في يومهم العالمي.. مرضى السرطان في اليمن بين أوجاع الحرب وآلام المرض! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ من إفتخار عبده
يصادف الرابع من فبراير اليوم العالمي لمرضى السرطان، وبهذا اليوم يعيش المرضى في اليمن أوجاعًا كبيرةً؛ نتيجةً لتفشي المرض من ناحية، ونتيجةً لصعوبة الحصول على الأدوية اللازمة من ناحية أخرى.
ويحتفي العالمُ بهذه المناسبة فيما تشهد اليمن ارتفاعًا مخيفًا في عدد المصابين الذين تتفاقم معاناتهم؛ نتيجة لاستمرار الحرب والحصار الذي يمنع دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة التشخصية والعلاجية الخاصة بالأورام السرطانية.
ويقول د/معاذ الشريحي، مدير إدارة الجودة والتوعية والتثقيف الصحي في مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية- تعز، إن “عدد حالات السرطان تزداد يومًا بعد آخر، والمترددون على مركز الأمل بأعداد مخيفة؛ إذ يبلغ عدد المسجلين في المركز عشرة آلاف وسبعمائة وستة وسبعون حالة لنهاية عام 2022م ومن خلال ملاحظاتنا فالأعداد تزداد يوما بعد آخر”.
وأضاف الشريحي لـ ” يمن مونيتور: مرضُ السرطان يشكل معاناةٌ كبيرة على المريض من حيث صحته وعلى الأسرة اقتصاديًا؛ نظرًا لكلفة العلاج، والمريض يستمر فترة طويلة في التردد ويحتاج إلى وسائل تشخيصية ومتابعة باستمرار “.
وأردف” علاجات السرطان باهظة الثمن تكلف آلاف الدولارات، فالمريض الواحد تكلفة علاجه تصل من عشرين إلى ثلاثين مليون، وظروف الناس المعيشية في اليمن متعبة جدًا فلا يقدرون على دفع كل هذه التكاليف”.
وأشار إلى أن” مركز الأمل خفف كثيرًا من معاناة الناس، ولكن المركز ما يزال يعاني من شحة الإمكانات؛ نظرًا لأن كثيرًا من التجار غادروا مدينة تعز، وأيضا الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المجتمع بسبب الحرب والحصار”.
وبيَّن أن “المركز اليوم لا يستطيع أن يفي بكل متطلبا المرضى بسبب ارتفاع سعر العلاج، فالعلاج الذي كان سعره مليون ريال أصبح سعره اليوم ثلاثة ملايين، والأدوية التي يشتريها المركز خلال العام الواحد تصل إلى مليار ونصف، كلفة الأدوية فقط”.
وأردف” ناهيك عن كلفة المستلزمات الطبية والوسائل التشخصية للمريض من مختبرات وأشعة وكادر متابع واستشاريين وأَسِرَّة رقود، وميزانية تشغيلية من وقود وكهرباء، وتغذية للمريض، علمًا أن الإيرادات للمركز مقابل هذا ضئيلة جدًا”.
وبين الشريحي أن” الكثير من المرضى لا يستطيعون الالتزام بالمواعيد المحددة لتعاطي العلاج على الرغم من أنه مجاني، وهذا يكون بسبب ظروفهم الاقتصادية؛ فالأغلب يكون آتيًا من القرى وهو في الوقت نفسه لا يحصل على تكاليف المواصلات للعودة”.
ولفت إلى أنه” تم فتح مركز إيواء خاص بالنساء والأطفال، فدار الحياة (مركز الإيواء) يخفف بشكل كبير من معاناة المرضى وخصوصًا أولئك الذين يأتون من أماكن بعيدة من الأرياف أو من يأتون من خارج مدينة تعز ومن المحافظات الأخرى، الذين يقضون وقتًا كبيرًا في السفر، وهذا المركز حتى الآن تتوفر فيه المستلزمات التي يحتاجها المريض وموقعة قريب من مركز الأمل لكنه خاص بالنساء والأطفال، ونحن قيد التنسيق لمركز إيواء آخر يخص الرجال”.
وعن حصار تعز ومعاناة مرضى السرطان إزاء ذلك، يقول الدكتور معاذ الشريحي” يعاني مرضى السرطان كثيرًا بسبب الحصار المفروض على مدينة تعز فبدلًا من أن يصل المريض إلى المركز خلال ربع ساعة من الزمن أصبح يستغرق وقتًا طويلًا”.
