استراتيجية حوثية طويلة الأمد.. هل يمكن إنقاذ العملية التعليمية في اليمن من أفكار الكهنوت؟
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من فخر العزب
لم تكتفِ جماعة الحوثي الانقلابية بتفخيخ الأرض بهدف قتل الإنسان اليمني، بل عمدت إلى تفخيخ العقول بهدف تدمير المجتمع اليمني، عبر بثها للأفكار الطائفية داخل المناهج الدراسية التي أجرت عليها تعديلات تهدد من خلالها النسيج الاجتماعي لليمنيين.
ومن خلال التعديلات التي أجريت على المناهج التعليمية تسعى الجماعة الارهابية إلى زرع أفكارها في الأجيال القادمة، عبر غسل أدمغة الأجيال بأفكار الخرافة والكهنوت، كما أن الجماعة تريد أن تضمن وجود أتباع لها في قادم الأيام، ما جعلها تستهدف الأطفال والنشء بأفكارها الهدامة التي دستها في المناهج الدراسية.
الباحث عبده القادري قال في حديثه لـ”يمن مونيتور” إن “جماعة الحوثي تدرك أن الحرب ستنتهي يوما ما، وإن أي تسوية سياسية مهما كانت ستساعد إلى حد كبير في تحجيمها، لذلك تتعمد أن تستغل فترة الحرب وسيطرتها التامة على بعض المناطق وحكمها للناس بالحديد والنار لتبث سمومها الفكرية في العملية التعليمية برمتها، ابتداء من طابور الصباح المدرسي مروراً بالأنشطة والفعاليات ومفردات الكتاب المدرسي وحتى الزج بأولئك الأطفال والمراهقين إلى جبهات القتال بعد تلقيهم العديد من الدورات الطائفية”.
الاستفادة من الوقت
ويضيف “القادري” أنه “حتى اذا أقدمت جماعة الحوثي أو أُجبِرت مستقبلاً على أي حل سياسي مثلاً فستكون تلك الجماعة ضمنت جيلاً يحمل أفكارها ومعتقداتها، وهكذا تحاول الاستفادة من الوقت.
وتابع: “لذلك فإن كل المحاولات التي تطرح الآن وان كانت ستحد من الانخراط في تلك الأفكار والمعتقدات الدخيلة على مجتمعنا اليمني لكن لا حل نهائي أمام الشعب اليمني إلا بسحب البساط من تحت تلك المليشيات واستعادة المناطق الواقعة تحت سيطرتها لأن الوقت بكل تأكيد عاملاً مساعداً لتمدد وتوسع تلك الجماعة بين أوساط الناس مهما كان رفضهم لها لكنه من الصعب السيطرة على جيل كامل نشأ في أيام حكمهم ودخل المدرسة وتعلم ما يدسونه في تلك المناهج التعليمية”.
الصحفي خليل العمري وفي حديثه لـ”يمن مونيتور” قال إن لدى “الحوثي استراتيجية طويلة الأمد بتفخيخ العقول بعد تفخيخهم للأرض بالألغام، فنحن أمام استراتيجية تلغيم الحياة بشكل شامل، تغيير المناهج واحدة من هذه الاستراتيجية الفظيعة التي يسلكها الحوثيون ولهذا أسندوا وزارة التربية والتعليم في مناطق سيطرتهم لشقيق زعيم الحوثيين يحيى الحوثي”.
ولا يعتقد العمري أن الحوثيين قادرين على “غسل أدمغة الأجيال القادمة مهما كانت محاولاتهم قائمة، لدينا تاريخ طويل من محاولات الأئمة تجهيل اليمنيين وقطرنتهم وتجهيلهم وإضفاء قداسة دينية على وجودهم في الحكم ولكنها كلها تلاشت مع أول فكرة للجمهورية والتحرر”.
إضراب شامل
وفي أول رد فعل لنقابة المعلمين تجاه تغيير الحوثيين للمناهج دعت النقابة جميع منتسبيها في الحقل التربوي في مناطق سيطرة المليشيا إلى الاضراب الشامل عن التدريس في كافة المرافق التعليمية والتوقف عن العمل الإداري والتربوي.
وفي بيان صادر عنها قالت النقابة إن التغييرات التي أدخلت على المناهج تستهدف تفتت النسيج الاجتماعي وطمس الهوية الوطنية، مضيفة إن التغيرات المستمرة خصوصا الاخيرة التي قامت بها اللجنة العليا لإعداد المناهج بوزارة التربية والتعليم في المناهج الدراسية وصبغه بالأفكار الطائفية، يعد انقلابا واضحا على النظام الجمهوري وتجريف للهوية الوطنية يهدف لصناعة أجيال ملغمة عقائديا بتلك الأفكار الطائفية التي تهدد النسيج الاجتماعي الواحد الثري بتنوعه الثقافي.
إنقاذ العملية التعليمية
ويشير “القادري” إلى أن المعركة الفكرية تحتاج إلى مساندة الجانب السياسي بالتدخل المباشر من قبل الجهات الحكومية ممثلة بوزارة التربية والتعليم التابعة للشرعية من حيث إيجاد نظام تعليمي موازٍ واستخدام ما يمكن استخدامه من بعض البرامج والتطبيقات التي تم استخدامها في بعض الدول أثناء أزمة كوفيد-١٩ مع مراعاة خصوصية الواقع وظروف الإنسان اليمني من معاناة متعلقة بشبكة الإنترنت وخدمة الاتصالات.
وتابع: “لذلك فيمننّة تلك الوسائل أمر حتمي لمواجهة تلك التحديات والعمل على تقليل احتمالية حدوث الكارثة الفكرية بمساندة أولياء الأمور في توعية أبنائهم وتحذيرهم من تلك الاستهدافات المقصودة لعقول أبنائنا الطلاب، آملين أن تحقق آمالنا وآمال الشعب اليمني في الخلاص من تلك المليشيات ودحر فكرها الدخيل”.
ومن وجهة نظر “العمري”: “يمكن إنقاذ العملية التعليمية من خلال مقاومة هذه الاستراتيجية التجهيلية ورفضها، وضخ الوعي للناس طلابا وأولياء أمور بمدى خطورة تغيير المنهج الدراسي والتغييرات التي تضعها جماعة الحوثيين عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة، وأيضا تغيير كتب التربية الوطنية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والتي ما زالت تقدم وعياً هشاً وناقصاً ولا يلبي متطلبات المرحلة الصعبة التي تمر بها اليمن”.