عربي ودولي

كوب27.. قادة العالم يتوافدون صوب شرم الشيخ ونشطاء البيئة “محبطون”

يمن مونتيور/ وكالات:

حضر ناشط المناخ الأوغندي، نيومبي موريس، إلى مصر بمناسبة انعقاد مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب27 الذي انطلق، الأحد، في شرم الشيخ، آملا أن يشارك بالحملة من أجل العدالة البيئية وإيصال صوت أفريقيا، لكن أحلامه تلاشت سريعا.

وأوضح موريس، وهو الرئيس التنفيذي لمنظمة “إيرث فولنتيرز” غير الحكومية التي لا تبغى الربح، “سعدت جدا عندما أعلنوا أن مؤتمر كوب سيعقد في أفريقيا. ظننت أنني ربما أحصل على فرصة في أن أكون موجودا في القاعة التي تجرى فيها المفاوضات”.

إلا أن موريس (24 عاما) الذي ساعده أصدقاؤه على تحمل نفقات السفر إلى مصر، شعر بالقلق ما إن وصل إلى مطار منتجع شرم الشيخ الساحلي المصري، عندما راح مسؤولو الأمن المصريون يوجهون إليه الأسئلة.

وأوضح: “بدأوا يسألون عن أسمائنا وجوازات السفر والأماكن التي سنقيم بها”، موضحا أنه بعد ذلك “لن يكون سهلا علينا الاستمرار في خطتنا”.

وأضاف: “علينا التفكير مليا قبل تنظيم مسيرة أو القيام بشيء ما (..) ماذا لو تتبعوا أحدنا وتم القبض عليه؟”.

وقال موريس الذي كرّمته بريطانيا في يونيو بمنحه جائزة بعنوان “بطل الأرض”، إنه جاء إلى قمة المناخ ليُمثّل مجتمعه “وكذلك أمّي التي فقدت مزرعتها وبيتها سابقا في العام 2008، عندما ضربت الفيضانات قريتي وتسببت بتشريد أكثر 400 شخص بينهم أفراد عائلتي”.

وأضاف: “أنا هنا اليوم لطلب التعويض وأنا أعلم أنّ رؤساءنا هم من يُفترض بي سؤالهم عن هذا التعويض، خصوصا بعد العام 2009 عندما وافقوا على ضخ 100 مليار دولار لم نر منها شيئا إلى اليوم”.

قلق

وتُبدي منظّمات حقوقيّة قلقها من توقيفات حصلت للجم الاحتجاجات. وقال آدم كوغل، المدير المساعد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إنّه “مع وصول المشاركين إلى كوب 27 يتّضح أنّ الحكومة المصرية لا تنوي تخفيف الإجراءات الأمنية التعسّفية والسماح بحرّية التعبير والتجمّع”.

وتُخصّص مصر مساحة للنشطاء في شرم الشيخ للتظاهر والتعبير عن الرأي ولكن بعد إخطار السلطات وموافقتها، مع ضرورة توفير معلومات حول أسماء المنظّمين وتفاصيل حول المسيرة المقرّرة. ويقول الناشط الأوغندي: “السؤال هو، هل تظنّ أنّهم سيوافقون؟”.

وذكر موريس أنّ السلطات المصرية أوقفت الناشط الهندي المدافع عن البيئة، أجيت راجاغوبال، قبل أيام من انطلاق قمّة المناخ، فيما كان يستعدّ للقيام برحلة رمزيّة مشيًا على الأقدام من القاهرة الى شرم الشيخ مسافة 500 كيلومتر.

أوقف راجاغوبال لمدة وجيزة إلى جانب المحامي الذي جاء للدفاع عنه قبل أن يُطلق سراحهما. وقال موريس: “بعد الذي حصل مع هذا الناشط الهندي، كيف نطمئن إلى أنهم سيتركوننا وشأننا؟”.

أتت تصريحات موريس في وقتٍ صعَّد فيه السجين السياسي المصري الأبرز، علاء عبدالفتاح، الأحد، إضرابه عن الطعام الذي بدأه قبل سبعة أشهر، إذ امتنع عن شرب المياه تزامنًا مع انطلاق مؤتمر المناخ، حسب شقيقته سناء سيف.

وحذّرت الأمينة العامّة لمنظّمة العفو الدوليّة، أنييس كالامار، القاهرة في مؤتمر صحفي، الأحد، من أنّه “لم يعد هناك الكثير من الوقت، 72 ساعة على الأكثر لإطلاق سراحه. إذا لم تفعل (السلطات المصريّة) ذلك، فإنّ موته سيحضر في كلّ مناقشات مؤتمر كوب27″.

العام الماضي في كوب26 في غلاسكو، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص رغم الأمطار الغزيرة للمطالبة بـ”العدالة المناخية”.

“مؤتمر الأطراف الملوثين”

صباح الأحد، تظاهرت مجموعة من داعمي النباتيّين الصرف أمام بوّابة قاعة المؤتمرات الدولية التي تستضيف كوب27 ورفعت لافتات تُطالب بالامتناع عن أكل اللحوم، ولم تتعرّض لها السلطات.

