كتابات خاصة

عودة القاعدة إلى “المآوي”

أمجد خشافة

انسحب تنظيم القاعدة من المكلا في ساعات معدودة وبعد عشرة أيام يوافق على الخروج من أبين في مشهد دراماتيكي أثار لدى الكثير تساؤلات عن حقيقة ما يحدث رغم أن هذا التنظيم عُرف بتصلبه بمواقفه وصعوبة التعاطي معه. انسحب تنظيم القاعدة من المكلا في ساعات معدودة وبعد عشرة أيام يوافق على الخروج من أبين في مشهد دراماتيكي أثار لدى الكثير تساؤلات عن حقيقة ما يحدث رغم أن هذا التنظيم عُرف بتصلبه بمواقفه وصعوبة التعاطي معه.
وحين طلبت قيادات التنظيم من وساطة قبلية أسبوعاً للانسحاب من أبين معناه أن هناك جدية لترك المدينة سلمياً، وربما ستستمر القاعدة في عمليات الانسحاب في شبوة وغيرها من المناطق التي كانت تتواجد بشكل متقطع الأمر الذي بات للتحالف والجيش قناعة بعدم الدخول بحرب تقليدية مفتعلة بعد معرفتهم أن القاعدة اتخذت استراتيجية الانسحاب.
وعلى هذا النحو، كان انحساب القاعدة من المكلا في 24 أبريل الماضي أشبه بتسليم عن قناعة للمدينة، وما حدث لم ترق إلى مسمى “معركة” خلاف تمسكها في معركة أبين وشبوة 2012 والتي كلفتهم تلك الحرب أكثر من 500 مقاتل عوضاً عما تقتضيه الحرب من أموال طائلة.
وما بعد انسحاب التنظيم من تلك المدينتين؛ بات لديهم رؤية واضحة بعدم السيطرة من جديد والتي ستدفعهم إلى حرب تقليدية يكونوا هم أكثر الخاسرين أمام الجيوش الرسمية.
وما حدث من سيطرة خلال العام المنصرم على المكلا كان بسب الفراغ الذي وجدوه في المدينة بعد انهيار البلد عقب سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة في صنعاء هذا الفراغ هو الذي دفعهم للسيطرة، و”محطة انطلاق للحرب ضد الحوثيين” حسب ما أعلنوه مؤخرا.  
حالياً، وبعد هذا التجارب السابقة من الظهور والسيطرة هل ستعود القاعدة إلى ما كانت عليه من قبل والتخفي في “المآوي” التي كان الكثير من أنصارهم متخفين فيها طيلة سنوات متعددة؟
الواضح أن القاعدة تتأثر بالظواهر السياسية وحالة الصراع الاقليمي والدولي في المنطقة فهي لا تُعبر في تحركاتها عما يحدث في اليمن من تغيرات، فقط، بل ما يحدث دولياً وإقليمياً، باعتبارها جماعة عابرة للحدود وفقاً لتفكيرها وعقيدتها.
القاعدة نظرة للثورات العربية على أنها متنفس للإسلاميين، بشكل عام، ولذلك ظهرت بقوة، وعقب انتكاسة هذه الثورات واشتداد الحرب على “الارهاب” قلصت من حجم تواجدها في المشهد، إضافة إلى حالة الصدع بينهم وبين تنظيم “الدولة الاسلامية” وتوجه دول المنطقة الحديث نحو “مكافحة الارهاب” جعلهم يدركون حجم الحرب التي سيواجهونها وكلفتها في حال استمروا في أي ظهور أو سيطرة.
لكن عودة القاعدة، كما يطلقون عليها، إلى “المأوي” وهي الأمكنة أو البيوت التي يتخفون فيها ربما لن تكون كما في السابق باعتبار أنهم هذه المرة أكثر عدداً ويمتلكون مجندين كُثر نتيجة للسنوات السابقة التي احتكوا بها مع المجتمع في المناطق الجنوبية.
سيكون انسحاب القاعدة هو عبارة عن عدم السيطرة من جديد وفرض نقاط عسكرية تقليدية فهذا لا يعني لهم سوى عبئ ومسؤولية في فرض الأمن لكن سيكون لهم تواجد وحضور في المدن والعودة لحرب العصابات واستهداف من دخلوا معهم في حرب عسكرية، وهذا ما أعلنوه خلال بيانهم الأخير في تهديد علني ضد من شاركوا في الحملة العسكرية بأبين.
ولذلك لم تكن المشكلة لدى قوات التحالف العربي والجيش الوطني في استعادة المدن والمناطق التي تسيطر عليها القاعدة عبر خوض مواجهات عسكرية تقليدية بل في فرض الدولة وهيبتها وهو ما عبر عنه عسيري بأن التحالف انتقل من العمليات الواسعة إلى تأمين المناطق المحررة أي مواجهة تحدي الحرب على القاعدة.
تأمين المدن بحسب توجه التحالف، حالياً، سيكون أكثر صعوبة، إذ لا زال القرار السياسي في البلد منقسما بين سلطات الحكومة وسلطات الأمر الواقع في صنعاء وانعدام لفرق متخصصة في الجيش لحرب العصابات.
بعد انسحاب القاعدة من أبين وشبوة 2012 قال مسؤول أمريكي إن اختفاء القاعدة بهذا الشكل دون القضاء عليها ستواجه الحكومة مشكلة أكثر صعوبة منذ قبل، وفعلاً ظلت القاعدة غير مسيطرة على الارض لكنها هي من كانت تدير المعركة وفقاً لما تريد هي لا كما يُرد خصومهم.
 وإن استمر الجيش والتحالف في ملاحقة التنظيم، حتى وإن عاد المقاتلين إلى “المآوي” فإنه لا يعني قدرة القضاء عليهم باعتبار أنهم صاروا يشكلون ظاهرة في اليمن ومعالجة هذه الظاهرة تحتاج الى وقت طويل ومشروع استراتيجي بيد دولة متماسكة، لكن مع ذلك يستطيع التحالف والقوات اليمنية تحييد هذا التنظيم عن قيامه بأعمال مسلحة ضد الحكومة الشرعية إذا ما استمر التحالف في إنهاء التسيُد الحوثي على المشهد.
وببقاء الحوثيين على رأس السلطة وفرض واقعهم الطائفي سيكون أمام القاعدة عوامل البقاء حتى وإن غادرت حالة السيطرة.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى