لن نتجاوز دائرة الصراع منذ 67م , ونتجاوز العجز , لنحقق نجاح في انتاج دولة محترمة , تنهض بالبلد مجتمع وسلطة , مالم نعترف بالفشل أولا , وهو اعتراف حقيقي ان ما أنتج منذ 67م هو خراب , لأرث وتاريخ وحضارة كانت سائدة على الأقل في مدينة عدن , واليوم بادت , وعدن لم تعد عدن .
وضع عدن هو مقياس , اننا نسير في نفس مسار السياسة الهشة , والفشل الذريع , اللذان حرم السياسيين والمثقفين والمبدعين من طلاق قدراتهم , بما يعود بالنفع على فكرة الدولة المحترمة التي نتوق إليها , ويجرنا الفشل الى حلمه في تقويض كل شي لصالحه , ليستعيد دولته الهشة , ويحرمنا مجددا من دولتنا المحترمة , وتطلعنا في تحول لمستقبل زاهر .
ما حدث منذ 67م من تهجير للعقول والكفاءات والقدرات , واختطاف الدولة والأرض , ومحاولة تطويع الانسان لخدمة المختطفين للبلد , هو الكارثة التي لازالت تحدث مع كل محاولة تحول سياسي واجتماعي وثقافي وفكري .
للأسف لازال الجهل سيد الموقف , والمتعلمون خدم الجهلة والمتخلفين , بحثا عن مصالح آنية , وجزء يسير من تحقيق الذات , على حساب وطن وامة , وفي الأخير يكتشفون انهم مجرد ضحايا لنفوسهم المريضة , وحب الذات , والطمع .
المتعلم والمثقف , على اقل قد اطلع ان نهضة المجتمع في اطلاق قدراته وكفاءاته المعرفية والتنموية المختلفة , وأن أي محاولة لتضييق الخناق على هذا المجتمع هو إنتاج هش السياسية لا تخدم غير المستبد والباغي , المختطف للدولة والأرض والثروة , ويحاول الاستئثار بكل شي حتى منظمات المجتمع المدني والأحزاب ,المفترض أنها أدوات تنمية سياسية واجتماعية , يحاول إيقاف حركة نموها الطبيعي , و يجعلها تنمو لخدمة سياساته الهشة , فتجرد من دورها التنموي , لتكن جزءا من هشاشة السياسة و الوضع المتردي .
المشكل اننا بلد خضنا تجارب مريرة , لدينا تجربة ومعرفة , لدينا قوى سياسية وثقافية وفكرية حصيفة , وعقول توزن بلد , ولا نرى على المشهد غير أدوات رثة , وتكرر لماضي سيء وسياسية هشة , ومجتمع مستسلم يصفق ويهتف , وسهل الانقياد , نرى ماسينا تتكرر , بعقول أعماها الثأر , سيطر عليها الوهم , وتعتقد ان العنف يدعمها في السيطرة والتمكين على حاضر ومستقبل الأمة , وعلى الناس ان تستسلم .
كل ما يدور من سيناريوهات سمجة , في تقويض دور أدوات التنمية السياسية والاجتماعي , كارثة يتحملها أصحابها , والتاريخ لا يرحم , اذا كان اليوم يلعن السلف , فغدا سيلعن الخلف ألف لعنة ولعنة , ويلعن من يتماهى معهم .
ما هي النتيجة من فرض واقع على الناس ان تتقبله بالعنف , وفرخ أحزاب ضعيفة ,وانتج نقابات هشة , تحسم امورها بالبندقية , منذ اقتحام المبنى وطرد النقابيين , الى ما حدث من تدخل سافر وجاهل وغبي في انتخابات العمال , وتقسيم الناس لفريقين ( مع وضد ) واليوم تمزق بقية الهيئات النقابية والثقافية والصحفية , وتمزق المكونات السياسية , وكل ما ينظم نشاط المجتمع المدني , ويتم تطعيمها بأدوات سياسية هشة , والسؤال لخدمة من , لا اعتقد انها لخدمة الدولة المنشودة , كانت جنوبية او اتحادية , الدولة ان ترسخت كفيلة بترتيب ادواتها , فلا تقدموا العربة قبل الحصان , والعربة قد تقود الحصان للهاوية , وهو ما يتم اليوم , يراد ان تقاد البلد لدولة الجماعة , لا لدولة الإجماع , وهناك فرق .
ننتظر ان تصحو العقول الحصيفة تتصدى لهذا العبث , فرض سياسات حكيمة وحصيفه , تتجاوز الهشاشة التي تعيد إنتاج ماضي أسي وسيء , ولله في خلقه شؤون .