اليمن في 2022.. الانتقالي يواصل مشروع الانفصال وقيادة رئاسية جديدة تبحث عن سلام مع الحوثيين
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
يطوي اليمنيون العام الثامن من الحرب المدمرة في البلاد، على وقع أحداث مهمة ومعقدة، ضاعفت من تعقيدات المشهد السياسي والعسكري وزادت من قتامته (شمالاً وجنوباً)، فيما تتواصل الجهود الدبلوماسية الدولية لتحقيق اختراق في جدار الأزمة في ظل الهدوء النسبي للقتال، رغم توقف الهدنة الأممية في أكتوبر الماضي.
لقد شكّل إعلان الرئيس اليمني (السابق) عبدربه منصور هادي في أبريل 2022، نقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي مؤلف من 8 أعضاء في مقدمتهم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، أبرز محطات العام 2022 ونقطة التحّول الكبرى، ونهاية لحقبة استمرت 10 سنوات بقيادة “هادي نائبه علي محسن الأحمر الذي تمت إقالته قبل إعلان نقل السلطة”، ومثلت بداية لمرحلة جديدة عنوانها الأبرز القيادة السياسية الجماعية في اليمن.
ومع إعلان قيادة رئاسية جديدة للبلاد، شهدت الساحة اليمنية، أحداث مهمة، أبرزها الاتفاق على هدنة إنسانية لستة أشهر بدءا من الثاني من إبريل/ نيسان، قبل أن تفشل الأمم المتحدة التي رعتها التجديد لها لفترة إضافية بعد انتهائها في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه، إضافة إلى مخرجات المشاورات اليمنية – اليمنية التي جرت في الرياض خلال الفترة من 29/3 – 7/4/ 2022.
ورغم تميز العام 2022 عن الأعوام السابقة من سنوات الحرب، من خلال إيقاف المعارك في الجبهات، لنحو تسعة شهور، على الرغم من استمرار خروقات الهدنة من جانب الحوثيين، إلا أنها استطاعت إيقاف غارات طائرات التحالف، كما شهدت تراجعا كبيرا في إلحاق الخسائر المادية والبشرية في صفوف المدنيين والأعيان المدنية، بحسب تصريحات أممية.
لكن ومع فشل تمديد الهدنة الأممية، حولت جماعة الحوثي حربها إلى ميدان آخر وتوقفت عن مهاجمة السعودية والإمارات، فقد لجأت الجماعة إلى شن هجمات عدة خلال الأشهر الأخيرة، على موانئ نفطية تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها، ما دفع مجلس الدفاع الوطني اليمني (أعلى سلطة دفاعية) تصنيف الحوثي “منظمة إرهابية”، وهو ما مثل تحديا جديدا لعملية السلام، لينتهي العام مع حدث لم يُعلن عن نتائجه حتى كتابة هذا التقرير، والمتمثل في الوساطة العمانية، التي لا تزال تمثل بارقة أمل صوب فتح نافذة ضوء في نهاية النفق اليمني حالك الظلمة.
“المجلس الرئاسي يخفق في تحقيق أهدافه”
حظي مجلس القيادة الرئاسي في اليمن منذ إعلان تشكيله بفرص عدّة، أبرزها تجميع القوى والكيانات السياسية والعسكرية التي تحارب الحوثيين ضمن هيكل قيادي واحد، وعودة مؤسسات الدولة إلى العمل من داخل البلد، فضلاً عن التأييد الإقليمي والدولي الواسع للمجلس بما فيه مجلس الأمن؛ لكن وبالرغم من كل هذه الفرص إلا أن الفترة الأولى من عمر هذا المجلس، أثبتت إخفاق المجلس في تعزيز دوره وشرعيته، وتحقيق الأهداف المنوطة به.
فقد كشفت معطيات الشهور الأولى من العام 2022، فشل المجلس في ترسيخ وحدته وتماسكه الداخلي، ما أصابه بحالة من الشلل والجمود، ووصل إلى حد التفكك، فهو يضم عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، المدعوم من الإمارات، كما يضم المجلس في عضويته الشيخ سلطان العرادة، محافظ مأرب الغنية بالطاقة. وكذلك طارق صالح، قائد قوات الساحل الغربي وابن شقيق الرئيس الراحل والمدعوم أيضاً من أبوظبي، والجميع لديهم آراء متعارضة تماما، في العمل معا”.
