فكرة التغيير تتخلق من رحم المعاناة ,ويقودها الوعي ,ويتبناها الصادقين, المتطلعين لتغيير واقعهم والطامحين بواقع محترم , يحترم عقولهم وحقهم في الحياة بكرامة .
وعندما يشتد عود التغيير, وتبدأ تتساقط أدوات النظام الذي يراد تغييره, يدفع بحاشيته لاختطاف عملية التغيير, من السماسرة و المهرجين على قنواته في الإعلام, وبعض من الوجاهات المؤثرة ونفوذ المصالح.
ما حدث لثورتي سبتمبر وأكتوبر, وما علق بها من وساخات وقذارات تطفل عملاء الاستعمار والاقطاع في الجنوب , وعملاء الامامة والرجعية في الشمال, وحدث ما حدث, لنصل الى ما وصلنا إليه, بسبب تلك الآفة .
الهجوم على الوحدة اليمنية, من قبل افات أعداء التغيير, لأنها كانت تحول مهم لخلاص من التطرف الايدلوجي والصراع المناطقي واختطاف السلطة في الجنوب, والنفوذ القبلي والطائفي, ادوات الرجعية المسيطرة على نظام في الشمال .
كانت الجماهير في الشمال والجنوب , تتطلع لتغيير حقيقي , ولهذا اعلن حينها بالأخذ بالأفضل , وكان الأفضل في الجنوب هو بقايا النظام الإداري والمالي الذي تركه المستعمر , وما تبقى من ثقافة وارث عدن المدني والحضرمي , وهي مجرد بقايا كانت تقاوم , رغم تحديات غزو العقلية المثخنة بالعصبيات القادمة من مناطق لم تستوعب بعد المدنية , وهدفها اختطاف السلطة , وكانت مصدر الصراعات منذ أول يوم الاستقلال، تم تصفية شريك النضال من فدائي الكفاح المسلح , واستمرت عملية التصفية كل أربع سنوات, حتى انهك الجنوب الذي لازال قابلا للتفجير , كانت الوحدة هي تضميد إيقاف النزيف .
وما هو أفضل في الشمال هو الانفتاح على العالم , في بلد مختطف يفتقد للدولة والمؤسسات, ويدار بنفوذ قبلي وعسكري, ولوبي فساد وإفساد, وعلاقات مشبوهة مع استخبارات دولية وإقليمية, تدير البلد بوكلاء محليين (عملاء) .
من المؤسف ان النظامين لم يقبلا بالوحدة الا هروبا من الورطة التي هم فيها , الجنوب كان قد بدأ في إصلاح سياسي واقتصادي , وجد مقاومة شديدة من القوى التي تختطف الدولة , والشمال كان منهك من عملية اختطاف دولة الحمدي الوطنية , ومثخن بالفساد ونفوذ المصالح والطوائف, وكان على وشك ان يتفجر .
شعب في الجنوب قبل الشمال كان موحدا و متعطشا لتغيير حقيقي, متطلعين لدولة محترمة تحترم حق الاخر السياسي والاجتماعي والثقافي والديني, كل تلك الفرحة ابان الوحدة, هي فرحة شعبية يمنية, لا علاقة لها بسلطتي التوقيع على الوحدة , الذين وقعوا الوحدة بمسرحية هزلية لم يفصح عن حقيقة أحداثها, غير مشهد تمثيلي لرفع العلم, حتى ان البعض اليوم يسخر منها بتوقيع تحت نفق جولدمور , ورقة او رقتين .
ولهذا تفجرت حرب 1994م الكارثة واختطفت دولة الوحدة , وبقى التغيير ضرورة ملحة , وحاجة وطنية , يترسخ من خلال الهامش الديمقراطي, وكاد ان يحقق مبتغاه, لولا أصحاب المصالح والمنافقين , الذين لازالوا يقدمون التغيير على أنه مؤامرة , ويحشدون ضده , ويساندون قوى خطف الدولة , ويعززون الكراهية والعنصرية بين الشعب اليمني .
لازلنا في مرحلة خطف الدولة بالعنف, من قوى تتلقى الدعم الخارجي , و تتنافس بقوة على ان تكون وكيل حصري للخارج, المختلف أن اليمن اليوم من كثرة الوكلاء , قد يتجزأ كانتونات صغيرة يحكمها وكلاء أو عملاء, بين عدد من الطامعين باليمن, وينهما شعب مكلوم مقهور يتضور جوعا ومجاعة, وتفتك به الآفات, كان في الجنوب أو الشمال, هي ذات القوى التي تريد ان تعيدنا لزمن ما قبل التحرر من الاستعمار والامامة , وبدعم الاستعمار نفسه, والامامة نفسها, وتشكيلة من افة المجتمع, موزعين بين مؤسسات الحشد والتحريض , والتطبيل والتزمير , ومشاهد التغرير والتبرير, ودموع التماسيح, ممن باعوا ضمائرهم ومبادئهم , بل باعوا انفسهم للشيطان ببخس , والله المستعان.