الأمراض المزمنة تتفشى في اليمن.. نظام صحي منهار وأدوية منعدمة (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من افتخار عبده
انتشرت الأمراضُ المزمنةُ في زمن الحرب بشكل مقلق للغاية وسط عجز الكثير من المرضى عن إجراء الفحوصات اللازمة وشراء الأدوية الضرورية لهذه الأمراض.
وتفتقر الكثير من المحافظات اليمنية إلى المراكز المتخصصة لعلاج الأمراض المزمنة في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الأدوية ومستلزمات العلاج.
وقد تسببت الحرب وضعف الدولة في انتشار بيع الكثير من الأدوية المهربة والتي بدورها تفاقم المرض لدى المرضى أكثر من علاجهم وقد توصلهم إلى الموت.
اقرأ/ي أيضاً.. مخاطر حصول الحوثيين على عائدات النفط.. وما الذي يمكن عمله لمواجهة تهديداتهم؟
وهذا الأسبوع صرح معين عبد الملك (رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها) “بسرعة إنشاء مستشفيات حميات بالمحافظات لمواجهة الأوبئة المنتشرة، ومراكز صحية نموذجية وتخصصية لأمراض السرطان والقلب والكلى، خصوصاً في المدن الكبرى”.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، فإن “معين عبد الملك، شدد على ضرورة إيجاد مشاريع صحية نموذجية فيما يخص مكافحة السرطان والمراكز التخصصية للقلب والكلى وضرورة تشغيلها بالمحافظات، خصوصاً بالمدن الكبرى”.
كما أشار إلى أهمية مواصلة الإصلاحات في القطاع الصحي، وتشديد الرقابة على سوق الأدوية والتحقق من جودتها وصلاحيتها والتعاون مع الجهات المختصة من أجل تكثيف جهود مكافحة تهريب الأدوية.
اقرأ/ي أيضاً.. (حصري) قرارات وأجهزة مخابرات جديدة.. كيف يواجه الحوثيون مخاوف السخط الشعبي والانشقاقات الداخلية؟
زيادة الأمراض المزمنة
ويقول د/ معاذ السريحي ، مدير إدارة الجودة والتوعية والتثقيف الصحي في مركز الأمل لعلاج الأورام تعز “عادةً وأثناء الحرب تنتشر الأمراضُ الوبائية نتيجةً لغياب المكافحة المستمرة ضد المسببات البيلوجية وكذلك غياب اهتمام الدولة بالجانب الصحي وانشغالها بالحرب وحسب”.
وأضاف السريحي ل “يمن مونيتور” حَالِيًّا في اليمن ونتيجةً للصراع الحاصل فيها نلاحظ أن هذا الصراع أثر سلب على الصحة على ما كانت عليه سابقا؛ فنظام الصحة لدينا كان ضعيفًا فجاءت الحرب لتزيد الطين بلةً وقد تدهور الجانب الصحي كثيرًا وخصوصًا في السنوات الأخيرة من الحرب “.
وأردف” كثرت الأمراض المزمنة والخطيرة وهذا شيٌّ مسلم فيه؛ والسبب في ذلك يعود إلى تدهور الجانب الاقتصادي الذي يؤدي إلى الضغوط النفسية مما يؤدي إلى أمراض القلب والضغط والسكر “.
وتابع” انتشرت أمراض سوء التغذية بين الأطفال بشكل، مخيف الأمر الذي يسبب الإعاقة الدائمة للأطفال؛ ويعود ذلك إلى تدهور النظام الصحي والاقتصادي المؤدي إلى ذلك “.
وأشار السريحي في حديثه ل” يمن مونيتور “إلى أن” الحرب في اليمن أدت إلى ضعف كيان الدولة داخليا وهذا الأمر فتح مجالًا لتهريب السموم (المبيدات الحشرية التي تستخدم في الزارعة) دون أي راقبة أو توعية للمزارعين مما تسبب في انتشار السرطان بشكل مخيف جِدًّا “.
انعدام الأدوية
وبيَّن أن” الحرب تسببت في انعدام الكثير من الأدوية وحتى إذا توفرت فهناك من يحتكرها من بعض التجار وبالتالي تكون أسعارها غاليةً جِدًّا وهذا ما يجعل المواطن غير قادر على شراء هذه الأدوية مما يفاقم المرض كثيرًا لدى المريض “.
وواصل” الأمراض المزمنة عادة ما تخلف أمراضًا أكثر خطورة، مثل ارتفاع الضغط الذي يخلف جلطات في الدماغ تسبب الشلل الدائم، أو السكتة القلبية “.
ووضح” أغلب الأدوية تصل إلينا مهربة بطريقه غير سليمة وهذا ما يسبب مشاكل صحية أخطر من المرض الموجود في المريض كالكارثة التي حصلت للأطفال في مركز الأورام في صنعاء “.
في السياق ذاته يقول يحيا العفيري” انتشرت الأمراضُ المزمنة في الفترة الأخيرة بشكل مخيف جِدًّا ومرض السرطان أصبح شبحًا يلاحق الكثير من المواطنين اليمنيين في ظل هذه الأزمات القاتلة “.