وقال أحد المتظاهرين لوكالة فرانس برس “إنّه الحل الأسرع. عندما يتحوّل الجميع إلى الأكل النباتي، سنتخلّص من كمّية كبيرة من غازات الميثان والكربون”.

في المقابل، أكّد موريس أنّ الناشطين موجودون “خارج القاعات” و”غير قادرين على المشاركة في المفاوضات”.

وأضاف: “يُعقد كوب27 في أفريقيا، لكنّي لم أنل حتّى فرصة التحدّث ولم يُسمح لي حتّى بدخول القاعة (لحضور الافتتاح)”، مشيرا إلى أنّ بطاقة تعريفه في المؤتمر تحمل صفة مراقب وليس مندوب.

وأوضح أنّه يُتابع أعمال المؤتمر عبر البثّ على الإنترنت، مؤكّدًا “هذا ليس مؤتمر الأطراف الأفريقي، إنّه مؤتمر الأطراف الملوثّين.. انظر، كوكا كولا موجودة”، في إشارة إلى الشركة الراعية للحدث التي تعتبرها منظّمة غرينبيس “المسؤول الأوّل عن التلوث البلاستيكي في العالم.

توافد قادة العالم

اعتبارا من الاثنين، يتوافد قادة العالم إلى مصر للمشاركة في كوب27، فيما يتعرضون لضغوط كبيرة لتعزيز تعهداتهم المناخية إزاء الاحترار الآخذ بالارتفاع ولتوفير دعم مالي للدول الفقيرة أكثر المتضررين من التغير المناخي.

وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات الاثنين والثلاثاء أمام المندوبين المجتمعين في شرم الشيخ في إطار مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ.

تأتي هذه المداخلات على خلفية أزمات متعددة مترابطة تهز العالم وهي الغزو الروسي لأوكرانيا والتضخم الجامح وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء في حين سيتجاوز عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة.

وهذه “الأزمة المتعددة الجوانب” قد تدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات رغم أن تداعياتها المدمرة تجلت كثيرا العام 2022 مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وجفاف عاثت فسادا بالمحاصيل.

تراجع

وقال مسؤول المناخ في الأمم المتحدة لدى الافتتاح الرسمي لكوب27، سايمن ستييل، الاثنين، “كل الأزمات مهمة لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة” مثل الاحترار المناخي الذي ستُواصل عواقبه المدمرة “التفاقم”. إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير في ما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار.

وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 بالمئة بحلول العام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 طموحا ويقضي بحصر الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.

لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تراوح بين 5 و10 بالمئة ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2,4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.

غير أنّه مع السياسات المتّبعة راهنًا، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2,8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة.

وفي مؤشر إلى “التراجع” الذي يخشاه كثيرون، وحدها 29 دولة رفعت إلى كوب 2021 خططا بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات رغم أنها أقرت “ميثاقا” يدعوها إلى القيام بذلك.

وستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ.

كما يترقّب العالم باهتمام الإعلانات المتعلّقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى لو أنّ مسؤوليّتها فيها محدودة إذ إنّ انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جدا.

وفي بادرة يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى كوب27، الأحد، للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة من الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.

وتُقدّر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير. فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها بأضرار قُدّرت بأكثر من 30 مليارا.

وتُطالب الدول الضعيفة إزاء هذه التداعيات، بآليّة تمويل خاصّة، إلّا أنّ الدول الغنية تتحفّظ على ذلك، إذ تخشى أن تحمل المسؤولية رسميًا وتُفيد بأنّ نظام تمويل المناخ معقّد كفاية بحالته الراهنة.

غياب

ويجرى المؤتمر في غياب طرفَين رئيسيين. إذ يغيب الرئيس الصيني، شي جيبينغ، عن كوب27 في حين أنّ نظيره الأميركي، جو بايدن، المنشغل بانتخابات منتصف الولاية، الثلاثاء، سيمرّ على شرم الشيخ سريعًا في 11 نوفمبر.

بيد أنّ التعاون حيوي بين البلدين اللذين يُصدران أعلى مستوى من انبعاثات غازات الدفيئة وتشهد علاقاتهما توتّرًا شديدًا. لكن قد يلتقي شي وبايدن في بالي في الأسبوع التالي، على هامش قمّة مجموعة العشرين.

في المقابل، يحضر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الداعم الكبير للإنتاج النفطي.

ويأتي أيضًا رئيس الوزراء البريطاني الجديد، ريشي سوناك، الذي أكّد أنّه سيتطرّق في مصر إلى قضيّة المعتقل المصري الذي يحمل الجنسيّة البريطانيّة علاء عبدالفتاح المضرب عن الطعام منذ سبعة أشهر والذي توقف عن شرب المياه الأحد بحسب عائلته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى