جريمة يوم العيد في بيحان
في فجر عيد الفطر المبارك في مدينة بيحان م/ شبوة، وبعد ان أمً المصلين في صلاة العيد، وخطب فيهم خطبته الوسطية، وعظ وارشاد، تجنيب الفتن ما ظهر منها وما بطن، لم يدرك ان أيادي تلك الفتن تتربص به ، وتنتظر اللحظة المناسبة لتنقض عليه، اللحظة التي وجهت فرقة الموت بنادقها صوب سيارته، وافرغة كل ما بها من رصاص وقذائف لتدرديه قتيلا، وتصيب أبنائه، وتمنع اقتراب أي شخص لإنقاذه او انقاذ أبنائه، لم يرحلوا حتى تأكد لهم انه فارق الحياة، وتركوا الناس من حولهم مصدومين من هول الجريمة، وتدور في خلدهم أسئلة كثيرة، ماذا ارتكب من جرم حتى يتم تصفيته بهذه الطريقة الوحشية، انه الشيخ والامام عبدالله الباني، طبيب ومدير مستشفى، إمام وخطيب، فقدت شبوة مدير مكتب الصحة في بيحان واماما ومصلحا و واعظ، ومن خطط للجريمة وارتكبها، هم مجرد جهلة ومتخلفون ومتعصبون من ذوي المغالاة بالخصومة والتعصب الاعمى، يمكن استخدامهم في كل عمليات القتل والتصفية الجسدية للخصوم والمخالفين لهم والمختلفين عنهم .
انها جريمة تعيد للذاكرة سلسلة جرائم القتل والسحل منذ الستينات، التي بددت فرحة الاستقلال، ونشأة الدولة الوطنية، واسست لملاحم اقتتال مستمرة حتى يومنا هذا، كان اخرها اغتيال وتعزير لكوكبة من الأئمة والمعلمين والناشطين في جمعيات إنسانية، ورجال امن وقضاء ونيابة في عدن الحبيبة، كلها ملفات محفوظة بدون مجرمين، ملفات تحولت لمماحكة سياسية، وحروب أهلية ونفير غير مسار التحقيق والمحاكمة، والنتيجة استمرار الجريمة التي شهدتها بيحان وستشهد كل مناطق النفوذ، ما لم تتوقف بندقية القتل، وأدوات التعزير والانتهاك ومبررته، ويندى جبين السلطات، وتصحو ضمائرهم، ويدركون مسئوليتهم في إرساء العدالة، وتقديم الجناة لقضاء عادل ومنصف .
كم نبهنا، وما زلنا ننبه، من الخطاب المشحون بالحشد والتحريض ضد الاخر المختلف، من حجم الكراهية التي تغذي النفوس المريضة، وحجم العنصرية التي تفرز اليوم وتنتج واقعنا الرديء، من الإلغاء والاقصاء، والتكفير والتجريم ضد الاخر، من غياب روح القانون على ارض الواقع، غياب الثقافة القانونية والإنسانية لدى كل من يحمل سلاح، ويدعي انه حامي الحمى، وهو حاميها حراميها.
الخطر اليوم في كل تلك الجماعات والمسميات العسكرية، والتي تخلقت خارج النظام والقانون، وبعيدا عن الولاء الوطني والإنساني، التي تفتقد للمهنية والكفاءة، وهي اليوم داء سرطاني خبيث ينهش في جسد الوطن و ويقتل روح وحدة الامة، ويبدد أحلام الشعب في السلام المستدام، والمستقبل المنشود الخالي من الصراع.
إذن المسئولية يتحملها المعنيين في إدارة وتوجيه تلك المكونات العسكرية، تتحملها السلطة المحلية والمركزية، يتحملها مجلس القيادة اليوم، وكل من تأتمر تلك المكونات بأمره، وكل من حرض ذات يوم افرادها لمثل تلك الجرائم، وقدم لهم مبررات القتل والتنكيل بعباد الله، وكل من اعلن النفير والزفير.
قبل ان تحاكموا الجنود المأمورين، والمشحونين عنفا، حاكموا القادة الكبار، او سيحاكمكم التاريخ الذي لا يرحم، وسيلعنكم الشعب ذات يوم، بعد تتضح الصورة وتتكشف الحقائق، وان غدا لناظرة لقريب.