أثر التغيّرات في الإمارات
تبدو التغيّرات الجديدة في الإمارات، أكثر من مجرد تنظيم لشؤون الحكم أو تعيين خلفاء جدد في البلاد الملكي لإدارة إمارة أبوظبي والدولة الاتحادية المكونة من سبع إمارات، حيث عيّن الشيخ محمد بن زايد نجله الشيخ خالد ولياً لعهد أبوظبي، وعَهد بشقيقه الشيخ منصور ليكون نائباً ثانياً لرئيس البلاد إلى جانب حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، وهو تغيّر لم يحدث في تاريخ الإمارات منذ تأسيسها 1971م.
وعلى عكس ما يقوله الخبراء الغربيين لا يوجد نظام محدد لتعيين ولي عهد أبوظبي-الذي يفترض أنه سيكون حاكم الإمارات في وقت لاحق- ويعتمد التعيين على الحاكم. وفي الوقت الحالي يوجد ستة أولياء عهود من الأبناء والسابع هو ابن عم، لكنه يخضع في كل الأحوال لاعتبارات قبلية.
في حالة أبوظبي يقال إن الشيخ زايد رحمه الله، مؤسس الدولة وقائد إمارة أبوظبي، كان أوصى أن تكون الخلافة في ولاية العهد بين أبناءه “الإخوة” خاصة بعد أن أصبح الشيخ محمد بن زايد ولياً لعهد أبوظبي عندما صعد الشيخ خليفة لرئاسة البلاد. لذلك فإن تعيين الشيخ خالد هو انتقال للخلافة من الإخوة إلى الأبناء وهو الجيل الثالث الذي يحكم أبوظبي -وربما الإمارات- منذ التأسيس.
وكان من الواضح أن الشيخ محمد بن زايد يعمل على أن يخلفه الشيخ خالد في السلطة، بعثه للقاءات خارجية، ومنحه خلال السنوات الماضية مسؤوليات عديدة داخل أبوظبي وعلى مستوى الدولة الاتحادية. وكان منافسيه هم أشقاء والده من الشيخة فاطمة الأخوة الأشقاء مثل الشيخ طحنون مستشار الأمن القومي، والشيخ هزاع، والشيخ منصور؛ لكن يبدو أن أبوظبي تهدف إلى خلافة طويلة الأمد بتعيين شاب ولياً للعهد حيث عمر الشيخ خالد (43 عاماً).
وكان إعلان الشيخ منصور نائباً لرئيس الدولة مفاجئاً لمن يراقبون تحولات السلطة في دول مجلس التعاون الخليجي، إذا جرى تأكيد ما جرى الحديث حوله، فمنذ إعلان الشيخ محمد بن زايد كرئيس لدولة الإمارات قبل قرابة عام، كانت الشائعات في الإمارات والمنطقة تسري أن أبوظبي ستسعى لتركيز السلطة في عائلة آل نهيان، وتخليق نظام سياسي يقوم على ما يشبه الوحدة الاندماجية بدلاً عن النظام الفيدرالي.
يستندون في ذلك إلى دلائل أن السلطات والمناصب الأمنية والعسكرية والمخابراتية في الدولة الاتحادية تتركز في أبوظبي داخل إطار ضيق إما داخل عائلة آل نهيان أو المقربين منها، بدلاً من أن تتوزع بين الإمارات السبع كما ينص نظام الاتحاد.
وحتى قبل أن يصبح رئيساً كانت معظم السلطة الاقتصادية والسياسية والأمنية تتركز في يد الشيخ محمد بن زايد؛ وهو ما كان يثير استياءً صامتاً عبر الإمارات الست الأخرى، لا يبدو أن الأمر سيختلف في الوقت الحالي كما أن الأمر لن يتغير في السياسة الخارجية.
ينظر المسؤولون والشيوخ في الإمارات الشمالية أن أمر الدولة الاتحادية أصبح معقداً: فيما كان الشيخ خليفة يقدم الكثير لبقاء الدولة الاتحادية خاصة الوقوف مع دبي خلال أزمة 2008، يبدو الشيخ محمد على عكسه يتخذ القرارات دون أخذ مشورة دبي وبقية الإمارات الأخرى ولن يسعى لتقديم اثبات لبقاء الدولة الاتحادية ونظامها الحالي. يثير ذلك قلق الشيوخ ورؤساء القبائل جميعها بما في ذلك القبائل في أبوظبي التي تشعر أن عائلة آل نهيان تستحوذ على كل الامتيازات مستخدمة السلطة الأمنية المطلقة والامتيازات التجارية والاقتصادية التي تمتلكها.
في كل الأحوال يقوم الحكم في الإمارات على أساس مخزون الثقة الذي يمنحه الشعب للحكام لتسيير السياسات الداخلية والخارجية، ولن يتغير هذا الأمر في وقت قريب؛ لكن هناك حاجة ماسة أن تعيّ دوائر الحكم في أبوظبي أن هناك متغيّرات متعددة على مستوى المجتمع واحتياجات الجيل الجديد -وهو الجيل الثالث أيضاً منذ تأسيس الاتحاد-والسياستين الداخلية والخارجية عليها التكيف معها.
كل ما نتمناه هو انتقال سلس للسلطة في الإمارات، فخلال العقد الماضي أصبحت ذات تأثير كبير على ما يجري في اليمن وفي المنطقة وأي تأثير داخلي سينعكس على المنطقة كذلك.