لا يصدق أن خمسة أعوام قد مرت منذ اتخذ قراراً بالعودة لليمن تدفعه رغبتان : المشاركة في التغيير مع ثورة 11 فبراير، ورغبة الزواج من أبنة عمه. لا يصدق أن خمسة أعوام قد مرت منذ اتخذ قراراً بالعودة لليمن تدفعه رغبتان : المشاركة في التغيير مع ثورة 11 فبراير، ورغبة الزواج من أبنة عمه.
كما أنه لا يصدق أنه نفذ هذا القرار أخيراً فقد سئم انتظار تحسن الأحوال كما يقول والده ووالدته، فمن خلال إدمانه على أخبار الوطن عبر مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعي أدرك أنه لا تحسن أبدا، بل أن الوضع يزداد سواء كلما استبشر الناس خيراً.
هو الذي يعيش في الغربة أحداث الوطن صغيرة أو كبيرة يوما بيوم ولحظة بلحظة، كأنه يتنفس هواء الوطن العابق بالتوتر والصراع.
كان كأي ناشط على الفيسبوك يتفاعل مع أحداث الوطن ويعانيها بكلماته ومشاعره يملأ الصفحات بالصور والكلمات التي تحكي قصة وطنه الموجوع بالظلم والطغيان.
وهو عائد إلى بؤرة الوجع.. اليمن حاول أن يتناسى أن ما ينتظره يغاير ما كان يحلم به، فقبل خمس سنوات كان هناك حلم ثورة.. أما الآن فهو جحيم انقلاب وحرب أهلية، و مع توسلات والدته بترك أي نشاط يدل على معارضته لوجود المليشيا في مدينته إب ومراعاة لقلق والدته من حوادث الخطف والاعتقال والتصفية الجسدية التي يواجهها أبناء هذه المدينة الصامتة حاول الانشغال بالترتيب للعرس فمدة اقامته محدودة، ولكم كانت تستثيره عنجهية المليشيا في التعامل مع أبناء المدينة بلا استثناء، حتى أولئك الذين قبلوا على أنفسهم استحذائها لهم وتلقيبهم بـ”المتحوثين”، وما هم إلا أحذية سميكة تداس بهم كرامة أبناء مدينتهم!
كان يقمع رغبة الاحتجاج في أي موقف يصادفه إكراما لوالدته وعروسه المنتظرة لسنوات؛ بل أنه ترك نشاطه على مواقع التواصل فترة اقامته في مدينته، إلا أن وجود طابور من الوشاة النفعيين لا يتركون التفكير بالإيقاع بالناس لمجرد خصومات عادية بينهم، فعلى اثر خلاف بينه وبين جاره المؤتمري المتحوث حول المكان الذي سيقام فيه الزفاف قام الأخير بالوشاية به كناشط ضد الوجود الحوثي في إب، وسرد جرائمه من التنديد بجرائمهم ومساندته للمقاومة بالقلب واللسان؛ وعلى أثر الوشاية توجه طقم حوثي مليء بالمدججين بالسلاح إلى منزل الشاب في يوم عرسه تماماً، وبعد محاولات بائسة لمنعهم من اعتقاله في يوم عرسه تم اقتياده بالقوة و رمي والده المسن والمقهور أرضا وهو يتشبث بمؤخرة الطقم بلوعة تفتت القلوب..
ليصبح مغيبا لشهور طويلة رغم محاولة افتداء والده له بمبالغ مالية كبيرة..
هذا شاب من مئات المختطفين الذين غيبوا عن أهلهم لمجرد الولاء لقضية هذا الوطن.