كتابات خاصة

صناعة البول!

محمود الحافظي

عاب أحدهم على الديموقراطية أنها تجبرك على السماع للأحمق.. ذات العيب يمكن قوله بحق مواقع التواصل الاجتماعي/ فيس بوك تحديدا في اليمن؛ غير أنها سمحت بأكثر من السماع، إنهم يسجلون الفيديو ولديهم إمكانية البث المباشر.. إنه إعلان رسمي لبدء جمهورية الحماقة الضاربة، ويا لبؤس الحظ!

عاب أحدهم على الديموقراطية أنها تجبرك على السماع للأحمق.. ذات العيب يمكن قوله بحق مواقع التواصل الاجتماعي/ فيس بوك تحديدا في اليمن؛ غير أنها سمحت بأكثر من السماع، إنهم يسجلون الفيديو ولديهم إمكانية البث المباشر.. إنه إعلان رسمي لبدء جمهورية الحماقة الضاربة، ويا لبؤس الحظ!
الإشكالية أننا كجمهور غير مؤهلين للتعامل الذكي مع هذه المواقع، ولذا نتيح فرصا أكثر لهيمنة الحماقة على فيس بوك، إذ أن قلة وعينا بأدوات هذه المواقع وتعاملنا الساذج مع كل ناطق، هو واحد من أهم طرق انتشار الحماقة، ونبدو ضمن القطيع بواقع الحال، وهو أمر يخجل الأجنة في الأرحام!
وقد غدا الموضوع بارزا بما لا يستحق حتى التدليل عليه.. ولكم أن تتخيلوا أن واحدا من مشاهير فيس بوك أخذ شهرته من شغفه الشديد بالتعطر ببول ابن الزعيم! ثم قليلا قليلا حتى غدا ثائرا ومقاوما.
ولست أدري كيف استطاع اختراق هذه المسافة في عقول المتابعين، من ثائر للبول إلى مقاوم بالقول؛ وما أغربه من تقبل!
وآخر أخذ شهرته من دفاعه عن مليشيا طائفية ضد الدولة، ثم، وبغير وقت كاف، تحول إلى صناعة السلام في اليمن!!
وبإمكانك أن تجد لما يقوله آلاف المعجبين والمستشهدين، إنه عصر الرداءة بامتياز.
هناك حماقات متعوب عليها، أو أنها تلامس حنينا في القلب يستغله أصحابها لتمرير ما يريدون، ومنها ظهور العلماء الخارقين والحائزين على جوائز الدنيا، مع أنه ليس لهم من الأمر سوى الخداع، يمكن العودة لحلقات د. وضاح عثمان حول مناهل ثابت أنموذجا.
وهنا حماقات التذاكي الغبي التي تشرح مدى خفة أصحابها حين يذهبون لخلع عبارة من سياقها العام والترويج لها وكأنها فضيحة تاريخية لصاحبها، والحقيقة أنها فضيحة للمستشهد بها خصوصا وأنها تبديه منحازا لفكرته الفقيرة المحتاجة للمزيد من الخداع والغباء كي تتمكن من البقاء!
ليس للحماقة من آخر، لكن المشكلة أننا نحن من نسهم بفاعلية في تحويل فرصة مثل فيس بوك من منصة تنوير ومثاقفة ومناصرة إلى ميدان يتصدره المسوخ والأشباه! والأصل أن نتنبه ونحن نستخدم أدوات فيس بوك، وأن نكون حريصين على وضع الإعجاب والمشاركة والإشارة وغيرها لمن يستحق حتى تتمكن الأفكار التي تستحق الانتشار من مقاومة كل هذا الكم من الرداءة؛ مالم، فإن حضارة القرن الواحد والعشرين يعبث بها إنسان العصر الحجري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى