المناصب السيادية والأمنية… هل تؤجل إعلان تشكيل حكومة “السوداني” في العراق؟
يمن مونيتور/ سبوتنيك:
تسود العراق حالة من التخوف من عدم تمكن رئيس الوزراء المكلف، محمد شياع السوداني، من عدم استطاعته تشكيل الحكومة في الموعد الدستوري، وعودة البلاد من جديد إلى المشهد السابق.
هل يستطيع رئيس الوزراء العراقي المكلف تجاوز التقسيمات العرقية والطائفية والخلافات السياسية، ويعلن تشكيل الحكومة في الموعد الدستوري المحدد؟
بداية، يقول المحلل السياسي العراقي، إياد العناز: “جاءت الأحداث الأخيرة وتحديدا بعد الصدامات المسلحة ليلة الثلاثين من شهر أغسطس/ آب الماضي، وما أفرزته التطورات السياسية وانسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي، وما تلاها من موقف دولي واضح مدعوم برأي ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، لتؤكد على ضرورة الشروع بالحوار لحل الخلافات السياسية والابتعاد عن الصراعات بين الأحزاب والكتل السياسية، المشاركة في العملية السياسية والإسراع بتشكيل حكومة عراقية بكامل الصلاحيات لإدارة البلاد وإقرار الميزانية وعقد الاتفاقيات والمعاهدات مع بلدان العالم، مع ضرورة عدم إقصاء أي طرف سياسي، وهذا شكّل رؤية سياسية دولية إقليمية ورسالة تلقتها الأحزاب السياسية، وكان ذلك قبل أسبوع من انتخاب رئيس للبلاد، والجميع كان يدرك أن العراق ذاهب إلى التدويل إذا لم يتم الاتفاق السياسي بين جميع الأطراف”.
الضغط الدولي
وأضاف العناز في حديثه لـ”سبوتنيك” أن “حالة عدم وجود رؤية سياسية واضحة لحل جميع الخلافات، أدت إلى حالة من الإنهاك السياسي الذي أصاب جميع الأحزاب السياسية، أضف إلى ذلك أن تحكم العديد من القوى المنفذة بآرائها وشروطها حال دون أي اتفاق سياسي، مما جعل الضغط الدولي يتصاعد في التدخل بتشكيل الحكومة القادمة، ولهذا كان الترحيب الدولي والإقليمي واضحا بعد اختيار، محمد شياع السوداني، وتكليفه من قبل الرئيس المنتخب لاختيار أعضاء الحكومة العراقية المقبلة”.
التحالفات السياسية
وأكد العناز أن “تغيير العديد من التحالفات السياسية بين الأحزاب والتي فرضتها الظروف المتوالية على المشهد السياسي العراقي، وما أفرزته عملية انسحاب التيار الصدري من البرلمان وإعلانها عدم المشاركة في حكومة السوداني، أدى ذلك إلى ترشيح الأحزاب ممثليها للحقائب الوزارية، وحسب التوافقات السياسية والمحاصصة الطائفية، ورغم الخلافات القائمة الآن حول مديات الاختيار للوزارات، وحسب رغبات وتطلعات الأحزاب ومحاولة استحواذها على الوزارات السيادية والخدمية والأمنية، إلا أن الجميع ذاهب لإقرار وتأييد تشكيل الحكومة”.
تحديات كبرى
وأوضح المحلل السياسي أن “الحكومة العراقية القادمة سيكون أمامها الكثير من التحديات، وأهمها مكافحة الفساد ومحاسبة شبكات سرقة المال العام ونهب الثروات، وتبيض الأموال وتهريبها خارج الوطن، وإيجاد حلول جذرية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين المستوى المناسب لأبناء الشعب والحفاظ على أمن واستقرار البلاد، والتمسك بالقرار السياسي المستقل”.
وأضاف أن من تحديات الحكومة العراقية “معالجة زيادة نسبة البطالة في المجتمع العراقي التي وصلت إلى 25 بالمائة مع نسبة التضخم التي ارتفعت إلى 36 بالمائة، ودعم برامج التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
الفشل الأول
من جانبه، يقول عضو الميثاق الوطني للتغيير في العراق، عبد القادر النايل، إن “الفشل الأول الذي رافق تشكيل الحكومة، كان نتيجة لعدم إيفاء الإطار التنسيقي الذي تعهد هو وشياع السوداني أن إعلان الكابينة الوزارية كان يوم السبت الماضي، وبسبب الخلافات على الوزرات و التقاسم الحزبي والمحاصصة كشف أن برنامج السوداني ذهب أدراج الرياح بعد أن أعلن متعهدا أن الكفاءات هي التي ستحتويها حكومته الجديدة”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أن “الخلافات على المناصب والوزارات الأمنية ستؤجل إعلان الحكومة أو بالحد الأدنى ستعلن حكومة ناقصة لحين الاتفاق على الأسماء، لأن هناك عدة طرق منها التنافس على الوزارات بين المتساوين في المقاعد، وبين الاستحقاقات المالية للأحزاب، إذ وصل سعر بعض الوزارات إلى 3 مليار دولار يدفعها المرشح مقدما، وهذا عَقد من حسم أسماء الكابينة الوزارية”.
وأشار النايل إلى أنه “في نهاية المطاف أكيد بعد التوافق ستمرر الكابينة ولاسيما بعد التدخل من أمريكا وإيران لتمريرها، لأن ما يهم أمريكا هو تدفق الطاقة والنفط إلى الأسواق ولاسيما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية التي مكّنت روسيا من فرض آلية جديدة على مستوى العالم، إذ تأثرت أوربا وأمريكا بملف الطاقة”.
وشهد العراق في شهر أغسطس/ آب، اشتباكات دامية راح ضحيتها أكثر من 30 قتيلا، وعدد كبير من المصابين، عقب اقتحام أنصار “التيار الصدري” عددا من المقار الحكومية في بغداد، فور إعلان زعيم التيار، مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي.
وانسحب أنصار التيار الصدري من الشارع، امتثالا لتوجيهات زعيم التيار، الذي انتقد ما وصفها بـ”الثورة” والعنف الذي تخلل الاحتجاجات.
ويأتي قرار الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، باعتزال العمل السياسي، بعد أشهر من الصراع الذي خاضه التيار ضد الإطار التنسيقي “الذي يضم أحزابا وقوى شيعية”، من أجل تشكيل حكومة أغلبية، بعد فوز التيار الصدري بالأغلبية في البرلمان.
وكلّف الرئيس العراقي المنتخب، عبد اللطيف رشيد، مساء الخميس قبل الماضي، محمد شياع السوداني، بتشكيل الحكومة الجديدة، وذكرت وكالة الأنباء العراقية أن الرئيس رشيد كلف السوداني بتشكيل الحكومة بمجرد الإعلان عن انتخابه رئيسا للجمهورية من قبل مجلس النواب.
من جانبه، استنكر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تكليف الرئيس العراقي الجديد عبد اللطيف رشيد لمحمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة بعد ترشيحه من قبل الإطار التنسيقي (الذي يضم أحزابا وقوى شيعية) الذي يعد خصم التيار الصدري.
ووجّه المتحدث باسم مقتدى الصدر صالح محمد العراقي، في بيان، انتقادا لاذعا للحكومة، معتبرا أن السوداني بدأ يشكل “حكومة ائتلافية تبعية ميليشياوية”.