في الفيلم الذي أعتدته قناة الـ: بي بي سي، عن الحوثيين، ” من الجبل إلى السلطة”، أطل ضيف الله الشامي، الذي منحت له إقطاعية وكالة الأنباء اليمنية(سبأ)، في أحد المشاهد التي تم تصويرها على الحدود مع المملكة العربية السعودية، ليجيب عل سؤال عن حدود مشروعهم السياسي فأجاب وهو يشير صوب الجانب الآخر من الحدود قائلا: “حدودنا القرآن”، كانت إجابة عائمة ولكن أبعادها ودلالاتها واضحة في الفيلم الذي أعتدته قناة الـ: بي بي سي، عن الحوثيين، ” من الجبل إلى السلطة”، أطل ضيف الله الشامي، الذي منحت له إقطاعية وكالة الأنباء اليمنية(سبأ)، في أحد المشاهد التي تم تصويرها على الحدود مع المملكة العربية السعودية، ليجيب عل سؤال عن حدود مشروعهم السياسي فأجاب وهو يشير صوب الجانب الآخر من الحدود قائلا: “حدودنا القرآن”، كانت إجابة عائمة ولكن أبعادها ودلالاتها واضحة.
جرب الحوثيون مغامرة الدخول في حرب مع المملكة على هامش حربهم التي أعلنوها على اليمنيين، ولم يكن الهدف سوى ابتزاز المملكة وإيذائها معنوياً ومن ثم التغطية على حربهم القذرة في الداخل، ليظهروا تالياً في صورة المحارب الذائد عن حياض الوطن.
تقريباً كل الأهداف سقطت، وتم تفريغ كل القوة التي كانت بحوزتهم بما فيها العمليات الانتحارية التي تلغي قيمة الإنسان وتخرجه من معادلة الحرب وتبقيه مجرد قنبلة أو لغم أرضي فحسب.
هُزم الحوثيون ومعهم الكتائب المدربة والأكثر مراساً التابعة للمخلوع صالح في الحدود مع المملكة، وأصبحت “الربوعة”، القرية الحدودية الصغيرة هي المعنى الحقيقي لـ: “مقبرة الغزاة”، في حين تحولت اليمن إلى مقبرة كبيرة لليمنيين وأكثر القتلى حوثيون.
أفرزت هزيمة الميلشيا الطائفية على الحدود مع المملكة، حالة جديدة وخطاباً جديداً لدى الحوثيين، ومن بينهم ضيف الله الشامي نفسه، هنا اضطر هؤلاء إلى أن يستعيروا الأدبيات التي ينضح بها خطاب “حزب الله”، وهو هراوة طهران الطائفية في لبنان.
هذا الخطاب الذي يحاول الإفادة من حالتي استشهاد الحسين وصلب النبي عيسى عليه السلام، في محاولة لتكريس التحالف بين الحزب والتيار الحر الذي يتزعمه ميشال عون، السياسي الأرعن الذي يقاتل من أجل الوصول إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية، بأي ثمن، حتى لو كان هذا الثمن، هو تسليم لبنان وصيغة العيش المشترك عهدة تحت تصرف طهران.
الجديد فيما ذهب إليه الشامي، هو تقديم حسين بدر الدين الحوثي” صاحب الملازم” على أنه رمز عابر للديانات، زاعماً أن “المسيحيين الأحرار” أخبروه أن: ” حسين الحوثي ليس حكراً علی الزيدية ولا علی المسلمين فنحن نری فيه قائدا لكل اﻷحرار في العالم ورائداً للتحرر وحاملا لمشروع مواجهة قوی الاستكبار العالمي”.
وعليه أن يخبرنا كيف تجرأ وتحدث عن “الأحرار المسيحيين” معتقداً أن هناك مسيحيين عبيداً، وكيف تجرأ واستدعى هذا التقسيم الرأسي الذي يمارسونه في خطابهم داخل مجتمعاتنا، وما حاجة سويدي أو بريطاني أو أمريكي أو فرنسي أو ألماني إلى أن يرى في الحوثي زعيماً، وهم ينتمون إلى بلدان جوهرها الحقيقي هو الحرية.
نحن بحاجة في اليمن إلى مشروع مستقل لحماية عقل اليمنيين ووعيهم وثقافتهم من غثاء الملازم التي أنتجها العقل المشوه لـ: حسين الحوثي، الذي أقام الخصومة مع إجماع الأمة الإسلامية وقناعاتها الراسخة الجامعة، منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم.
وما عسى كهوف مران أن تنتج، فليست الكهوف وحدها التي تشكل عزلة كاملة ولكنها أيضاً محاطة بعزلة اجتماعية وثقافية مضاف إليهما العقلية المتحجرة لحسين وللتيار الذي يمثله، إنها ظلمات بعضها فوق بعض، لا تنتج عقلاً ولا ثقافة ولا نموذجا حضارياً بل انتحاريين وتفجيريين، وقتلة لا يميزون بين الطفل والكهل بين المقاتل والمدني المسالم.
من الواضح أن تطورات الحدود أعادت تحديد الأفق الخاص بالحوثيين ليصبح أكثر اتصالاً بمشروع “حزب الله”، أفق حدوده “الصُّلبان” هذه المرة عوضاً عن البلدان أو القرآن.
لا يهم اليوم أن ننشغل بنجاح أو فشل مشاورات الكويت، بل علينا أن ننشغل بالتشوه الفكري وبالتغذية السيئة لفكرة المجتمع وعقيدته واللذين ما يزالا ينتجان قطعان من القتلة تهدد مشروع السلام والعيش المشترك في وطن المواطنة المتساوية.