ما الذي يحمل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إلى أن يغرد عبر تويتر عن الهدنة في اليمن، من اليابان حيث يشارك في قمة الدول الصناعية السبع، وهي التغريدة التي دفعت بمعظم الحكومات الغربية واليابان إلى إصدار بيانات تحث الأطراف على احترام الهدنة.
ما الذي يحمل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إلى أن يغرد عبر تويتر عن الهدنة في اليمن، من اليابان حيث يشارك في قمة الدول الصناعية السبع، وهي التغريدة التي دفعت بمعظم الحكومات الغربية واليابان إلى إصدار بيانات تحث الأطراف على احترام الهدنة.
كيري رحب بالهدنة ودعا جميع الأطراف إلى اغتنام الفرصة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والمضي قدماً نحو الحل السلمي، خارطة طريق مثالية لولا أنها لا تتسم بالنزاهة السياسية، لأن هذا الوزير الذي تحدث بلؤم عن إمكانية وصول الحوثيين إلى عدن في أحد أيام مارس من العام الماضي، ما يزال يخفي أجندة سيئة لمستقبل اليمنيين.
في الجهة المقابلة يحرص الحوثيون على اعتماد خطاب إعلامي وسياسي منضبط إلى حد كبير فيما يخص التعاطي مع الهدنة وخروقاتها، وهو الموقف الذي يتناقض تماما مع السلوك الميداني العسكري للميلشيا.
لا يريد الانقلابيون الذهاب إلى الكويت، لكن هناك نصائح وتحذيرات تلقوها من أطراف عديدة، ربما تدعوهم إلى إظهار قدر من الانضباط حيال الهدنة، ليس احتراماً للهدنة ولكن حتى لا يتحملوا مسئولية انهيارها مما يفسح المجال للحكومة والتحالف للمضي في خطة استعادة صنعاء وحسم المعارك في معظم الجبهات الرئيسية بما فيها تعز بالوسائل العسكرية التي يمتلكون كفتها الراجحة.
كان الانقلابيون والغرب يراهنون على المحادثات السرية الجانبية في الرياض، لتحقيق اختراق يسمح بإعادة التموضع السياسي للميلشيا الحوثية على وجه الخصوص في المشهد اليمني.
وكان من الواضح أن هذا الأمر سيتحقق إعادة تكييف لهرم السلطة الشرعية في اليمن، بما يمكن الحوثيين من البقاء بتأثير ملحوظ، وكان ذلك سيتحقق على ما يبدو عبر حصان طروادة (خالد بحاح)، الذي كان وفقاً لخطة غربية ينتظر أن ينقل الرئيس هادي سلطاته إليه، ولكن ذلك لم يحدث.
لقد تلقى الرئيس هادي الإشارة من قائدة التحالف المملكة العربية السعودية، وأصدر قراراته التي أطاح بموجبها بنائبه ورئيس وزرائه خالد بحاح، وقام بتعيين الفريق علي محسن نائباً لرئيس الجمهورية، والدكتور بن دغر رئيس للوزراء.
ليس مصادفة أن يكون لهذه القرارات الحاسمة ارتدادات دولية وإقليمية، فقرارات كهذه لامست بحق المحظور من الترتيبات السرية التي تشرف عليها أطرافٌ عربية وأجنبية، تبين أنها تخوض المعركة في اليمن ظاهرياً ضد سلاح الحوثي وصالح، وفي الخفاء تجهز لمعركة التخلص من شركاء الحرب المعلنة على الانقلابيين، وهؤلاء الشركاء هم الجزء الأهم من المقاومة وبعض عناصر الجيش الوطني بشبهة انتمائهم للحركة الإسلامية، كما تشير إلى ذلك وسائل إعلام موالية لتلك الأطراف.
اللهجة التي اتسم بها تصريح وزير الخارجية الأمريكية تجاه قرارات الرئيس هادي، غير اعتيادية بالمرة، إلى حد اتهام الرئيس بأنه بإجراءاته يعرقل ذهاب الأطراف إلى المفاوضات.
وعلى الفور يأتي صدى هذه التصريحات من مسئول عربي ينتمي إلى بلد خليجي شريك أساسي في التحالف ليوجه انتقادات غير مباشرة لهذه القرارات.
هذه إذا هي الظروف السياسية التي أحاطت بالهدنة الرابعة، التي تبدو حتى الآن هشة ولا تتمتع بالمصداقية، رغم الإجراءات المتخذة لتسهيل انتشار الفرق المحلية الميدانية، ورغم انضباط الخطاب الميلشياوي الذي يختلف كلياً عن الخطاب المتشنج والاستعلائي للإنقلابيين إبان سريان الهدنة الأولى، والتي كانوا خلالها يسيطرون مع معظم أراضي البلاد ويمتلكون تفوقا ميدانياً كبيراً.
لا أعتقد أن مشاورات الكويت ستحقق اختراقاً ذا قيمة، سيما إذا لم تنجح مشاورات الرياض السرية في التوصل إلى الوصفة السرية للحل.
تلك الوصفة التي تعيد السلطة الشرعية ومؤسسات الدولة إلى كنف هذه السلطة، وتجرد الميلشيا من قدراتها العسكرية، وتبقي لها شيئاً من الحياة في عروقها السياسية مع “كونترول” على البوصلة الطائفية والأيديولوجية للتأكد من أن إيران لن تتمكن مرة أخرى من إعادة بناء هذه الميلشيا لتشكل تهديداً لليمن وللأمن الإقليمي، إذ لا مجال لأن يبقى الحوثيون مرجعية طائفية مسلحة كما هو الحال بالنسبة لحزب الله في لبنان.