محادثات صنعاء.. كيف أنعش ذوبان الجليد بين السعودية وإيران آمال “السلام في اليمن”؟
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
أصبحت نافذة آمال “السلام في اليمن” مفتوحة على مصراعيها، على الرغم من أن تحقيق استقرار ونهاية للحرب سيبقى في حفرة ضيقة ومتعرجة. حيث أدى الذوبان الدبلوماسي غير المتوقع بين إيران والسعودية، والذي تم الإعلان عنه قبل شهر واحد فقط في بكين، إلى تسهيل محادثات السلام في اليمن.
وحطت طائرة تحمل السفير السعودي محمد آل جابر إلى جانب أعضاء آخرين من بلاده في مطار صنعاء الدولي في زيارة معلن عنها للمرة الأولى منذ 2014م، بعد ساعات من وصول وفد عُماني حيث ساهمت مسقط في محادثات بين السعوديين والحوثيين خلال الأشهر الأخيرة.
ودعمت طهران الحوثيين منذ سيطرتهم على مساحات شاسعة من اليمن في 2014 وقادت السعودية تحالفا من الدول العربية لدعم الحكومة المعترف بها دولياً ضد الحوثيين في حرب خلقت ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وقالت إيران إن اتفاقها مع السعودية سيساعد في إنهاء الصراع في اليمن. وتشير التقارير إلى أن الإيرانيين وعدوا السعوديين بوقف شحنات الأسلحة إلى الحوثيين، والضغط على الحوثيين لتوقيع اتفاق ينهي الحرب.
اقرأ/ي أيضاً.. من مسقط إلى الرياض ثم صنعاء.. تطورات متسارعة لتوقيع اتفاق سلام
الفارق الجديد
وقال أحمد ناجي الباحث الأول حول اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية: “هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استقبال وفد سعودي في صنعاء، الفارق هذه المرة هو أن الزيارة جاءت بعد أن توصلت الرياض وطهران إلى اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، مما أعطى زخما كبيرا للمحادثات بين الحوثيين والسعودية”.
وقال المحلل السعودي في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية هشام الغنام لوكالة فرانس برس إن “إحراز تقدم في اليمن أولوية للسعوديين. لكن من دون الإيرانيين (وتعاونهم) لم تكن الأمور لتسير بالسرعة التي نشهدها حاليا”.
من جانبه يرى الأكاديمي السعودي، عبدالله الرؤوف، إن ما يحدث حاليا في اليمن، خاصة زيارة السفير السعودي، يعتبر مؤشرا قويا على وجود فرص حقيقية للسلام.
ويقول إن الخطوات السعودية في اليمن جاءت بعد اتفاق المملكة مع إيران “والذي نتج عن قناعة ترسخت لدى الإيرانيين بأن استمرار استراتيجية عداء السعودية مكلفة، وأن من مصلحتهم التعاون مع المملكة ليكونوا جزءا من الاتفاقات الإقليمية المهمة”.
وعلق الرؤوف الآمال على أن تحقق المشاورات الأخيرة “سلام فعلي في اليمن، بسبب ما وصفه برغبة الجانب الإيراني شعبا وحكومة في السير في هذا التوجه ودعمه بشدة، وهو ما يتفق مع رغبة الجانب السعودي”.
تأثير على مستقبل اليمن
أما فارع المسلمي الباحث في تشاتام هاوس فيرى: “الحرب بالوكالة [بين السعودية وإيران] لم تكن أصل الحرب لكنها أصبحت الأكثر تدميراً”.
ويضيف متحدثاً عن تأثير الاتفاق السعودي-الإيراني على مستقبل الخلافات في اليمن: “الاصطفاف الإقليمي الجديد سيقضي على جزء الوكالة من الحرب، لكن سيبقى الجانبان الآخران: الحرب الأهلية وانهيار الدولة وسيبقى أقل تدميرًا، خاصةً بدون داعمين خارجيين، لكن هذا سيكون أصعب سلام يمكن تحقيقه. لا يتعلق الأمر بدولتين قررتا التصرف، بل تتعلق بقضايا عميقة الجذور تستغرق سنوات وأجيالًا من المصالحات “.
