نازحو اليمن في فصل الشتاء.. صراعٌ كبيرٌ مع البرد القارس والجوع القاتل! (تقرير خاص)
يمن مونيتور- إفتخار عبده
تتفاقم معاناة النازحين في اليمن بشكل كبير كلما جاء فصلُ الشتاء؛ نتيجةً لاشتداد البرد من ناحية وعدم حصولهم على الدفاء من ناحية أخرى.
ويعيش غالبية النازحين- في اليمن- داخل مخيمات مهترئة لا تقدر على مقاومة الرياح، ولا تقي أهلها الضعفاء من موجات البرد القاسية، يباتون طوال الليل في صراع كبير مع البرد القارس والجوع القاتل حتى يغلبهم النومُ، أو يظهر عليهم نهارٌ جديدٌ، تبدأ معه معاناةٌ جديدة، قد تكون أشد ألمًا ومرارة.
وبحسب منظمة (كير الدولية) إن” عدد النازحين في اليمن تجاوز 4.3 مليون شخص جراء الحرب التي تشهدها البلاد منذ ثماني سنوات”.
ويقول سيف مثنى، مدير عام الوحدة التنفيذية للنازحين- مأرب “يعيش النازحون في فصل الشتاء داخل خيام مهترئة أو أكواخ مصنوعة من القش ( أعواد الأشجار) في صحراء مأرب المفتوحة”.
وأضاف مثنى لـ ” يمن مونيتور” خلال فصل الشتاء تتضاعف معاناة النازحين في المخيمات التي لا تقيهم من حر الصيف ولا برد الشتاء إذْ تشتهر الصحاري في مأرب ببرودة شديدة؛ خاصة في المناطق المفتوحة منها”.
وأردف” لقد أثبت هذا الفصل مضاعفته لمعاناة النازحين حيث سجلت الوحدة التنفيذية في العام الماضي (2021م) ثلاث وفيات من الأطفال وقد أطلقت الوحدة النداء العاجل حتى لا تتكرر مثل هذه المعاناة في أوساط النازحين داخل هذه المخيمات”.
وتابع” من المفترض أن يكون لدى المنظمات مخزون طارئ لمثل هذه الظواهر الطبيعية- كبرد الشتاء مثلًا- لكن للأسف الشديد لا يوجد لدى المنظمات أي مخزون طارئ لتفادي هذه المعاناة وهذا ما يفاقم معاناة النازحين أكثر”.
وأشار سيف مثنى في حديثه لـ” يمن مونيتور” أنه” هناك أكثر من 81 الف أسرة نازحة بحاجة ماسة إلى وسائل التدفئة الشتوية وإلى بطانيات وملابس شتوية عاجلة”.
في السياق ذاته يقول جمال الحميري” نزحت من ذمار إلى مأرب قبل عدة أعوام وأعيش حاليًا في مخيم مهترئ أنا والكثير من جيراني هنا في القطاع السابع، فهذا القطاع يضم 13مخيمًا، يشتد فيه البرد علينا وخاصة في وقت الليل”.
ويضيف الحميري لـ” يمن مونيتور ” لست وحدي من يعاني من برد الشتاء هذا العام، فهنا في هذه المخيمات الكثير من الأسر من لا يمتلكون بطنيات تقيهم من شدة البرد ومن الرياح التي تزيد الناس هنا مرضًا وبلاءً”.
وأردف” في الكثير من الأوقات نتيمم للصلاة لأننا لا نقدر على مجرد لمس الماء ولا نقدر نشربه وهذا ما سبب لنا الكثير من الأمراض وخاصة الأطفال وكبار السن منا”.
وتابع” المنظمات لا تصل إلينا إلا نادرًا، فهم يتعللون بأن المكان بعيد هنا، فأكثر زيارات المنظمات لا تكون إلا للمناطق القريبة من المدينة، تلك المخيمات القريبة من المدينة حالها أحسن من حالنا بكثير؛ لأنها تصلهم بعض المساعدات بعكسنا”.
وواصل” أتمنى من كل من يشرف على المساعدات المقدمة للنازحين بأن يعاملوا النازحين على السواء، وألا يعاملونهم بقربهم من المدينة أو بعدهم عنها، نحن في فصل الشتاء هذا ما وجدنا من المساعدات إلا أخبارًا تقال باللسان لا أكثر ويعلم الله وحده بحالنا ومعاناتنا مع هذا البرد القارس”.
بدورها تقول ابتسام عبدالله” نزحت إلى منطقة دبع في مديرية الشمايتين محافظة تعز، وحينها صنعت لي ولأطفالي مخيمًا من (الطرابيل ) نأوي فيه وهذا المخيم لا يقينا من البرد إطلاقًا بل إننا فيه نذوق مرارة البرد بالأقداح”.
وتضيف عبدالله لـ” يمن مونيتور” كم يطول ليلنا هذه الأيام، يسألني أطفالي عادةً وقت اشتداد البرد في الليل متى يأتي الصباح؟، متى ستشرق الشمس حتى يأتينا الدفء منها وأنا أكثر منهم أتمنى ألا تغيب الشمس عن الوجود؛ فهي الدفء الوحيد لنا بهذه الحياة؟”.
وأردفت” أقضي نهاري في العمل داخل البيوت بالتنظيف مقابل مبلغ مالي أوفر من خلاله بعض الطعام ولا شيء غير ذلك، فأنا إن عملت طوال النهار أحصل على 4000 ريال بالعملة الجديدة، أو نصف نهار بنصف المبلغ”.
وتابعت” الملابس الثقيلة أو البطانيات لا نحصل عليها إطلاقًا؛ لأنها باهظة الثمن وأنا بالكاد أقدر على توفير لقمة العيش لأطفالي المحرومين منها في كثير من الأوقات”.
وواصلت” كان معي ثماني غنمات قمت ببيعها، فقد وعدني أحد مالكي الأراضي التي بقربنا أن يبيع لي قطعة أرض سعتها مترين في مترين، وقد اشتريتها ولكني للآن ما قدرت على توفير مبلغ أقدر أن أبني به غرفة صغيرة”.
وأشارت ابتسام في حديثها لـ”يمن مونيتور” أحيانًا يمرض أبنائي الأربعة مرة واحدة، في هذا البرد… يصابون بالنزول والصداع والحمى القاتلة وهذا ما يكثر العناء لديّ أكثر لأني أثناء مرضهم لا أقدر على مغادرة المخيم لأجل العمل، أبقى بجوارهم وحسب”.