شابتان “تقودان تغييرا حقيقيا” لحل مشاكل المناخ في اليمن
يمن مونيتور/ واشنطن:
“تقودان تغييرا حقيقيا في بلدهما الذي يئن بسبب الحرب والصعوبات الاقتصادية والبيئية”، هكذا احتفت الأمم المتحدة بمشاركة شابتين من اليمن هما إشراق السويدي وإيثار فارع، في حدث في نيويورك، على هامش مناقشات الدورة الـ 77 للجمعية العامة هذا العام التي جمعت كبار القادة والمسؤولين في العالم.
وشاركت الشابتان اللتان تبلغان من العمر 24 عاما، في مؤتمر “قوة العمل” العالمي، حيث شاركت مبادرة الشباب من أجل المناخ، التي أطلقتها حكومة إيطاليا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
أطلقت السويدي، العضوة في برنامج القيادة الشابة اليمنية، مبادرة تستهدف الأطفال وطلاب المدارس للمساعدة للتوعية بتغير المناخ من خلال تنظيم أنشطة تثقيفية حول مخاطر تغيّر المناخ.
ورغم أنها تخرّجت من كلية التجارة والاقتصاد من جامعة صنعاء، فقد كان لديها شغف واهتمام بقضايا المناخ والبيئة، حيث نقل عنها موقع الأمم المتحدة، قولها: “عملتُ في أكثر من مشروع يدعم قضايا المناخ والبيئة وتلقيت العديد من البرامج التدريبية في هذا المجال. كان أولها مع برنامج القيادات الشابة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
وأطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية برنامج القيادات الشابة، في عام 2015، لتسخير إمكانيات الشباب للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
الجيل الصاعد
وأشارت السويدي إلى أنه يجري العمل على توعية المجتمع بقضايا المناخ، لكن اهتمامات الشعب اليمني بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية كانت مختلفة جدا، مشيرة إلى أنه عند الحديث عن المناخ مع الناس “يجدونه أمرا غريبا وغير ضروري”.
لذلك فكرت السويدي باستقطاب الجيل الصاعد، من طلاب المدارس والأطفال، وحاولت أن تزرع فيهم الوعي بشأن مخاطر التغير المناخي والأخطار التي يمكن أن تحدث إذا ما تواصل تطبيق العادات السلوكيات ذاتها.
وتقول: “بدأنا نتردد على بعض المدارس لتوعية الطلاب لغرس الأسس الصحيحة والعادات السليمة من الآن، حتى يكبروا وتكبر معهم هذه الأفكار. نستخدم العديد من الأنشطة الترفيهية التي يمكن أن تساعد في ترسيخ الفكرة في عقول الأطفال، كالرسوم المتحركة والأفلام والألعاب الترفيهية”.
وعن الممارسات الجيدة، تقول إشراق: “نعلّمهم التشجير وأهميته وكيف يمكن للأشجار أن تساعدنا، وكيف يمكننا حماية الكوكب بعدة وسائل بممارسات بسيطة، مثل بستنة الأماكن المهملة والتقليل من استخدام المواد البلاستيكية، في المراحل الأولى، بعدها التدوير وكيف يمكن إعادة استخدام المواد بطريقة صحيحة”.
تحويل النفايات العضوية
أما إيثار فارع، ابنة مدينة عدن، فقد طوّرت فكرة إبداعية في تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة عضوية للأراضي الزراعية مما سيخفض تراكم النفايات في المدن ويقلل من تلوث الهواء الناتج عن حرقها كوسيلة للتخلص منها.
يختص مشروع فارع في جمع وتصنيف النفايات بالتنسيق مع مؤسسات صناديق النظافة في اليمن لتحويلها إلى سماد عضوي للأراضي الزراعية باستخدام التحلل الحراري للنفايات ونوع من ديدان الأرض التي تقوم بعملية تحليل النفايات.
تقول فارع لموقع الأمم المتحدة: “بعد الحرب تدمرت البنية التحتية نهائيا، أصبحت الأماكن لا تطاق. نبعت الفكرة من هنا، لماذا لا نفكر في حل للتخلص من النفايات وفي نفس الوقت يعود بالفائدة علينا؟”.
مصاعب وتحديات
أكدت فارع أن وضع البلاد صعب من ناحية جمع المعلومات والتمويل، ومن نواحٍ عديدة، كالتعاون مع المؤسسات الحكومية، “في كل خطوة نجد صعوبات كثيرة ولكن نحاول تجاوزها”.
لكنها أشارت إلى أن شباب اليوم يتمتع بوعي كبير، “ربما هي ليست فئة كبيرة جدا، لكنّها فعّالة جدا، خاصة الفتيات”.
وقالت: “تدخلاتهم وتفاعلاتهم كبيرة جدا، بالأخص من الناحية البيئية. نحن من هذا الجيل أدركنا الضرر، وتسلّمنا الكوكب والبيئة وهما مدمّران. نحاول تحسين الوضع الذي نتج عن الأجيال السابقة، وهذه مسؤولية كبيرة وحمل ثقيل علينا”.
من ناحيتها، أوضحت فارع أن سبب شغفها في البيئة والعمل المناخي أنه لم تكن لديها أدنى فكرة عن التغيّر المناخي وماهيته، “لذلك رغبت أن تتكرر حكايتي مع الأجيال المقبلة، وأردت أن تصلهم فكرة معنى التغير المناخي، وما هي الأضرار التي تحدث ونحن لا ندري أنها نتيجة تصرفاتنا.”
حياة مختلفة وصعبة
أعربت السويدي عن أملها في مستقبل أفضل لليمن من هذا الذي تعيشه الأجيال الآن، “ليس من الجوانب البيئية فحسب، ولكن من جميع الجوانب أيضا”.
وأكدت أن يدا واحدة لا تقدر على فعل شيء، “يجب أن نتعاون جميعنا كشباب وكأطفال كي نخدم البلد بإذن الله، ونحصل في الختام على حياة يرضاها الجميع”.
وقالت إن اليمنيين يعيشون حياة مختلفة وصعبة مقارنة بالآخرين “ولكن هذا ما يجعلنا نتميز بالفعل. هذه الصعاب جعلت مني ومن الشباب الآخرين صانعي فرص نعمل على استغلال جميع الفرص التي تتاح لنا رغم كل الصعوبات. وهذا ما يجعلني على ثقة بأنه في نهاية هذا الطريق الصعب، سنجد ما صبرنا وتعبنا من أجله جميعا”.
أما فارع فتتمنى أن تتوقف الحرب وأن ينهض اليمن اقتصاديا “وأنا واثقة بأن بإمكانه النهوض اقتصاديا.. أتمنى جدا أن ينهض اليمن باقتصاد قوي يعطي للبيئة مكانتها فيه”.
في العام الماضي في ميلانو، بإيطاليا، اجتمع مئات الشباب من جميع أنحاء العالم لمناقشة وجهات النظر والقضايا المفتوحة والأفكار الجديدة لإبطاء تغيّر المناخ.
ويأتي اجتماع هذا العام في وقت مناسب، قبيل مؤتمرين مهمّين: مؤتمر الأطراف “كوب 27” في شرم الشيخ بمصر من 6 إلى 18 نوفمبر، ومؤتمر “كوب 15” حول التنوع البيولوجي في مونتريال بكندا، من 7 إلى 19 ديسمبر.