ويعتقد المحلل السياسي الخطاب الروحاني: “أن السعوديين يحاولون الخروج من الحرب بالطريقة نفسها التي دخلوا بها، بخطوة غير مسؤولة دون استراتيجية“.
وأضاف الروحاني: “الحوثيون جماعة عنيفة قاتلت لسنوات ولم تنتهج السلام قط، فبالنسبة للجماعة، الحرب أمر حيوي لوجودهم. ولهذا أعتقد أنهم سيواصلون حربهم ضد اليمنيين بعد التوصل إلى اتفاق يمنع السعوديين من التدخل مرة أخرى “.
اقرأ/ي أيضاً.. ما مستقبل حرب اليمن بعد اتفاق السعودية وإيران؟!.. خبراء يجيبون
المسار الثاني
وفيما يتوقع أن يُعلن عن اتفاق يشمل تمديد الهدنة إلى نهاية العام، وفتح المطارات والموانئ في مناطق الحوثيين، وفتح الطرقات الرئيسية ورفع حصار الحوثيين عن تعز، وتسليم المرتبات، كمرحلة أولى، يتبعه مرحلة ثانية في التفاوض بين الأطراف اليمنية، لا يُعرف طبيعة الأخير وهو ما سيكون تحدياً كبيراً لإنجاح الاتفاق الذي طال انتظاره.
وأضاف ناجي من مجموعة الأزمات الدولية: “تهدف زيارة كل من السعوديين والعمانيين إلى مناقشة التفاصيل النهائية لاتفاقية تمديد الهدنة، والتي من المتوقع الإعلان عنها قريبًا جدًا”.
وقال: “في حين أنه ليس من الواضح كيف سيتم تسوية العديد من النزاعات المحلية، هناك توقعات ببدء مفاوضات سياسية بين الحوثيين” والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية”- على حد قوله.
وخلقت الحرب عدد لا يحصى من الفصائل المتنافسة، حتى داخل نفس التحالف. وتتألف الحكومة المدعومة من السعودية التي تسيطر على أجزاء من جنوب وشرق اليمن من فصائل كانت على خلاف في السابق وتشمل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات والذي يريد الانفصال.
ويشير ناجي إلى أن المسار الثاني للمفاوضات الحوثية السعودية – خارطة طريق محتملة للتوصل إلى تسوية دائمة للصراع – سيكون تحديًا كبيرًا عند مناقشته من قبل الأطراف اليمنية.
وقال: “لكل طرف تفسيراته وتوقعاته المختلفة”. “نظرًا لتعقيدات الموقف، من الصعب رؤية تقدم على هذا المسار قريبًا جدًا.”
وفي وقت سابق قال مسؤول لـ”يمن مونيتور”: إنه سيجرى فتح مطار صنعاء الدولي أمام وجهات جديدة، وفتح الموانئ اليمنية الأخرى ووقف هجمات الحوثيين على موانئ النفط، كما ستدفع رواتب الموظفين الحكوميين والعسكريين في مناطق سيطرة الحوثيين. وتمديد الهدنة حتى نهاية العام، وإطار الحل السياسي في اليمن.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤولين سعوديين ويمنيين قولهم إن “الاتفاق سيشمل أيضًا منطقة عازلة مع المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على طول الحدود اليمنية السعودية التي يبلغ طولها 800 ميل واستئناف تصدير النفط من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة”.
ألقت المملكة باللوم على إيران في هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار على منشآتها النفطية في عام 2019 -وهي هجمات تبناها الحوثيون- وكذلك الهجمات على ناقلات في مياه الخليج. ونفت إيران الاتهامات. ونفذت حركة الحوثي هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار عبر الحدود على المملكة العربية السعودية، التي تقود تحالفا يقاتل الحوثيين، وفي عام 2022 وسعت الضربات لتشمل الإمارات العربية المتحدة.
اقرأ/ي أيضاً.. (مجلة بريطانية) اتفاق إيران والسعودية يبشر “باتفاق منفصل” في اليمن