحقوقية المحلية والدولية النزول والتحقق من ذلك على أرض الواقع”.
واعتبر “البكاري” مبررات اللجنة الأمنيةبـ”العذر أقبح من ذنب”، وأنها غير مقبولة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه “ليس بالضرورة أن لا يمتلك المجرم أو الارهابي أورق ثبوتية، فقد يمتلكها قبل السكان المسالمين، كما أنه لا يمكن أن ندين من لا يحمل أوراق ثبوتية بالارهاب”.
وشدد على أن “الهوية حق مكتسب سواء وجدت مع الشخص أوراق ثبوتيه أم لا، من قبيل البطاقة الشخصية أو جواز السفر ، لأن “هذه الوثائق تطلب في حالات معينه ومعظم اليمنيين لم يستخرجوا هذه الوثائق بعد لظروفهم الخاصة”. حسب البكاري.