مختطفون يكابدون الأمراض وصعوبة العيش بعد خروجهم من معتقلات الحوثي (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من هشام طرموم
رعب وتعذيب وجرائم دخل المعتقلات، وتشرد ونزوح وحرمان وأمراض بعد مغادرتها، هذا أبسط ما يمكن أن يصفه ناجون من سجون جماعة الحوثي بعد الاعتقال التعسفي وممارسة أبشع أنواع القمع بحقهم، إضافة إلى حرمانهم من أعمالهم التي كانوا ينقذون بها أنفسهم وأسرهم من قسوة الجوع ومواجع الحياة.
وفي الوقت الذي كان يفترض أن تنتهي معاناتهم بمجرد خروجهم من تحت قبضة الجلاد الحوثي في الزنازين الانفرادية، إلا أنهم خرجوا يواجهون قسوة التشرد والنزوح والأمراض التي خلفتها في أجسادهم عمليات التعذيب الوحشية خلال سنوات الاعتقال.
ويحكي عدد من المعتقلين السابقين الذين غادروا سجون الحوثي عن معاناة شديدة وظروف قاسية يواجهونها جراء الأمراض النفسية والجسدية التي خلفتها سنوات الاعتقال، بالإضافة إلى أنهم مشردون في مناطق النزوح يتجرعون ويلات الحرب وقسوة الحياة في مخيمات وبيوت لا تسمع فيها سوى أنين المرض وبكاء الجائعين.
مستقبل مجهول
يقول الصحفي يونس عبد السلام الذي خرج في ديسمبر/كانون الأول الماضي من سجن الأمن والمخابرات الذي تديره جماعة الحوثي إن الخيبات تلاحقه حتى بعد خروجه من السجن وأنه خرج من معتقل إلى معتقل أكبر.
واختطفت ميلشيات الحوثي الصحفي يونس عبد السلام مطلع أغسطس/ 2021 وأفرجت عنه بتاريخ 7- ديسمبر- 2023 بعد 14 شهراً من الاختطاف.
وقال الصحفي عبد السلام: “في السجن سُلبت كل ثغرات كنت أنفذ من خلالها لأرى شيئا من النور، لحقتني خيباتي من داخل السجن حتى هذه اللحظة”.
ولفت إلى أنه لا يستطيع العودة إلى عمله السابق ولا تلوح أمامه خارطة واضحة لما يمكن أن يصير.
وأفاد أن الحوثيين صادروا مقتنياته الشخصية خلال فترة اختطافه، ومنعوه من طلبها، وأنه لا أحد يعرف حجم التعب الذي بذله حتى استطاع شراء جهاز لابتوب حد قوله.
وأضاف: ” لا شيء سوى إعادة مقتنياتي الشخصية، وأعرف وربما لا يعرف أحد بأنني ممنوع من طلبها، أو من الصراخ في وجوههم جميعا؛ أعيدوا لي مقتنياتي التي لا أساوي شيئا بدونها، أو أعيدوني إلى السجن، وأتمنى ألا تزعجكم هذي الحروف لمحتضر لم تعد حياته برمتها تعني له شيئا.
وضع معيشي صعب
من جانبه يقول المختطف حسن إبراهيم المسيبلي -35عاما -الذي خرج من سجون الحوثي بتاريخ 16 أكتوبر 2020 في صفقة تبادل بين الشرعية وجماعة الحوثي برعاية الأمم المتحدة: منذ خروجي من السجون وأنا أعاني من حصوات في الكلية اليسرى ولم أتلق العلاج ولم تقم أي جهة بعلاجي وأنا لا أستطيع أدفع تكاليف العلاج خصوصا وأنني رب أسرة، ولم يعد لي الحوثيون دراجتي النارية “الموتور” أخذوها وصادروها أثناء اختطافي وكان مصدر دخل وحيل بالنسبة لي.
ويضيف المسيبلي : أعيش حاليا نازحا في خيمة مقطعة مع زوجتي وثلاثة أبناء بمديرية الخوخة محافظة الحديدة غرب اليمن، ولا أستطيع العودة إلى مديريتي ومسقط رأسي مديرية حيس التي تسيطر عليها عناصر جماعة الحوثي.
ومكث المسيبلي ما يقارب ثلاث سنوات في سجون الحوثي بعد اختطافه نهاية يونيو 2017، حيث لاقى خلالها أصنافا من التعذيب النفسي والجسدي ووجهت له جماعة الحوثي تهما بالتخابر مع دول أجنبية وهي تهم كيدية حد قوله.
وأجرى الحوثيون له محاكمة، وأصدرت النيابة الجزائية المتخصصة التي يسيطر عليها الحوثيون قرارا بإطلاق سراحه بتاريخ 9مارس2020 بعد محاكمات سبقها إخفاء قسري لمدة عام كامل في سجن الأمن والمخابرات بشملان شمال العاصمة صنعاء.
ويلخص المعاناة التي يعيشها: أعاني من عدة أمراض صادروا دراجتي النارية وسلاحي الشخصي والآن منكوب لا علاج ولا راتب ولا سلة غذائية ولا حقوق وقاعد في بيتي دون عمل منذ خروجي من السجن أصبحت مديونا ولا أستطيع دفع الديون.
“أمراض تفاقم المعاناة”
من جانبه يحكي المختطف محمد أحمد محمد عفي – 36 عاما – عن معاناته مع الآلام جسده التي كان التعذيب البدني في سجون جماعة الحوثي سببا فيها، حيث يعاني من الآلام أسفل الظهر ولم يتمكن منذ خروجه من السجن بتاريخ 23أبريل 2022 من زيارة طبيب مختص لعرض حالته وتشخيص المشكلة وعلاجها بسبب الحالة المادية الصعبة التي يعيشها، وأن الأمراض إلى جوار العوز المادي الصعب فاقمت معاناته.
ويواصل سرد معاناته: أعاني من مرض القلب الذي أصبت به جراء الضغط والتعذيب النفسي الذي تعرضت له في سجون الحوثيين منذ اختطافي مطلع شهر أكتوبر 2015.
وينزح محمد عفي مع زوجته وولديه حاليا في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة غرب اليمن ولا يستطيع العودة إلى مديرية الميناء التي ينتمي إليها بذات المحافظة لأن عودته قد تعرضه للاختطاف مرة أخرى، وفق قوله.
مسؤولية الدولة
بدوره أشار الصحفي المحرر من سجون الحوثي هشام اليوسفي إلى المعاناة التي يعانيها المختطفون عقب خروجهم من السجون، مؤكدا أن الكثير منهم أصيبوا بالأمراض المزمنة خلال فترة السجن ولم يحظوا بعد خروجهم برعاية أو اهتمام ولم يتلقوا أي برامج دعم نفسي لإعادة دمجهم في المجتمع، لافتا إلى خيبة الأمل التي لاحظها على كثير من المختطفين بعد خروجهم في حين كانوا يأملون بوضع أفضل.
وقال: هناك من المختطفين من عَرْض حياته للخطر وهو في طريقه إلى أوروبا من أجل أن يحظى برعاية صحية ووضع معيشي أفضل.
ويرى اليوسفي أن الدولة مسؤولة عن الرعاية والاهتمام بهم بعد خروجهم من السجن، داعيا إلى إنشاء جهة حكومية تتبنى الاهتمام بالمختطفين وتعمل على علاجهم ورعايتهم أو إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع بعد خروجهم من السجون ليتمكن المختطف من تجاوز السجن والأزمات التي لحقت به خلال فترة السجن إضافة إلى رعاية أقارب المختطفين.