ففي 6 أيار/ مايو، أقر المجلس الرئاسي اليمني، تشكيل لجنة عسكرية وأمنية مشتركة لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، مكونة من 59 عضوا، ومنذ ذلك الوقت وحتى كتابة هذا التقرير، لا تزال هذه اللجنة تعقد اجتماعاتها مع الوحدات العسكرية المختلفة، دون أي نتائج تفضي إلى توحيد القوات المسلحة اليمنية، وتحويله إلى جيش محترف يؤدي مهامه بعيداً عن التأثيرات والتدخلات السياسية والقبلية والمناطقية.
ونتيجة لعدم وجود توحيد الجيش والأمن تحت مظلة الدفاع والداخلية، وقف المجلس الرئاسي عاجزاً عن وضع السياسات والخطط الواقعية لتحقيق الأهداف والتوجهات العامة التي تضمنها الإعلان الرئاسي المُؤسس للمجلس، وتراجع دور رئيس المجلس رشاد العليمي بعد تقييد حريته، لصالح عضو المجلس عيدروس الزبيدي المدعوم من أبوظبي، الذي برز خلال الشهور الألى كشخصية أولى في المشهد السياسي اليمني في المناطق المحررة لا سيما جنوبي اليمن.
الانتقالي يواصل مشروع الانفصال
منذ وصوله إلى عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، تعرض رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، لحصار سياسي كبير، ما دفعه إلى مغادرة عدن في أغسطس الماضي، متوجها إلى أبوظبي في زيارة وصفت بـ”غير الرسمية”، وأثارت ردود فعل غير مسبوقة لدى الوسط السياسي اليمني نتيجة الوضع الذي وصل إليه رئيس الدولة في البلاد.
واستغلالاً لتلك الزيارة، أكمل المجلس الانتقالي السيطرة على محافظة أبين ضمن مسلسل التحركات العسكرية لاستكمال السيطرة على المحافظات الجنوبية، بغطاء رئاسي من خلال التوجيهات الصادرة من قبل عيدروس الزبيدي، مستغلا عضويته في مجلس القيادة الرئاسي، من أجل استكمال إجراءات “شرعنة” مشروع انفصال الجنوب عن الشمال.
وكانت القرارات والمواقف الأخيرة للرئيس العليمي بشأن المواجهات المسلحة في محافظة شبوة في 8 آب/ أغسطس، والتي انتهت بخروج القوات الحكومية الشرعية وسيطرة القوات الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتداعياتها التي أفضت إلى إقالة المسؤولين العسكريين والأمنيين الحكوميين واستبدالهم بمسؤولين انفصاليين، قد أثارت استهجاناً كبيراً في الوسط السياسي اليمني، لوح حزب التجمع اليمني للإصلاح، بوقف مشاركة الحزب في كل مؤسسات الدولة، على خلفية تلك الأحداث.
كل تلك المعطيات آنفة الذكر، تفيد وفق مراقبين، أن المجلس الرئاسي فشل في الحصول على المشروعية الشعبية، التي كان يمثلها الرئيس المنتخب مباشرة من الشعب، عبدربه منصور هادي، وتعطيل السلطة الشرعية في اليمن، واستخدم كحصان طروادة لشرعنه الخطوات الانفصالية التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم عسكري ومادي من أبوظبي.
ومع انتهاء العالم 2022 وطي صفحاته، وبدء سجل العام الجديد من الحرب في اليمن، يبدو مشهد الأزمة اليمنية أكثر تعقيدا من قبل، فكل المعطيات السابقة، تفيد إلى تفاقم حدة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وانزلاق الدولة اليمنية إلى حالة من الهشاشة والتصدع مع فشل واخفاق المجلس الرئاسي، حيث باتت منقسمة إلى خمسة كانتونات. “الحوثيون، والحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، قوات الساحل الغربي، ومؤخراً بروز وظهور مصطلح دولة حضرموت”.