وأشار إلى أن” هناك من يرهقه السفر كثيرًا لكنه يضطر لذلك؛ لأن مركز الأمل هو المركز الوحيد الذي يخدم مرضى السرطان في مدينة تعز والمحافظات المجاورة، كذلك العلاج الإشعاعي مكانه الوحيد في صنعاء، والمريض يضطر أن يذهب إلى صنعاء وهذا يكون متعبًا له بلاشك”.
في السياق ذاته يقول الناشط الاجتماعي، زكريا المنصوب” تفشى مرض السرطان في أوساط اليمنيين بشكل مقلق مع استمرار الحرب والحصار؛ وترجع أسباب هذا الانتشار إلى انتشار ظاهرة المتاجرة بالسموم الممنوعة والمواد المُسرطنة”.
وأضاف المنصوب لـ”يمن مونيتور” اليوم الكثير من المزارعين يستخدمون المبيدات في مزارعهم بغير دراية عنها، فلا يدركون مدى خطورة ذلك وهذا الأمر- مع الأسف- ينتج عنه مرض مستعص لا يقدر المواطن على محاربته”.
وأردف” انتشرت ظاهرة تهريب الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية والتى قد تتحول الى مواد مسرطنة، بسبب سوء التخزين وتعرضها لدرجة الحرارة المرتفعة، وكذلك الأغذية والمشروبات، التي تتحول إلى مواد سامة تكون مسببة للأمراض السرطانية عندما تفقد صلاحياتها”.
وأشار المنصوب إلى أن” الحرب والحصار وغلاء المعيشة، يضاعف عناء تلك الفئة المصابة بهذا الداء القاتل، التي لا تقدر على توفير الأدوية الضرورية لهذا الداء”.
وتابع” رمت الحرب بأوزارها الثقيلة على فئة ضعيفة لا تستطيع القيام بتوفير متطلباتها الضرورية في وقت السلم ناهيك عن زمن الحرب، فكيف ستقوم هذه الشريحة بتوفير مستلزمات الحياة مع متطلبات العلاج والأدوية التي تُثقل كاهل تلك الأسر المغلوبة على أمرها”.
وبين المنصوب أن” أغلب مرضى السرطان يقطعون مسافات طوال فقط الحصول على جرعة واحدة من الدواء، وهذا الأمر يكلفهم الكثير من الوقت والجهد والمال، إذ يضطر المسافر على الأقل أن يبيت يومًا واحدًا في المنطقة التي سافر لها وهذا ما لايقدر عليه”.
واختتم “رسالتي لمرضى السرطان بهذه المناسبة أن لا تيأسون وثقوا بالله ثم بأنفسكم، فهذا الداء تأثيره النفسي أكبر من تأثيره الحقيقي فكونوا أقوياء أمام هذا العدو حتى تنتصروا عليه بإن الله”.
بدورها تقول عزية قائد (60عامًا، مصابة بالمرض) “نعاني كثيرًا نحن المصابون بالسرطان، عناؤنا ليس مقصورًا على الوجع الذي يكاد يفتك بنا بين لحظة وأخرى وإنما هو أوسع من ذلك وأمر”.
وأضافت قائدا ل “يمن مونيتور” أصبت بالسرطان قبل عام، إذْ اكتشفت أني مصابة بورم في ظهري وبعدها تنقلنا أنا وابني في العديد من المستشفيات داخل مدينة إب لنرى ما سبب هذا الورم وما نوعه “.
وأردفت” تم تحويلنا إلى صنعاء وهناك عانينا كثيراً إذ اضطررنا أن نبقى في أحد الفنادق هناك مدة عشرة أيام وكان اليوم الواحد بعشرة آلاف ريال والظروف لا تسمح لنا بدفع هذا المبلغ بشكل يومي، لكنا عندنا بعدها إلى مدينة إب، وتم تحولينا مرة أخرى إلى صنعاء “.
وتابعت” اضطررت بعدها لدخول مدينة تعز لأجل أن أتعاطى الجرع، واستقريت هنا مع ابني، فقط لأجل العلاج الذي لا ندري كمْ ستستمر مدته؛ لأن المسافة بعيدة بين إب وتعز والحصار زاد الأمر سوءًا فأنا لا أستطيع أن أسافر لساعات طويلة؛ فبعدما بدأت أتعاطى الجرع ضعفت كثيرًا “.
وواصلت” لا أعلم إلى أي حال سأصل لكني مقنعة بما قدره الله لي ولكن خوفي وقلقي على ابني الذي تعب معي كثيرًا وأخشى أن يستمر عناؤه معي “.