ويضيف العفيري ل” يمن مونيتور “ابن خالي إحدى ضحايا السرطان فقد كان شاب طموح يعيش حياة البسطاء وكان يعمل مع والده في مزرعتهم الصغيرة في قريته، وقد تفاجأ أنْ ظهرت في صدره نبتة صغيرة قبل عامين”.
وأردف في بداية الأمر لم تكن تؤلمه ولكنه وقبل حوالي ثمانية أشهر بدأ يتضايق منها، وفي وقت نومه يشعر بضيق في التنفس، وساءت حالته كثيرًا “فاضطر أن يغادر الريف إلى المدينة لأخذ العلاج اللازم”.
وتابع “بعد فحوصات عدة تبين الأمر بوجود ورم خبيث في الأضلاع، يضغط على الرئة اليمنى، وتفاجأ والد عاصم بهذا المرض الذي أصاب ابنه الوحيد لكنه أخفى الأمر عن ابنه”.
اقرأ/ي أيضاً.. تحت التهديد والترغيب.. الحوثيون يواجهون غضباَ ورفضاً في مؤسسات الدولة بصنعاء (تقرير خاص)
وواصل “عمل الأطباء لعاصم قسطرة لإخراج السوائل من الرئة عن طريقها وهذه الأخرى رافقته كثيرًا، وكان من الضروري الذهاب به إلى خارج الوطن لتلقي العلاج؛ لأن الموت يقبع في مستوصفات البلاد نظرا لتردي الوضع الاقتصادي وعدم وجود المستلزمات والأجهزة الطبية الحديثة التي تعالج هذا الوباء”.
وأشار العفيري في حديثة ل “يمن مونيتور” إلى أن “أصحاب الأمراض المزمنة وأهلهم يعيشون حالة من القلق والهم؛ فحياتهم على المحك في الوقت الذي هم فيه لا يمتلكون المال الذي يساعدهم على مواجهة هذا الوباء الخبيث”.
وهذا ما فعله والد عاصم فقد ناشد فاعلي الخير حتى جُمع له مبلغ من المال بالإضافة إلى المبلغ الذي أخذه سلفة إلى أجل غير مسمى ليدخل إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة والتي استمرت لأكثر من شهر وهذا الوقت كان كفيلًا بأن ينتشر فيه الورم بجسد المصاب فنتائج الفحص لا تظهر إلا بعد 17يومًا وقد اضطر الأطباء لإعادة الفحص من جديد حتى يتسنى لهم معرفة نوع الورم.
يقول يحيى” بعدما عرف والد عاصم أن ابنه مصاب بورم خبيث نقله إلى أحد المستشفيات في صنعاء لإجراء عملية إزالة الورم قبل أن ينتشر أكثر، لكن الدكاترة رفضوا إجراء العملية له كون السرطان قد انتشر في الكبد والطحال والرئتين وصار قريبًا من القلب”.
وبين العفيري أن” أهل المصاب بحثوا كثيرًا حتى وجدوا مستشفى اليحيري الذي وافق على إجراء العملية؛ لأن هذا المشفى يتوفر فيه دكتور أخصائي صدر وجراح وأخصائي أورام عكس بقية المستشفيات وقد كانت تكاليف العملية باهظة إلى حد كبير، ومع هذا فقد خرج عاصم من تلك العملية جثة هامدة”.
ديونٌ متراكمة وأمرضٌ مستمرة
وأوضح العفيري أن” والد الفقيد ما تعافى بعدُ من وجع فقده ابنه ولم يستطع بعد أن يسدد الدين الذي عليه، فقد مرض هو الآخر واشتد مرضه ليذهب إلى المشفى ويجري الفحوصات فكانت النتيجة هي أن الوالد مصاب بورم خبيث قريب من شرايين القلب يتطلب منه العلاج بالخارج”.
بدوره يقول المواطن قائد أحمد(60عامًا) ” اتضح لي قبل ثلاث سنوات أني مصاب بمرض القلب بعد إجراء الكثير من الفحوصات والأجهزة والتنقل من مشفى لآخر بحثًا عن العافية”.
ويضيف قائد لـ” يمن مونيتور” كثرت ضغوطات الحياة علينا وكانت هذه هي النتيجة، لكن المتعب حقًا هو تنقلي من مكان لآخر بما يشار إلي في أن الطبيب الفلاني أفضل من هذا الذي ذهبت إليه وأن في المستشفى الآخر عنايته أكثر”.
وأردف” ذهبت مرات عديدة للعلاج في مدينة الحوبان وقد صرف لي علاج وكان ثقيلًا على جسدي طرحني على الفراش فنُصحت بعد ذلك بأن أزور طبيبًا في مدينة تعز وهذا الأخير قرر لي عدم تعاطي العلاج الأول وطلب مني شراء علاج جديد”.
وتابع” متعب جدا عندما يخبرك الطبيب بتغيير علاجك وأنت بالكاد حصلت على قيمته في هذه الظروف الصعبة التي لا تخفى على الجميع”.
وواصل” حتى الآن ما زلت أعاني من هذا المرض ولم أشعر بتحسن؛ بل إن حالتي تمشي نحو الأسوأ مع مرور الوقت والسبب هو عدم وجود المستشفى المختص الذي تذهب له ويعتني بك من كل النواحي إضافة إلى قلة المادة”.